يُمثّل تقدم "المقاومة" وقوات الجيش الموالية للشرعية المسنودة من التحالف في محافظة حجة اليمنية، تطوراً نوعياً في مسار العمليات الميدانية في اليمن، إذ انتقلت المعارك إلى مناطق قريبة من عمق مليشيات الحوثيين بعدما كانت لأشهر في المحافظات الجنوبية والوسطى. وتمكّنت قوات موالية للحكومة الشرعية، مسنودة بقوات من التحالف العربي، من السيطرة على ميناء مدينة ميدي الساحلية التابعة إدارياً لمحافظة حجة، والتي تتواصل فيها المعارك منذ أسابيع وتسعى الحكومة لتحريرها بما من شأنه تضييق الخناق على الحوثيين.
وتوضح مصادر ميدانية من "المقاومة الشعبية" لـ"العربي الجديد"، أن قوات من الجيش الموالي للشرعية، تقدّمت من جهة السعودية وسيطرت على ميناء ميدي بالكامل، بعد معارك عنيفة خلال الأسابيع الماضية، سقطت فيها أعداد كبيرة من القتلى والجرحى أغلبهم من الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. وتؤكد المصادر أن التقدّم يأتي ضمن عملية تشمل تحرير مناطق الساحل اليمني على البحر الأحمر ومحافظة حجة على وجه أخص. وتتوقّع أن تستكمل الفترة المقبلة السيطرة على منطقة حرض المحاذية لميدي والتي تدور فيها، هي الأخرى معارك منذ أسابيع، وبدأت تحديداً بالتزامن مع انطلاق محادثات سويسرا منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.
اقرأ أيضاً: قوات الشرعية تسيطر على ميناء ميدي ومعارك في تعز
وتُعتبر حجة من أبرز المحافظات اليمنية شمالاً، وتُقدَّر مساحتها بأكثر من ثمانية آلاف كيلومتر، تتوزع على 31 مديرية (تقسيم إداري من المستوى الثالث)، ويصل عدد سكانها إلى مليونين، وتبعد عن صنعاء نحو 127 كيلومتراً وتتصل بمحافظتي صعدة وعمران إلى الشرق منها، ومحافظتي المحويت والحديدة إلى الجنوب والغرب، وشمالاً ترتبط بحدود مع السعودية، ومنطقة جازان فيها تحديداً.
تُقسّم حجة طبيعياً إلى قسمين، وهما المناطق الجبلية حيث المديريات الواقعة بالجهة القريبة من محافظتي صعدة وعمران، ومنها مركز المحافظة، الذي يحمل الاسم نفسه (مدينة حجة)، والقسم الآخر هو مديريات السهول الساحلية، وهي عبس وحرض وميدي. وعلى ضوء هذا التقسيم يمكن أن يكون للتضاريس دور في حدود المعركة الدائرة، ففي المناطق الجبلية قد تصبح المعارك أصعب منها في السهلية.
سياسياً وتاريخياً، تُعدّ حجة من مناطق النفوذ التقليدي للحوثيين، فهي من أقرب المحافظات إلى صعدة، وكانت بمثابة "حديقة خلفية" للنظام الإمامي الذي أطاحت به ثورة الـ26 من سبتمبر/أيلول 1962. وشهد العام 2011 معارك بين الحوثيين وقبائل مسنودة من قوات الجيش في مناطق محدودة في حجة، وأثناء التوسّع الأخير للحوثيين في العام 2014، وأوائل 2015 سيطرت الجماعة على المحافظة دونما معارك تُذكر.
ميناء ميدي
تحتل المناطق الساحلية في حجة أهمية كبيرة، وخصوصاً ميناء "ميدي"، الذي يتبع مديرية تحمل الاسم ذاته وتتبعها عشرات الجزر الصغيرة في البحر الأحمر. وتُوجّه اتهامات للحوثيين باستخدام الميناء لتهريب أسلحة حصلوا عليها من إيران وغيرها من الدول. كما سعى الحوثيون في فترات متفرقة خلال الحرب مع الحكومة، إلى التمدّد نحو حجة للحصول على منفذ بحري. وكانت مصادر حكومية قد أشارت في العام 2014 إلى أن الحوثيين اعترضوا على تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، وطالبوا بإضافة محافظة حجة إلى إقليم آزال الذي يضم صنعاء وصعدة وعمران وذمار، وذلك بهدف الحصول على منفذ بحري إلى ميدي، بعدما كان التقسيم الفيدرالي للأقاليم جعل حجة ضمن إقليم تهامة الذي يضم إلى جانبها محافظات الحديدة وريمة والمحويت.
منفذ حرض
تُعتبر حرض من أهم مدن محافظة حجة وأشهرها، حيث يقع فيها المنفذ الحدودي الأهم مع السعودية، والذي توقف منذ الشهور الأولى للحرب ويرتبط به من جهة السعودية منفذ الطوال.
وكانت حرض وميدي وغيرها من مناطق محافظة حجة، هدفاً متكرراً لغارات مكثفة من التحالف، كما انطلق الحوثيون وحلفاؤهم منها بهجمات ضد السعودية.
وفي السياق، تتعزز الأهمية الاستثنائية لحجة بسبب وقوعها على الحدود مع السعودية، فهي إلى جانب صعدة، تشكّلان الجزء الحدودي الأكثر كثافة سكانياً وكذلك على مستوى الحوادث الأمنية وعمليات التهريب. ومن شأن سيطرة القوات الموالية للشرعية في حجة في ظل مواصلتها التقدّم في محافظة الجوف، أن تضع صعدة، معقل الحوثي، بين فكي كماشة وتضيق الخناق على الجماعة في معاقلها الأصلية.
وعلى صعيد المعارك الميدانية بشكل عام، يمثّل التقدّم في حجة مرحلة متقدمة بالنظر إلى انتقالها من المحافظات الجنوبية مروراً بمأرب، ووصلت عملياً إلى محافظات محاذية لمعقل الحوثي من الشرق والغرب، ومع ذلك، فإن المعارك في المناطق الجبلية الشمالية قد لا تكون سهلة، ومن المرجح أن يستجمع الحوثيون قواهم ويسعون لإعاقة التقدّم على الأقل.
اقرأ أيضاً: اليمن: تسلّم مطار عدن ثالث انتصارات الشرعية