27 ابريل 2016
معبر رفح.. هذه المأساة المستمرة
في منتصف شهر مايو/ أيار الماضي، أعلنت السلطات المصرية فتح معبر رفح البري والحدودي بين مصر وقطاع غزة يومين، وذلك بعد 85 يوماً من الإغلاق العقابي المتواصل. بل وبعد مرور أكثر من 570 يوماً على إغلاق المعبر بشكل شبه كامل، على إثر عملية هجومية نفذها تنظيم داعش (ولاية سيناء) في منتصف أكتوبر/ تشرين أول 2014 في نقطة تفتيش للجيش المصري في منطقة العريش المصرية، واستغلها النظام المصري للادعاء، وبلا دليل، أن مسلحين مصريين تلقوا تدريباً ما في قطاع غزة.
أكثر من 30 ألف حالة إنسانية في غزة تتكدس وتعاني، بسبب إغلاق معبر رفح، وهي بحاجة ماسة إلى السفر العاجل، وكانت تعلق آمالاً عريضة على فتح المعبر والعمل به بصورة "شبه واقعية" تلبى بعضا من احتياجات الغزيين وآمالهم. هذا عدا عن آلاف الغزيين الراغبين في أداء شعيرة العُمرة إلى الديار المقدسة، وتم حرمانهم من أدائها للعام الثاني على التوالي، بسبب إغلاق المعبر، وهذا ما يحدث أول مرة في التاريخ فلسطين الحديث.
لذا، كان من المأمول، هذه المرة، أن تخرج عملية فتح معبر رفح عن حالة الدعاية والمظهرية الإعلامية والمسكِّنات إلى التعاطي، بشكل إيجابي وإنساني، مع الواقع الصعب والمرير الذي خلًفه الحصار الخانق الذي يعيشه 1.8 مليون فلسطيني في قطاع غزة. وخصوصاً مع الإعلان الرسمي للسلطات المصرية إلغاء ما تسمى "كشوفات التنسيقات المصرية"، حيث ترسل سلطات المعابر المصرية كشوفات خاصة تحتوى على عشرات الأسماء، وأحيانا مئات، لفلسطينيين من غزة، يرغبون بالسفر عبر معبر رفح البري، وتطلب بل وتفرض السلطات المصرية في معبر رفح تسهيل وصولهم وسفرهم على الجانب الفلسطيني، وبصورة تثير الغضب والاستياء، إذ يُلزم الجانب الفلسطيني على تجاوز نظام الأولوية والأسبقية في السفر لديه، والذى يعتمد على معايير محددة، لتصبح لهذه الكشوف الأولوية في السفر. وفى حال رفض إدارة المعبر الفلسطيني ذلك، أو حتى تأخير هذه الكشوفات، يتم تعطيل العمل بصورة مباشرة إلى حين السماح لهذه الكشوف بالسفر. وهناك شبهات وإتهامات متعددة لمُعدي هذه الكشوفات المصرية من بعض الأجهزة المصرية بتلقي رشاوى مالية كبيرة، تبدأ بألفي دولار وتصل إلى أكثر من خمسة آلاف دولار للشخص الواحد، نظير إدراج اسمه في هذه الكشوفات.
وكالعادة، يُفتح معبر رفح، والنتيجة كانت صفراً كبيراً، حيث أنه، وخلال يومي فتحه، تم السماح بالسفر لحوالي 750 شخصاً فقط من إجمالي عدد المسجلين للسفر، وبالتحديد تمكن من السفر ما نسبته 2% فقط من الحالات الإنسانية المسجلة في قائمة المسافرين.
وكانت المفاجأة في كشف أكذوبة إلغاء كشف التنسيقات، حيث شهد اليوم الاول لفتح المعبر طلباً (أو أمراً) من إدارة المعبر المصري بالسماح، أولاً، بسفر 120 شخصاً يحملون الجنسية المصرية. أما اليوم الثاني فقد تم إرسال كشوفات أسماء للتنسيق المصري، بلغ عددها 180 مسافراً، وحينما تردّدت إدارة المعبر الفلسطيني في إرسالها، تم إغلاق المعبر إلى حين الاستجابة لهم، وبعدها، تم إغلاق المعبر وعدم السماح بسفر أحد.
