تعيش عائلتا الأسيرين الفلسطينيين إسلام يسر وشاحي (34 عاما) وعدي عادل سالم (30 عاما) حالة من التوتر والقلق على مصير ابنيهما اللذين أصيبا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال أعمال القمع الذي تعرض له الأسرى في سجن النقب مطلع الأسبوع الجاري، في حين تزعم سلطات الاحتلال أنهما طعنا سجانين خلال الاعتداء على الأسرى.
عائلة إسلام من قرية مثلث الشهداء جنوب جنين شمال الضفة الغربية، تعيش أجواء حزينة في ظل الغموض الذي يكتنف مصير إسلام، المحكوم بالسجن مدة 19 عاما منذ عام 2002، بتهمة مقاومة الاحتلال ضمن كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة "حماس"، وبقي من حكمه سنتان وسبعة أشهر، وكانت العائلة تنتظر الإفراج عنه بفارغ الصبر، وأصبح همها الآن الاطمئان على حياته.
الأسير إسلام يسر وشاحي
ويقول غسان وشاحي، شقيق إسلام، لـ"العربي الجديد": "أمضى إسلام حكمه في عدة سجون، ونقل قبل أربع سنوات إلى سجن النقب، وحين وردتنا الأنباء عن إصابته أصبنا بجو من التوتر والقلق حول مصيره، نحن لا نعرف سوى أنه أصيب بالرصاص المطاطي هو والأسير عدي سالم، نقلا بعدها بواسطة مروحية إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع، وكان معهما سبعة أسرى آخرين أصيبوا برضوض نتيجة الاعتداء عليهم وأعيد بقية الأسرى سوى إسلام وعدي، بينما أصيب عشرات الأسرى بحالات اختناق بالغاز وتمت معالجتهم ميدانيا".
ولا تمتلك عائلة وشاحي عن ابنها الأسير إسلام أية تفاصيل أخرى، سوى أنه أصيب خلال إخراج قوات الاحتلال الأسرى بالقوة من قسم 4 إلى قسم 3 في سجن النقب من أجل تركيب أجهزة تشويش لمنع اتصالات الأسرى.
وأوضح غسان شقيق إسلام "كان في القسم 100 أسير، وكانت قوات الاحتلال تخرج الأسرى على أفواج في كل فوج عشرة أسرى، وكان إسلام وعدي في الفوج الأخير عند إطلاق الرصاص عليهما من نقطة صفر وهو ما يجعل العائلة قلقة أكثر، لقد استفزوا الأسرى حينها ولا نعرف ما جرى، ونحن لا نمتلك أية معلومات عن إسلام، ومنعوا زيارة المحامي عنه وعن عدي، وحتى المعلومات حول مكان وجوده متضاربة، فتارة تصلنا معلومات أنه موجود في مستشفى سوروكا وتارة في مستشفى سجن الرملة، وما يقلقنا أننا لا نعرف حالته الصحية".
ويشير غسان إلى وجود تقصير من قبل الجهات الرسمية المختصة في السلطة الفلسطينية لإخبارهم بمصير إسلام، ويقول: "نحن من يبادر ويذهب إليهم، ونحن من ذهبنا إلى الصليب الأحمر الدولي لمعرفة مصير إسلام، وتواصلنا مع نواب عرب في الكنيست والذين أرسلوا محامين للمستشفى لمعرفة حالة إسلام الصحية، لكن تم منعهم ولا يزال مصيره غامضا".
وتناشد عائلة وشاحي جميع هيئات حقوق الإنسان وهيئة شؤون الأسرى والمحررين أن يشعروا بمعاناتها ويطمئنوها على إسلام، "الأب والوالدة والإخوة والأخوات، نعيش على أعصابنا في حالة توتر، نحن نريد الاطئمان على إسلام ولو باتصال هاتفي منه"، يقول غسان.
ويؤكد غسان وشاحي أن من حق الأسرى أن يحتجوا ضد إجراءات الاحتلال بحقهم، وخاصة تركيب أجهزة التشويش التي قد تصيب الأسرى بمرض السرطان نتيجة الموجات التي ترسلها، "لقد بدأوا بخطوات سلمية احتجاجية، ونتيجة للمضايقات عليهم حدث ما حدث.
يتمتع إسلام بالحيوية والنشاط حتى وهو في داخل السجن، وهو إنسان مضحٍ، تطوع ليكون في العزل تضامناً مع الأسير ضرار أبو سيسي الذي اعتقله الموساد الإسرائيلي في أوكرانيا قبل عدة سنوات، وأضرب الأسرى لأجله وحلت القصة بكسر عزله بهذه الطريقة. بينما استثمر إسلام وقته وحصل على الثانوية العامة وبكالوريوس في التاريخ من جامعة القدس المفتوحة عن طريق الانتساب.
