خلال الأيام القليلة الماضية، تتالت التقارير الصحافية عن تعرّض عشرات المنازل في صنعاء القديمة إلى الانهيار، بسبب السيول التي اجتاحت المدينة ومناطق أخرى من اليمن، إلى جانب تصدّع العديد من المباني التي يعود إنشاء أقدمها إلى القرن الخامس قبل الميلاد.
مع إصدار "اليونسكو" بيانها اليوم الثلاثاء، والذي تعبّر فيه أسفها الشديد للخسائر في الأرواح والممتلكات في عدد من المراكز التاريخية في اليمن، يعود التساؤل حول إمكانية المنظّمة الأممية وشركائها من الدول والمؤسسات تنفيذ وعودها حيال الآثار اليمنية وغيرها.
تشير اليونسكو إلى أن المرحلة الثانية من التدخل انطلقت بدراسات للمباني المتضررة
أشار البيان إلى ما شهدته اليمن، وكذلك مدينتي زبيد وشبام وصنعاء في الأيام الأخيرة في أعقاب الظروف الجوية القاسية في البلاد، التي تركت الآلاف من دون مأوى، إضافة إلى أن الظروف المناخية تهدّد أيضاً بقاء التراث الثقافي الفريد لليمن، الذي استطاع لقرون التكيف مع الظروف البيئية المتنوعة في البلاد.
وكان مسؤولون يمنيون قد طالبوا المنظّمة وجهات دولية التدخّل لإنقاذ معالم تاريخية معرّضة اليوم للزوال، علماً بأن اليونسكو نشرت دراسة استقصائية في تموز/ يوليو من العام الماضي، اشتملت على تقييم للأضرار التي حلّت بمواقع أثرية في اليمن جراء الحرب الدائرة في البلاد منذ أعوام.
وأوضحت الدراسة حينها أن أربعة مواقع هي عدن بالإضافة إلى زبيد وشبام وصنعاء تتطلب تأهيلاً بمستويات متفاونة بسبب تضررها نتيحة الصراع أو نقص الصيانة وثغرات الحكم (الظروف الاقتصادية)، ونقص الصيانة، وضعف الرقابة الإدارية، موصية بتدخلات سريعة وطويلة الأجل مع تحديدها تكاليف عمليات الإصلاح والترميم العاجلة.
يعود التساؤل حول قدرة المنظّمة وشركائها على تنفيذ وعودها حيال الآثار اليمنية
ومن بين المواقع المتضرّرة، وفق الدراسة، كان المتحف الوطني في صنعاء الذي أصيب بتشققات بالجدران والسقوف وتسبب هذا بتسرب مياه الأمطار إلى داخله، نتيحة عمليات القصف، ومسجد قبة المهدي الذي يعود بناؤه إلى القرن الثاني عشر، وأبراج مدينة شبام القديمة المسورة التي شيّدت في القرن السادس عشر.
بالعودة إلى بيان "اليونسكو"، فإن المنظمة حشدت الموارد والخبرات لحماية التراث الثقافي اليمني من خلال تنفيذ عدد من المشاريع مع التركيز على إعادة التأهيل الحضري للمنازل الخاصة وبناء قدرات السلطات المحلية، مشيرة إلى أن المرحلة الأولى من مشاريعها التي تتضمّن مسوحات للمناطق الأربعة انتهت وتدريباً لعدد من المتطوعين، وأنه بعد الانهيارات الأخيرة نتيجة الفيضانات، فإن المرحلة الثانية من التدخل انطلقت بدراسات فنية للمناطق السكنية المتضررة والتي ستتبعها أنشطة إعادة التأهيل المقرر إطلاقها قريباً.
هل تبقى هذه الدراسات والتوصيات حبراً على ورق، أم أن "اليونسكو" ستتمكّن من حماية الآثار في بلد يعاني الاقتتال الداخلي والتدخل الأجبني في صراع لا حلول له في المنظور القريب؟