وأمام هذا الوضع المأساوي الخطير، وأمام حالة التردّي الهائل للحالة الإنسانية في قطاع غزة،
لم يعد مقبولاً إنسانياً وقانونياً وتاريخياً، بل وعروبياً، الاستمرار في تعزيز هذا الحصار الغاشم والاستمرار في إغلاق معبر رفح الذي يعتبره الغزيون شريان الحياة الوحيد لهم، في ظل وجود إغلاق وسيطرة لقوات الاحتلال الإسرائيلي على معابر قطاع غزة، وأجوائه وبحره. وبالتالي، وقوع منطقة القطاع ضمن تعريف الاقليم المحتل، وإنْ بصورة غير مباشرة، حسب توصيف الأمم المتحدة ومنظمة الصليب الاحمر الدولي. وكان الأجدر على السلطات المصرية أن تأخذ بالاعتبار علاقات القرابة والنسب والامتداد الجغرافي والبشري بين غزة ومصر، وأن تساعد في رفع الحصار والظلم عن الغزّيين، خصوصاً في ظل انعكاس آثار الحصار والإغلاق بصورة كارثية على حياة الغزيين، من كل جوانبها، وخصوصا مع دخول الحصار عامه العاشر. إذ لم يعد بإمكان أكثر من خمسة آلاف مريض من الخروج للعلاج في الخارج، أو استكمال رحلته العلاجية في المشافي المصرية، أو في أي من الدول العربية. وبالتالي، بات مئات المرضى ينتظرون الموت في أي لحظة، كما لم تعد الأدوية والمستلزمات الطبية تدخل عبر معبر رفح، في ظل النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية في مستشفيات قطاع غزة التي باتت على موعدٍ قريبٍ من كارثة في هذا المجال.
ثلاثة آلاف من طلبة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه ممنوعون ومحرومون من السفر وتلقي العلوم، ولم يعد في مقدورهم استكمال الدراسة في الجامعات العربية والأجنبية، بجانب مئات الطلبة الذين فقدوا المنح الدراسية، والتى تحصلوا عليها بشق الأنفس للدراسة في دول عديدة، للعام الثالث على التوالي. وثمانية آلاف ممن لديهم إقامات خارج قطاع غزة، وتحديداً في دول الخليج العربي، تقطعت بهم السبل، وفقدوا سبل العودة إلى بيوتهم وأعمالهم، وبالتالي، سينضمون إلى قافلة البطالة والفقر التي تتسع يوماً بعد يوم. عدا عن حوالي ألف وخمسمائة زوجة غزية عالقة في قطاع غزة، ولا تستطيع الالتحاق ببيتها وأولادها وزوجها الذي يعمل ويقيم خارج الأراضي الفلسطينية.
أمام هذه الصورة القاتمة، يبقى أن نتمنى على السلطات المصرية النظر لهذه الحالات الإنسانية بعين المسؤولية الإنسانية والقومية، والعمل على فتح المعبر أسوة بالمعابر البرية المصرية الدولية، من أجل كسر هذا الحصار، ومساعدة الغزيين في الخروج من نفق الحصار وعذاباته. ومطلوب من جامعة الدول العربية تنفيذ القرار العربي الصادر عن مجلسها الوزاري بكسر حصار غزة، واعتبار الحصار جريمة إنسانية، سوف يعاقب عليها القانون، آجلاً أم عاجلاً.
أكثر من 30 ألف حالة إنسانية في غزة تتكدس وتعاني، بسبب إغلاق معبر رفح، وهي بحاجة ماسة إلى السفر العاجل، وكانت تعلق آمالاً عريضة على فتح المعبر والعمل به بصورة "شبه واقعية" تلبى بعضا من احتياجات الغزيين وآمالهم. هذا عدا عن آلاف الغزيين الراغبين في أداء شعيرة العُمرة إلى الديار المقدسة، وتم حرمانهم من أدائها للعام الثاني على التوالي، بسبب إغلاق المعبر، وهذا ما يحدث أول مرة في التاريخ فلسطين الحديث.
