رئاسة بلدية العاصمة: "النهضة" يرشّح امرأة لـ"شيخ المدينة"... و"نداء تونس" يخوض المنافسة
بعدما أفرزت نتائج الانتخابات البلدية في تونس أغلبية مختلطة بين الأحزاب بمعظم المناطق تقريباً، يبدو أنّ المخاض سيكون عسيراً لانتخاب رؤساء البلديات، بينما تبقى معركة انتخاب رئاسة بلدية العاصمة الأشرس والأكثر دلالة بين الحزبين المتنافسين المتحالفين: "نداء تونس"، و"حركة النهضة".
ويعود ذلك إلى الدلالة الرمزية لتونس العاصمة، كمدينة تاريخية ومركزية وشعبية، فضلاً عن خوض معركة موازية فيها، بحكم أنّ حزب "حركة النهضة" رشح امرأة لرئاسة بلديتها هي سعاد عبد الرحيم، في حين رشّح "نداء تونس" كمال إيدير.
وفاز حزب "حركة النهضة" بأغلبية المقاعد في بلدية تونس، بـ21 صوتاً، في حين حصل "نداء تونس" على 17 صوتاً، بينما سيخوض الطرفان معركة انتخابية مصغرة للفوز برئاستها، بالتحالف والتنسيق مع بقية القوائم التي حصلت على بقية المقاعد.
واستبعد قياديون في "نداء تونس" إمكانية التوافق مع "حركة النهضة" على منصب رئيس البلدية، إذ تصر مرشحة "النهضة" على تقلّدها هذا المنصب الاعتباري، ولا سيما أنّه كان حكراً على الرجال، إذ يبدو أنّ ترشيح الحركة امرأة لتولّي هذا المنصب، جرأة سياسية واجتماعية، وهو الذي يحمل تسمية "شيخ المدينة".
وبعدما أثار فؤاد بوسلامة، القيادي في "نداء تونس"، ضجة كبيرة بسبب تصريح تلفزيوني اعتبر فيه أنّ "تولّي امرأة لمنصب شيخ مدينة تونس، يتعارض مع تقاليدنا الدينية"، سارعت "نداء تونس"، اليوم الأربعاء، إلى إصدار بيان مقتضب، قالت فيه إنّ "بوسلامة لا يملك مسؤولية المكلف بالاتصال في الحركة، وما يصدر عنه من مواقف تلزمه هو شخصياً ولا تلزم أو تمثّل الموقف الرسمي للحركة".
من جهته، أكد القيادي في "نداء تونس" برهان بسيس، اليوم الأربعاء، أنّ حركته "ستسعى للفوز بمنصب شيخ مدينة تونس، لا رفضاً لرئيسة قائمة النهضة سعاد عبد الرحيم لكونها امرأة، كما يريد أن يروج البعض ليجعل من قضية الجندر مرجعاً للفرز السياسي، سواء في اتجاه الرفض أو في اتجاه القبول، وهو فرز مسيء للمرأة في كل الحالات، سواء في حالة الرفض لأنّها امرأة، أو في حالة الحماسة لها فقط لأنّها امرأة"، وفق قوله.
وأكد بسيس، في منشور على صفحته في "فايسبوك"، أنّ "نداء تونس ستعمل على الفوز بمنصب شيخ مدينة تونس، لأنّها كحركة سياسية مدعوة أن يكون هدفها الفوز بما يمكن أن تسمح لها التحالفات داخل المجالس البلدية من مقاعد، تهم رئاسة البلديات، تماماً كما سيسعى لذلك منافسوها، سواء من حركة النهضة أو المستقلين أو باقي الأحزاب".
Borhen BssaisWednesday, 9 May 2018" style="color:#fff;" class="facebook-post-link" target="_blank">Facebook Post |
وتابع بسيس أنّ "هذا جاء في إطار تنافس سياسي عادي وطبيعي، ولا علاقة له بقضية نساء أو رجال"، معرباً عن احترامه لعبد الرحيم، "لا من أجل هويتها الجندرية كامرأة، بل كرئيسة قائمة تنافسنا معها وتنافست معنا ديمقراطياً"، وفق قوله.
وشدد على أنّ التنافس "لا علاقة له أيضاً بذاك التعصب الحدثوتي الفاشستي على الضفة الأخرى الذي يريد أن يقسم التونسيين إلى ملتين، ملة دماؤها حمراء وملة دماؤها سوداء، يكاد ينزع عن عبد الرحيم مواطَنتها التونسية لاعتبار انتمائها".
في المقابل، اعتبر النائب عن "حركة النهضة" عبد اللطيف المكي، في تصريح تلفزيوني، أنّ فوز عبد الرحيم بمنصب رئاسة بلدية العاصمة، "هو امتحان للأحزاب التي تدعي أنّها حداثية"، مطالباً "كل من يدعي الحداثة بمساندة تولّي السيدة سعاد عبد الرحيم منصب شيخ المدينة".
ومع أنّ رئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي، أصرّ في تصريحاته أخيراً، على أنّ التوافق مستمر مع "نداء تونس"، وسيتواصل في مرحلة تشكيل المجالس البلدية، إلا أنّ المعركة على رئاسة بلدية العاصمة تونس، تُعتبر اختباراً لصمود التحالف بين الحزبين، مع احتمال أن تشكّل النتيجة إعلاناً نهائياً عن القطيعة السياسية بينهما، لا سيما أنّ توافقهما كان قد سقط في أكثر من اختبار سابق.