لم يتوصل طرفا الحرب اليمنية، الحوثيون والحكومة الشرعية، إلى أي اتفاق حول مطار صنعاء خلال مشاورات السويد، فيما تبدو فكرة تحويله إلى مطار داخلي بدل أن يبقى المطار الرئيسي لليمن، إشكالية للغاية، خصوصاً أن وزير الخارجية خالد اليماني، رئيس الوفد الحكومي المفاوض في مشاورات السويد، كان قد تحدث عن أن مطار عدن سيكون المطار الرئيسي، لا مطار سيئون في وادي حضرموت. لكن الحكومة الشرعية لا تمتلك سيطرة كاملة على عدن، المعلنة "عاصمة مؤقتة"، بل هي فعلياً واحدة من بين قوى عديدة فاعلة في المدينة. حتى أنها ليست الطرف الأقوى لا عسكرياً ولا سياسياً، فالمدينة عملياً خاضعة لسيطرة الإمارات ووكلائها المحليين، وبالتالي هم من يتحكّمون بالمدينة وبمطارها، ويحددون متى يفتح ومتى يغلق ومن يدخل إليه ومن يخرج منه.
كما أن طائرة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أو رؤساء وزرائه المتعاقبين، لا يمكن أن تحط في مطار عدن بلا إذن إماراتي، بل حصل أن مُنعت طائرة الرئيس من الهبوط هناك وتم إجبارها على العودة إلى العاصمة السعودية الرياض. حتى أن أغلب أعضاء الوفد الحكومي الذين تواجدوا في السويد طيلة الأيام السبعة الماضية في المشاورات، للتفاوض على ستة ملفات، من بينها مطار صنعاء، لا يستطيعون على نحو فعلي العودة إلى عدن والنزول في مطارها. وينسحب هذا الأمر على المواطنين الذين يعانون من دخولهم المدينة من الأساس ومرورهم عبر نقاط تتحكم فيها سلطات تفتيش متعددة، أبرزها تلك التابعة لـ"الحزام الأمني" التابع للإمارات. وقد تكررت الحوادث التي مُنع فيها مواطنون من عبور بعض النقاط المحيطة بعدن لأنهم من مناطق شمالية كتعز أو صنعاء أو إب، ما أضاع عليهم رحلاتهم سواء كانت للسفر أو للعلاج.
يقول الصحافي اليمني عبد الناصر الهلالي "لقد صرنا غرباء في بلادنا"، وذلك بعدما منعته قوات أمنية تابعة للإمارات قبل أسبوعين من دخول مدينة عدن والسفر إلى خارج اليمن، على الرغم من كونه حاملاً لبطاقة سفر ودعوة رسمية من الجهة الراعية للفعالية الصحافية التي كان ذاهباً إليها. وهناك حالات منع كثيرة تطاول مواطنين بوتيرة يومية، يحاولون زيارة عدن من أجل السفر منها إلى الخارج، من مرضى وطلاب ومغتربين وتجّار، وتمنعهم النقاط الأمنية التابعة لـ"الحزام الأمني" الواقع تحت السلطة الإماراتية لمجرد كونهم "شماليين" أو أحياناً لمجرد سوء مزاج من قبل القيادة الأمنية لتلك النقاط. هكذا تحوّل السفر من المناطق الشمالية إلى مدينة عدن ومنها إلى المطار، إلى رحلة عذاب وإذلال يومية لا يبدو أنها ستنتهي قريباً.
لعلّ هذه المُعضلة اليمنية الخاصة بمواطني المناطق الشمالية وخصوصاً تلك الواقعة في المساحات الخاضعة لسلطة الحوثيين، هي ما أدت إلى وضع مسألة فتح مطار صنعاء ضمن نقاط التفاوض في السويد. واقترح وفد الحكومة المُعترف بها دولياً أن يتم تحويل مطار صنعاء إلى مطار داخلي تتم فيه عملية نقل المسافرين إلى مطاري عدن وسيئون، ومن هناك يتم الانتقال إلى الرحلات الخارجية، أو أن تتم عملية تفتيش الطائرات في المطارين المذكورين، بعد انطلاقها من مطار صنعاء. لكن هذا المقترح لم يلقَ قبول وفد الحوثيين، الذي قال رئيسه محمد عبد السلام إن هذا الطرح غير مقبول أبداً، فمطار عدن غير واقع تحت سلطة الحكومة وإنما تحت سلطة القوات الأمنية، كما أن الطائرات اليمنية غير مسموح لها بالمبيت في مطار عدن.
