وحضر المئات من الفرنسيين والعرب هذا التجمع بدعوة من جمعية "فرنسا-فلسطين للتضامن"، وشاركت فيه جمعيات وأحزاب سياسية عديدة، وألقيت خلاله كلمات عديدة دانت جميعها الحصار المتواصل لغزة، ودعت إلى وضع حدّ له، وممارسة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية.
كما نددت بعض الكلمات التي ألقيت، ومنها كلمة جمعية "الحركة ضد العنصرية ومن أجل الصداقة مع الشعوب" (مراب)، بتصويت البرلمان الأوروبي الأخير على قرار يوشك أن يَعتبر أيَّ انتقاد لسياسات الحكومات الإسرائيلية بمثابة معاداة للسامية.
ومن أهم المداخلات، كلمة رئيس جمعية فرنسا-فلسطين للتضامن، برتران هيلبرون، وهي الجمعية الداعية لكثير من التجمعات في مدن فرنسية للتضامن مع فلسطينيي غزة، ومن خلالهم مع الشعب الفلسطيني، كما كانت من أكثر المداخلات تشريحا للوضع المأساوي الذي يعيشه فلسطينيو غزة.
وقال هيلبرون إن ما يقرب من مليوني فلسطيني من سكان غزة يتعرضون إلى حصار شامل، وهذا يعود إلى أغسطس/آب 2007، وأن هذا الحصار الإسرائيلي تفاقم مع إغلاق الجار المصري لحدوده مع القطاع.
وذكّر هيلبرون بأنه في مثل هذا اليوم 8 يوليو/تموز 2014، بدأت إسرائيل هجوما جديدا على غزة، ابتدأ بغارات جوية، خلّف 240 قتيلا، في اليوم الأول من الهجوم. وأما المحصلة النهائية فكانت ما يزيد على 2200 قتيل فلسطيني.
كما ذكَّر أنّ الهجمات الإسرائيلية لم تتوقف منذئذ، مشيرا إلى غارات الطيران الإسرائيلي على غزَّة ليلة السادس والعشرين من شهر يونيو/حزيران الماضي.
ورسم رئيس جمعية فرنسا-فلسطين صورة كئيبة ومقلقة عن الوضع في غزة، الذي ازداد سوءا بعد القرار الإسرائيلي بقطع إمدادات الكهرباء، وعدم السماح إلا بساعتين كهرباء كل يوم.
و"غير خاف على أحد"، يقول هيلبرون، بأن هذا الانقطاع للكهرباء يؤثر سلبا على التزود بالماء ويهدد إمكانات العلاج الطبي.
"وعلى الرغم من تقرير للبنك الدولي يشير إلى أن استمرار الحصار على غزة سيجعل العيش فيها غير ممكن، خصوصا أن الماء في غزة في معظمه غير صالح للاستهلاك، إلا أن إسرائيل، المسؤول الأول، باعتبارها قوة احتلال، ومصر الجارة، المسؤولة الثانية"، كما يقول المتدخل، "لا يُعيران الأمر الأهمية التي يستحقها". وإضافة إلى هذين المسؤولين المباشرين، "يقف المجتمع الدولي، منذ عشر سنوات، متفرجا، على الموت البطيء لسكان غزة".
"فلسطينيو غزة لا يريدون أن يظلوا دوما في وضع من ينتظر المساعدات"، يقول هيلبرون، الذي حيّا دينامية سكان غزة ومستواهم التربوي وإرادتهم وروحهم الخلاَّقة، وأضاف: "إنهم لم يعودوا قادرين على البقاء في وضعية من لا يستطيع إعادة بناء بيته المتهدم، ولا وضعية من لا يستطيع الحصول على العلاج، ولا وضعية من لا يشتغل ولا يصطاد ولا يزرع أراضيه، ولا وضعية من لا يستطيع أن يُرفّه عن نفسه".
واستعرض تاريخ غزة: "مرت خمسون سنة من مراقبة إسرائيلية كاملة على قطاع غزة، وخلال عشرين سنة دمّرت إسرائيل اقتصادَه، وفي عشر سنوات دفعت سكانه لليأس من خلال حصار شامل، وجعلتهم في حالة تبعية كاملة للإمدادات الإسرائيلية، التي يتوجب عليهم أن يدفعوا ثمنَهَا غالياً".
وختم رئيس جمعية فرنسا-فلسطين للتضامن تدخله بتأكيد دعوة جمعيته وجمعيات ومنظمات فرنسية وعربية وأحزاب سياسية عديدة للشعب الفرنسي للتضامن وتقديم الدعم لفلسطينيي وفلسطينيات غزة.
كما دان، بكل قوة، "السينيكية" القاتلة للحكومة الإسرائيلية التي تتحرك، بلا عقاب، وفي ظل صمت أوروبي متواطئ.
وأخيراً، طالب فرنسا والاتحاد الأوروبي العمل، بقوة وإخلاص، بعيدا عن التصريحات المعتادة، على رفع الحصار عن غزة، عبر ممارسة ضغوط حقيقية على دولة إسرائيل، وبشكل خاص، تعليق اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، حتى يتم وضع حدّ للحصار اللا قانوني واللا إنساني ضد فلسطينيي قطاع غزة.
من جانبه، أكد توفيق التهاني، الرئيس الشرفي لجمعية "فرنسا-فلسطين للتضامن" لـ "العربي الجديد"، تنظيم جمعيته لأنشطة أخرى قادمة، في أماكن مختلفة من فرنسا، لفضح تصرفات إسرائيل في غزة وفي كل فلسطين.