أعلنت شخصيات سياسية وعامة مصرية، من غير المنتمية للتيارات الإسلامية، رفضها التام لأي تعديلات مقترحة على الدستور من شأنها تمديد فترة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدة في بيان مشترك صادر عنها، اليوم الجمعة، استمرارها في استخدام كل وسائل المقاومة السلمية لـ"رفض أي عبث جديد بالدستور، يُضاف إلى العبث المستمر منذ تصديق الشعب عليه في عام 2014".
وأكد الموقعون على البيان شعورهم بالصدمة والغضب إزاء الدعوات التي بدأت تتردد في ساحات المحاكم، ووسائل الإعلام، مطالبةً بتعديل بعض مواد الدستور (الذي لم تطبق كل مواده بعد)، وذلك بهدف وحيد واضح هو إطلاق مدد الرئاسة للرئيس الحالي، وتأبيده في الحكم، بالرغم من وجود مادة مانعة للتعديل، وإنْ ساق الداعون حججاً ومبرراتٍ أخرى ﻻ تنطلي على أحد.
ورأى الموقعون أن "هذا العبث الذي يتم الترويج له، من شأنه تعميق أزمة الشرعية التي يعاني منها النظام الحالي، نتيجة الإهمال والانتهاك المتواصل للكثير من مواد الدستور، سواء في ما حدث من تفريط فى الأرض المصرية متمثلة في جزيرتي تيران وصنافير، أو ما يخص المواد المتعلقة بالعدالة الانتقالية والاجتماعية، بما يضمن حق المواطنين في عيش كريم وتعليم جيد، وخدمات صحية مقبولة".
وأضاف الموقعون أن "الدستور هو العقد بين الحاكم والشعب، وقد وُضع لتحويله إلى قوانين تضمن الأمن، وتؤمّن الاستقرار والتنمية لخدمة المواطنين وإسعادهم، ومراقبة الحكام ومحاسبتهم"، مستطردين "الدستور لم يوضع للعبث به حسب أهواء الحكام، ونزواتهم، وإطلاق يدهم في سياسات الإفقار والقمع وكبت الحريات، في ظل الظروف المعيشية الصعبة للأغلبية الساحقة من المواطنين".
وشملت أبرز التواقيع على البيان كلا من: عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان جورج إسحق، ووزير القوى العاملة السابق كمال أبو عيطة، والروائي علاء الأسواني، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة، ورئيس حزب الكرامة محمد سامي، ونائب رئيس حزب التحالف الشعبي إلهامي المرغني، والخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق، والبرلماني السابق زياد العليمي، والصحافي أحمد طه النقر.
وشملت كذلك رئيس مجلس إدارة صحيفة الأهرام السابق أحمد السيد النجار، وعضو مجلس نقابة الصحافيين محمد سعد عبد الحفيظ، والممثلة تيسير فهمي، والفنانة عزة بلبع، والمحامي الحقوقي جمال عيد، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حازم حسني، ونائب رئيس حزب تيار الكرامة حامد جبر، والقيادية بحزب مصر العربي الاشتراكي زينب المليجي، والمنسق العام السابق لحركة "كفاية" عبد الجليل مصطفى.
وكانت مصادر مطلعة قالت، لـ"العربي الجديد"، سابقًا، إن هناك ثلاثة أجهزة تعكف حالياً على إعداد تصوراتها لتعديل الدستور، أولها الرئاسة المصرية، ممثلة في عدد من المستشارين القانونيين من داخل القصر الجمهوري وخارجه، والاستخبارات العامة، التي يلعب رئيسها اللواء عباس دور المنسق للترويج العلني والسري للاستحقاق المرتقب. أما الجهة الثالثة فهي مجلس النواب، ممثلة في لجنة يترأسها رئيس البرلمان، علي عبد العال، ويعاونه فيها عدد من القضاة والمحامين البارزين.
كما كان رئيس مجلس إدارة مؤسسة "أخبار اليوم" الصحافية، الكاتب المقرب من السلطة، ياسر رزق، قد نشر أخيراً مقالاً حمل عنوان "عام الإصلاح السياسي الذي تأخر"، يتحدث فيه عن إمكانية إجراء تعديلات على الدستور في العام الجديد، تتضمّن تشكيل "مجلس أعلى لحماية الدولة وأهداف الثورة" برئاسة السيسي، عقب انتهاء مدته الرئاسية بعد تمديدها إلى ستّ سنوات، وذلك على غرار المرشد الأعلى للبلاد في إيران.
وطالب رزق بإضافة مادة إلى الدستور تنص على إنشاء "مجلس حماية الدولة" كمجلس انتقالي مدته خمس سنوات، تبدأ مع انتهاء فترة رئاسة السيسي، وتحت رئاسته، بحيث يضم في عضويته الرئيسين السابق والتالي على السيسي، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الشيوخ (إذا أنشئ)، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس المحكمة الدستورية العليا، والقائد العام للقوات المسلحة، ورئيس الاستخبارات العامة، ورؤساء المجالس المعنية بالمرأة، والإعلام، وحقوق الإنسان.
وحسب حديث مصادر برلمانية مع "العربي الجديد"، فإنه من المرجح إجراء الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية في النصف الثاني من العام الجاري، كون البرلمان سيستغرق قرابة ثلاثة أشهر لإقرارها منذ تاريخ طرحها، مشيرة إلى أن التعديلات ستطاول 15 مادة على الأقل، وتتعلّق بمدد الرئاسة، وصلاحيات رئيس الجمهورية ومجلس النواب، وعدد أعضائه، علاوة على استحداث فصل للغرفة الثانية للبرلمان تحت مسمى "مجلس الشيوخ".