اقــرأ أيضاً
وتضمّنت الورقة المقدمة من المبعوث الدولي مارتن غريفيث إلى طرفي الحرب، حول مطار صنعاء، التالي: 1ــ أن يتم استئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء. 2ــ أن تسمح هيئة الطيران المدني والأرصاد الجوية بالتعاون مع إدارة مطار صنعاء للشركات الجوية الوطنية والدولية بتوفير خدمات النقل الجوي التجاري للمسافرين والشحن الجوي الإنساني من مطار صنعاء الدولي إلى الوجهات المحلية والدولية. 3 ــ تقوم إدارة مطار صنعاء الدولي بالإجراءات اللازمة بدعم دولي، لإثبات امتثال المطار لجميع معايير السلامة والأمان الوطنية والدولية المطلوبة تحت إشراف موظفي إدارة مطار صنعاء الذين تم تعيينهم قبل عام 2014. 4ــ تقوم هيئة الطيران المدني والأرصاد الجوية بالتعاون مع إدارة مطار صنعاء بتيسير إجراء تقييم للمطار، ينفذه خبراء دوليون فور دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ. 5ــ الموافقة على وجود فني لموظفين من الأمم المتحدة لبناء القدرات في مطارات صنعاء وعدن وسيئون، تحت إشراف إدارة المطارات وبناء على آلية عمل متفق عليها مسبقا. 6ــ تمرّ جميع الرحلات الدولية المنطلقة من مطار صنعاء عبر مطار عدن أو سيئون، لاستكمال الإجراءات المطلوبة بشكل سلس قبل أن تغادر إلى وجهاتها الدولية المحددة، مع مراعاة حقوق المسافرين كما ينص القانون اليمني. 7ــ يتم تحديد وجهات وعدد هذه الرحلات بالتنسيق مع هيئة الطيران المدني والأرصاد الجوية وإدارة مطار صنعاء. 8ــ إلزام جميع شركات الطيران بالإرشادات المعمول بها حالياً لاستخدام المجال الجوي اليمني، بما في ذلك الالتزام بمناطق ومسارات الطيران المصرح بها والمواعيد ومنافذ المغادرة والوصول. كما يجب الالتزام بالإجراءات المتبعة لتقديم معلومات الركاب والشحن الجوي إلى السلطات المعنية، للحصول على التصاريح المطلوبة. 9ــ تتولى السلطات اليمنية مسؤولية سلامة سير الرحلات، والتي تشمل سلامة عمليات الإقلاع والهبوط.
في هذا السياق، استغرب عضو في الفريق الإعلامي التابع لمجموعة الوفد الحكومي المفاوض، فضّل عدم ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إصرار جماعة الحوثي على رفض فكرة تفتيش الطائرات في مطاري عدن أو سيئون. واعتبر عضو الفريق الإعلامي أن "هذه الفكرة توحي برغبة الحوثيين بإعادة التواصل مع الفضاء الإيراني وتلك الرحلات التي كانت تحصل بين طهران وصنعاء بمعدل 14 رحلة أسبوعياً بحسب ما أعلنوه بأنفسهم، والأغرب من ذلك أنه في مراحل تالية، ومع بدء الحصار على مطار صنعاء، كانت الطائرات تمر عبر مطار بيشة السعودية ويتم تفتيشها بشكل اعتيادي، فما هو الفارق بين مطار عدن أو سيئون وبين مطار بيشة؟"، مضيفاً "نحن فقط نريد التخفيف من متاعب المواطنين ولا بد من تفهّم هذه المسألة بأي شكل كان والتنازل حولها".
