شهدت الساعات القليلة الماضية، تطورات ميدانية متسارعة في سياق المواجهة العسكرية بين النظام السوري والمعارضة المسلحة. وفي ما يبدو أنّه رد سريع على الهزائم التي منيت بها قوّات المعارضة خلال الأيام الست الماضية، في يبرود (جنوب) والزارة والحصن (غرب حمص)، أعلنت فصائل من المعارضة السوريّة المسلحة عن حملة عسكريّة، أطلقت عليها اسم "معركة الأنفال"، على مناطق الساحل السوري.
وانطلقت عمليات عسكريّة سريعة، صباح اليوم الجمعة، بإعلان قوّات المعارضة سيطرتها على ثمانية قرى موالية للنظام، في أقصى شمال الساحل السوري، بدءاً من كسب، وهي بلدة قريبة من الحدود مع تركيا. وأصدرت قيادة الجبهة الغربية والوسطى، التابعة لرئاسة الأركان العامة لـ "الجيش الحر"، بعد ظهر اليوم الجمعة، بياناً رسمياً أعلنت فيه أن جميع "المناطق والقرى الموالية للنظام، اعتباراً من الحد الأمامي للمنطقة المحررة في الساحل السوري، وبعمق 20 كيلومتراً، باتت منطقة عسكرية".
وجاء البيان بعدما هاجمت فصائل إسلامية وعدداً من كتائب "الجيش الحر"، عدداً من نقاط تمركز القوات الحكومية والاستيلاء عليها، ومن أهمها معبر كسب، آخر معبر حدودي مع تركيا كان بحوزة النظام.
بيان أركان "الجيش الحر"، الذي أصدره قائد الجبهة الغربية والوسطى، العقيد مصطفى عزيز هاشم، علل إعلان القرى الموالية للنظام في الساحل، مناطق عسكرية، بالقول إنه رد على "تحويل النظام السوري الغاشم أكثر المناطق والقرى الموالية له إلى قواعد وثكنات عسكرية، وإمعانه في قصف القرى المحررة في الساحل السوري، واستهدافه للمدنيين من نساء وأطفال مستخدماً كافة أنواع الأسلحة المحرّمة دولياً من طائرات وبراميل متفجرة وصواريخ وغيرها".
وأفضت نتائج الحملة العسكريّة على الشريط الساحلي السوري، وهو المعقل الأساسي لنظام الرئيس بشار الأسد، في يومها الأوّل، إلى السيطرة على معبر كسب الحدودي، والمخافر التابعة للشرطة في كل من قرية الصخرة وجبل الأقرع ونبع المر والنسر والسمرا. وأكّد أحد القادة الميدانيين، المشاركين في العمليات، لـ "العربي الجديد"، السيطرة على ثماني مواقع "استراتيجية" منذ فجر اليوم وحتى الظهيرة.
واكتملت السيطرة على آخر معابر النظام السوري الشمالية في بلدة كسب، صباح اليوم الجمعة، بعد هجوم على البلدة، وظلت تُسمع، منذ الصباح، أصوات الاشتباكات في منطقة يايلاداغي، في محافظة هاتاي التركية، التي تبعد 3 كيلومترات عن كسب، وفي القرى التركية القريبة.
وطلبت السلطات التركية من مواطنيها القاطنين في المناطق الحدودية القريبة، توخي الحذر، كما رفعت القوات التركية، الموجودة في المنطقة من درجة تأهبها، وزادت من التدابير المتخذة على الحدود.
ويأتي سقوط المعبر في اليوم التالي لعبور أول قافلة إغااثية للأمم المتحدة من الأراضي التركية إلى سوريا، بناءً على قرار مجلس الأمن الدولي.
وكان عقيد في أركان "الجيش السوري الحر" لـ"العربي الجديد"، قال لـ "العربي الجديد"، صباح اليوم الجمعة، إن النظام السوري "سيواجه أياماً صعبة بعد قرار الجيش الحر فتح معركة الساحل". وأضاف أن "معركة الساحل تشكل ضغطاً مباشراً على حاضنة النظام الأساسية".
وفي السياق، جاء في بيان لـ "جبهة ثوار سوريا"، أن معركة الساحل تأتي "بعد اكتمال الاستعدادات العسكرية واللوجستية"، وبعدما "اكتمل تنظيم الجبهة داخلياً، ونزولاً عند مطالب شعبنا المكلوم، بضرورة ضرب معاقل النظام في الساحل". ودعا بيان "الجبهة"، المقاتلين الموالين إلى إلقاء السلاح. وطمأن أبناء الساحل إلى أنّ "معركتنا ليست ذات أهداف طائفية، فمَن دخل بيته فهو آمن، ومَن ألقى سلاحه فهو آمن، ومَن سلم نفسه فهو آمن".