كشفت مصادر سياسية مطلعة عن قيام أجهزة مصرية بتجهيز تصور لإخلاء السكان من مساحات واسعة في مناطق رفح المصرية وبلدة الشيخ زويد في محافظة شمال سيناء، مستغلة حالة الغضب الشعبي في أعقاب الاعتداء الإرهابي الذي استهدف قوات الجيش المصري في قرية البرث، وتبناه تنظيم "داعش"، والذي أسفر عن مصرع نحو 30 من عناصر الجيش وإصابة العشرات.
وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إنه "يتم في الوقت الراهن تحضير التصور بين الأجهزة الأمنية وتحالف دعم مصر، والذي يمثل الأغلبية البرلمانية، لتمريره بغطاء نيابي، مع ترويج إعلامي يفيد بأهمية القيام بتلك الخطوة للقضاء على العناصر التكفيرية في سيناء". وكانت مصر قد أعلنت، في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، إقامة منطقة عازلة، بطول 13.5 كيلومتراً وعمق 500 متر على الحدود مع قطاع غزة، في أعقاب هجوم دموي استهدف قوات الجيش المصري وأسفر عن مقتل نحو 30 جندياً، قبل أن تقوم القاهرة بتوسيع تلك المنطقة لتصل إلى عرض كيلومتر في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه. وعقب تلك التوسعة قامت القوات المسلحة المصرية بتوسعة ثالثة للمنطقة العازلة، لكن من دون الإعلان عن ذلك، وسط سخط عارم بين أهالي سيناء الذين تضرروا من عمليات التهجير القسري، بعد هدم منازلهم، إذ أوضحت الإحصاءات أن المرحلتين الأولى والثانية شملتا هدم نحو 2000 منزل.
وكشف مصدر عسكري مصري أن ثمة تصوراً لإخلاء نحو 30 كيلومتراً في سيناء لتطهيرها من الإرهاب، على حد تعبيره، علماً أن الاعتداء على القوات المصرية يوم الجمعة الماضي حصل في منطقة قريبة من الحدود الفلسطينية. كذلك شرعت الحكومة التي تدير قطاع غزة، بإقامة ما يشبه المنطقة العازلة أيضاً من الجهة الفلسطينية للحدود مع مصر، وذلك من ضمن مطالب مصرية تتعلق بأمن تلك المنطقة، والتي تشهد أحياناً محاولات انتقال لعناصر مسلحة من الأراضي المصرية وإليها. ويتوقع أن تشتد الرقابة الأمنية على المنطقة الحدودية من الجهة الفلسطينية، وعلى المنشآت من الجهة المصرية لمعبر رفح، قبل عيد الأضحى، كما سبق وأوضح المسؤول في حركة "حماس"، محمود الزهار.
وأكد المصدر أنه سيتم توفير مساكن بديلة للسكان الذي سيتم إجلاؤهم من منازلهم جراء الخطوة المرتقبة، تمهيداً لشن حرب مفتوحة في سيناء. في المقابل، قال النائب عن محافظة شمال سيناء، سلامة الرقيعي، إن دعوات التهجير لأبناء سيناء مرفوضة قطعاً، مشدداً على أن "هذه دعوات فارغة وأبناء سيناء لن يسمحوا بتمريرها". وأكد أن "التهجير القسري مرفوض دستورياً، وبقاء المواطنين في مناطقهم خير دليل للرد على تلك المحاولات الإرهابية". يأتي هذا في الوقت الذي أكدت فيه مصادر قبلية تمسّكهم بأراضيهم وعدم سماحهم هذه المرة بترك أراضيهم وبيوتهم، موضحة أنهم "ظلوا متمسكين بها في ظل الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، فهل من المعقول أن يجبروا على تركها في الوقت الراهن بدعوى قيام مجموعات بتنفيذ عمليات إرهابية؟". وأضافت المصادر أن "كافة قيادات الدولة، السياسية والعسكرية، أكدت أن الإرهاب لن يكسرنا، وأن الإرهابيين الموجودين في سيناء ما هم إلا حفنة تراب سيتم نفخها، فكيف لهم الآن أن يسعوا إلى إخلاء منازلنا؟".