من جهته، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء عادل الشرجبي، لـ"العربي الجديد"، إن ملف مطار صنعاء الدولي يمكن أخذه على مستويين: الأول من الجهة الشخصية على اعتبار أن إتمام عملية فتحه بأي شكل كان سينهي عملية العقاب الجماعية التي تُمارس على المسافرين من المناطق الشمالية إلى تلك الجنوبية، وخصوصاً معاناة الانتظار الطويل عند نقاط التفتيش، والتي لا يمكن لكبار السن والمرضى تحمّلها، ثم الإهانات المتكررة للمواطنين لمجرد أنهم ينتمون لمناطق بعينها سواء من جهة النقاط المسيطر عليها من الحوثيين، أو من جهة الشرعية بعد الدخول إلى المناطق التي تركها الحوثيون. وأضاف الشرجبي أن المستوى الثاني "يتمثّل في الشق الوطني المتعلّق بمطار صنعاء، وهو أمر لا بد من معالجته بأسرع وقت ممكن على الرغم من صعوبة هذا الملف، لكنه يحتاج إلى حل كامل والاتفاق عليه من أجل إنهاء هذه المعاناة الكبيرة، ولا بد من تقديم الجميع تنازلات من أجل الناس المُتعبين".
أما الناشطة ياسمين محمّد، المقيمة في تونس منذ إقفال مطار صنعاء صيف 2016، فاختصرت الوضع المأساوي الذي يتسبّب به استمرار إغلاق مطار صنعاء بالقول، عبر "العربي الجديد": "أريد أن أعود لرؤية أهلي من غير تحمّل مشقات ذلك السفر المُتعب، ثلاثة أيام كي يسافر المرء من عدن إلى صنعاء فترة قاسية جداً، افتحوا المطار كي يقدر أبي المريض على السفر براحة ومن دون مضاعفات كبيرة قد تحدث له".
يقول الصحافي اليمني عبد الناصر الهلالي "لقد صرنا غرباء في بلادنا"، وذلك بعدما منعته قوات أمنية تابعة للإمارات قبل أسبوعين من دخول مدينة عدن والسفر إلى خارج اليمن، على الرغم من كونه حاملاً لبطاقة سفر ودعوة رسمية من الجهة الراعية للفعالية الصحافية التي كان ذاهباً إليها. وهناك حالات منع كثيرة تطاول مواطنين بوتيرة يومية، يحاولون زيارة عدن من أجل السفر منها إلى الخارج، من مرضى وطلاب ومغتربين وتجّار، وتمنعهم النقاط الأمنية التابعة لـ"الحزام الأمني" الواقع تحت السلطة الإماراتية لمجرد كونهم "شماليين" أو أحياناً لمجرد سوء مزاج من قبل القيادة الأمنية لتلك النقاط. هكذا تحوّل السفر من المناطق الشمالية إلى مدينة عدن ومنها إلى المطار، إلى رحلة عذاب وإذلال يومية لا يبدو أنها ستنتهي قريباً.
لعلّ هذه المُعضلة اليمنية الخاصة بمواطني المناطق الشمالية وخصوصاً تلك الواقعة في المساحات الخاضعة لسلطة الحوثيين، هي ما أدت إلى وضع مسألة فتح مطار صنعاء ضمن نقاط التفاوض في السويد. واقترح وفد الحكومة المُعترف بها دولياً أن يتم تحويل مطار صنعاء إلى مطار داخلي تتم فيه عملية نقل المسافرين إلى مطاري عدن وسيئون، ومن هناك يتم الانتقال إلى الرحلات الخارجية، أو أن تتم عملية تفتيش الطائرات في المطارين المذكورين، بعد انطلاقها من مطار صنعاء. لكن هذا المقترح لم يلقَ قبول وفد الحوثيين، الذي قال رئيسه محمد عبد السلام إن هذا الطرح غير مقبول أبداً، فمطار عدن غير واقع تحت سلطة الحكومة وإنما تحت سلطة القوات الأمنية، كما أن الطائرات اليمنية غير مسموح لها بالمبيت في مطار عدن.