الأسير عدي عادل سالم
ذات الأجواء تعيشها عائلة الأسير الجريح عدي سالم من قرية الشواورة شرق بيت لحم جنوب الضفة، والمعتقل منذ العام 2010 بتهمة مقاومة الاحتلال ومحكوم بالسجن مدة 9 سنوات تنقل خلالها في عدة سجون إلى أن نقل قبل ست سنوات إلى سجن النقب، كان مفعما بالحيوية ويستثمر وقته بالسجن ويدرس تخصص الخدمة الاجتماعية في جامعة القدس المفتوحة.
ويبقى لعدي من حكمه 16 شهرا، وينتظر والده الإفراج عنه إذ كان يجهز منزله ويحتفل بزفافه، لكن ما جرى كان صدمة للعائلة، ولا تمتلك العائلة تفاصيل كافية عن حالته الصحية، وحاولت جاهدة من خلال المؤسسات الحقوقية أن تهدئ من قلقها دون جدوى.
ويناشد والده عبر لـ"العربي الجديد"، كل من يعرف أية معلومة عن ابنه سواء أشخاص أو مؤسسات حقوقية أن يبلغ العائلة بها من أجل الاطمئنان عليه ومعرفة حالته الصحية.
قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت منزل عائلة عدي في قرية الشواورة فجر اليوم الأربعاء، وفتشته وعبثت بمحتوياته، وحققوا ميدانيا مع والده حول طبيعة حياة عدي وظروفه الاجتماعية.
ويوضح الوالد "سألت ضابط الاحتلال الذي اقتحم منزلي عن مصير ابني عدي فلم يتجاوب معي، وأبلغني أنه مصاب وموجود في مستشفى سوروكا، وبعد انتهاء علاجه سيتم تحويله للتحقيق، وأنه متهم بطعن أحد السجانين".
الاحتلال يعاقب الأسرى
في السياق ذاته، أعلن نادي الأسير الفلسطيني في بيان له، اليوم الأربعاء، أن "إدارة سجن النقب الإسرائيلي نفذت في اليوم ذاته الذي تم فيه الاعتداء على الأسرى تفتيشات واقتحامات طاولت عدداً من الأقسام، واستمرت لساعات عاثت خلالها خراباً داخل غرف الأسرى".
وأوضح نادي الأسير أن أسرى قسم (4) الذين نُقلوا إلى قسم (3) وعددهم قرابة 90 أسيراً عزلتهم إدارة المعتقل في القسم، وجرّدتهم من كافة المقتنيات وسحبت الفرشات والأغطية منهم، إضافة إلى تقييدهم "بالأبراش" (أسرّة النوم)، علماً أن جزءا من الأسرى هم من المرضى وكبار السن.
يُشار إلى أن إدارة السجن أدخلت مساء أمس، فقط الأغطية والفرشات إلى القسم بعد ضغوط من رفاقهم الأسرى في الأقسام الأخرى.
من جهة ثانية، نشر نادي الأسير الفلسطيني، أسماء الأسرى الذين أُصيبوا في معتقل "النقب الصحراوي"، ونقلوا إلى المستشفى وأُعيدوا لاحقاً إلى المعتقل، وهم: الأسير سلام القطاوي من رام الله، وسلمان مسالمة من الخليل، ونوفل عداوين من بيت لحم، ومحمود عمارنة من جنين، بالإضافة إلى إبراهيم بيادسة من الأراضي المحتلة عام 1948 وهو أحد الأسرى القدامى، علاوة على عبد الكريم أبو زر من نابلس، وعناد البرغوثي من رام الله، وجهاد الزغل من القدس.
وقال نادي الأسير إن "كافة الأسرى المصابين تمت إعادتهم إلى معتقل النقب، عدا الأسيرين إسلام وشاحي من جنين، وعدي أبو سالم من بيت لحم، حيث تدعي إدارة السجن أنه جرى نقلهما من المستشفى إلى التحقيق دون الكشف عن تفاصيل وضعهما الصحي والإصابة التي تعرضا لها".
وأشار النادي إلى أن من ضمن الأسرى الذين جرى الاعتداء عليهم في اليوم التالي للمواجهة، كان الأسير أنس عواد، وادعت الإدارة أنه حاول الاعتداء على أحد السجانين أثناء عملية تفتيش الأسرى في قسم (21)، علماً أن الأسير عواد كان من المفترض أن يتم الإفراج عنه يوم أمس بعد قضاء فترة اعتقاله الإداري.
ومن الجدير ذكره أن معتقل "النقب" يتعرض منذ الـ19 فبراير/شباط 2019 إلى عمليات قمع واقتحامات مكثفة بعد نصب إدارة المعتقل أجهزة تشويش في محيط الأقسام، وبلغت ذروتها أول أمس بعد أن قامت قوات القمع بالاعتداء على أسرى قسم (4) أثناء عملية نقلهم إلى قسم (3)، مستخدمة الرصاص وقنابل الصوت والغاز، الأمر الذي واجهه الأسرى بطعن اثنين من السجانين.