لذا، كان من المأمول، هذه المرة، أن تخرج عملية فتح معبر رفح عن حالة الدعاية والمظهرية الإعلامية والمسكِّنات إلى التعاطي، بشكل إيجابي وإنساني، مع الواقع الصعب والمرير الذي خلًفه الحصار الخانق الذي يعيشه 1.8 مليون فلسطيني في قطاع غزة. وخصوصاً مع الإعلان الرسمي للسلطات المصرية إلغاء ما تسمى "كشوفات التنسيقات المصرية"، حيث ترسل سلطات المعابر المصرية كشوفات خاصة تحتوى على عشرات الأسماء، وأحيانا مئات، لفلسطينيين من غزة، يرغبون بالسفر عبر معبر رفح البري، وتطلب بل وتفرض السلطات المصرية في معبر رفح تسهيل وصولهم وسفرهم على الجانب الفلسطيني، وبصورة تثير الغضب والاستياء، إذ يُلزم الجانب الفلسطيني على تجاوز نظام الأولوية والأسبقية في السفر لديه، والذى يعتمد على معايير محددة، لتصبح لهذه الكشوف الأولوية في السفر. وفى حال رفض إدارة المعبر الفلسطيني ذلك، أو حتى تأخير هذه الكشوفات، يتم تعطيل العمل بصورة مباشرة إلى حين السماح لهذه الكشوف بالسفر. وهناك شبهات وإتهامات متعددة لمُعدي هذه الكشوفات المصرية من بعض الأجهزة المصرية بتلقي رشاوى مالية كبيرة، تبدأ بألفي دولار وتصل إلى أكثر من خمسة آلاف دولار للشخص الواحد، نظير إدراج اسمه في هذه الكشوفات.
وكالعادة، يُفتح معبر رفح، والنتيجة كانت صفراً كبيراً، حيث أنه، وخلال يومي فتحه، تم السماح بالسفر لحوالي 750 شخصاً فقط من إجمالي عدد المسجلين للسفر، وبالتحديد تمكن من السفر ما نسبته 2% فقط من الحالات الإنسانية المسجلة في قائمة المسافرين.
وكانت المفاجأة في كشف أكذوبة إلغاء كشف التنسيقات، حيث شهد اليوم الاول لفتح المعبر طلباً (أو أمراً) من إدارة المعبر المصري بالسماح، أولاً، بسفر 120 شخصاً يحملون الجنسية المصرية. أما اليوم الثاني فقد تم إرسال كشوفات أسماء للتنسيق المصري، بلغ عددها 180 مسافراً، وحينما تردّدت إدارة المعبر الفلسطيني في إرسالها، تم إغلاق المعبر إلى حين الاستجابة لهم، وبعدها، تم إغلاق المعبر وعدم السماح بسفر أحد.
وأمام هذا الوضع المأساوي الخطير، وأمام حالة التردّي الهائل للحالة الإنسانية في قطاع غزة،
ثلاثة آلاف من طلبة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه ممنوعون ومحرومون من السفر وتلقي العلوم، ولم يعد في مقدورهم استكمال الدراسة في الجامعات العربية والأجنبية، بجانب مئات الطلبة الذين فقدوا المنح الدراسية، والتى تحصلوا عليها بشق الأنفس للدراسة في دول عديدة، للعام الثالث على التوالي. وثمانية آلاف ممن لديهم إقامات خارج قطاع غزة، وتحديداً في دول الخليج العربي، تقطعت بهم السبل، وفقدوا سبل العودة إلى بيوتهم وأعمالهم، وبالتالي، سينضمون إلى قافلة البطالة والفقر التي تتسع يوماً بعد يوم. عدا عن حوالي ألف وخمسمائة زوجة غزية عالقة في قطاع غزة، ولا تستطيع الالتحاق ببيتها وأولادها وزوجها الذي يعمل ويقيم خارج الأراضي الفلسطينية.
أمام هذه الصورة القاتمة، يبقى أن نتمنى على السلطات المصرية النظر لهذه الحالات الإنسانية بعين المسؤولية الإنسانية والقومية، والعمل على فتح المعبر أسوة بالمعابر البرية المصرية الدولية، من أجل كسر هذا الحصار، ومساعدة الغزيين في الخروج من نفق الحصار وعذاباته. ومطلوب من جامعة الدول العربية تنفيذ القرار العربي الصادر عن مجلسها الوزاري بكسر حصار غزة، واعتبار الحصار جريمة إنسانية، سوف يعاقب عليها القانون، آجلاً أم عاجلاً.