وتضمّنت الورقة المقدمة من المبعوث الدولي مارتن غريفيث إلى طرفي الحرب، حول مطار صنعاء، التالي: 1ــ أن يتم استئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء. 2ــ أن تسمح هيئة الطيران المدني والأرصاد الجوية بالتعاون مع إدارة مطار صنعاء للشركات الجوية الوطنية والدولية بتوفير خدمات النقل الجوي التجاري للمسافرين والشحن الجوي الإنساني من مطار صنعاء الدولي إلى الوجهات المحلية والدولية. 3 ــ تقوم إدارة مطار صنعاء الدولي بالإجراءات اللازمة بدعم دولي، لإثبات امتثال المطار لجميع معايير السلامة والأمان الوطنية والدولية المطلوبة تحت إشراف موظفي إدارة مطار صنعاء الذين تم تعيينهم قبل عام 2014. 4ــ تقوم هيئة الطيران المدني والأرصاد الجوية بالتعاون مع إدارة مطار صنعاء بتيسير إجراء تقييم للمطار، ينفذه خبراء دوليون فور دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ. 5ــ الموافقة على وجود فني لموظفين من الأمم المتحدة لبناء القدرات في مطارات صنعاء وعدن وسيئون، تحت إشراف إدارة المطارات وبناء على آلية عمل متفق عليها مسبقا. 6ــ تمرّ جميع الرحلات الدولية المنطلقة من مطار صنعاء عبر مطار عدن أو سيئون، لاستكمال الإجراءات المطلوبة بشكل سلس قبل أن تغادر إلى وجهاتها الدولية المحددة، مع مراعاة حقوق المسافرين كما ينص القانون اليمني. 7ــ يتم تحديد وجهات وعدد هذه الرحلات بالتنسيق مع هيئة الطيران المدني والأرصاد الجوية وإدارة مطار صنعاء. 8ــ إلزام جميع شركات الطيران بالإرشادات المعمول بها حالياً لاستخدام المجال الجوي اليمني، بما في ذلك الالتزام بمناطق ومسارات الطيران المصرح بها والمواعيد ومنافذ المغادرة والوصول. كما يجب الالتزام بالإجراءات المتبعة لتقديم معلومات الركاب والشحن الجوي إلى السلطات المعنية، للحصول على التصاريح المطلوبة. 9ــ تتولى السلطات اليمنية مسؤولية سلامة سير الرحلات، والتي تشمل سلامة عمليات الإقلاع والهبوط.
في هذا السياق، استغرب عضو في الفريق الإعلامي التابع لمجموعة الوفد الحكومي المفاوض، فضّل عدم ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إصرار جماعة الحوثي على رفض فكرة تفتيش الطائرات في مطاري عدن أو سيئون. واعتبر عضو الفريق الإعلامي أن "هذه الفكرة توحي برغبة الحوثيين بإعادة التواصل مع الفضاء الإيراني وتلك الرحلات التي كانت تحصل بين طهران وصنعاء بمعدل 14 رحلة أسبوعياً بحسب ما أعلنوه بأنفسهم، والأغرب من ذلك أنه في مراحل تالية، ومع بدء الحصار على مطار صنعاء، كانت الطائرات تمر عبر مطار بيشة السعودية ويتم تفتيشها بشكل اعتيادي، فما هو الفارق بين مطار عدن أو سيئون وبين مطار بيشة؟"، مضيفاً "نحن فقط نريد التخفيف من متاعب المواطنين ولا بد من تفهّم هذه المسألة بأي شكل كان والتنازل حولها".
أما الناشطة ياسمين محمّد، المقيمة في تونس منذ إقفال مطار صنعاء صيف 2016، فاختصرت الوضع المأساوي الذي يتسبّب به استمرار إغلاق مطار صنعاء بالقول، عبر "العربي الجديد": "أريد أن أعود لرؤية أهلي من غير تحمّل مشقات ذلك السفر المُتعب، ثلاثة أيام كي يسافر المرء من عدن إلى صنعاء فترة قاسية جداً، افتحوا المطار كي يقدر أبي المريض على السفر براحة ومن دون مضاعفات كبيرة قد تحدث له".