أثار قرار صادر عن رئيس الأركان المكلف من مجلس النواب، عبد الرزاق الناظوري، الخميس، بالسماح للطرق الصوفية بممارسة نشاطها في بنغازي، جدلاً في الأوساط السلفية المدخلية المتنفذة في الشرق الليبي.
وبحسب نص القرار الصادر عن الناظوري، والذي يتولى منصب رئيس الغرفة الأمنية المشتركة في بنغازي أيضاً، فإنه يقضي بالسماح للطرق الصوفية بإعادة افتتاح زواياها في بنغازي وممارسة نشاطها.
من جهته، استنكر رئيس إدارة شؤون المساجد بهيئة الأوقاف التابعة لحكومة مجلس النواب بالبيضاء، أحمد بودزيرة، قرار الناظوري، مؤكداً أن المداخلة لن يسمحوا للطرق الصوفية بإعادة افتتاح زواياهم، بل ذهب للقول إنهم "سيتخذون كافة الإجراءات لمنع تنفيذ هذا القرار".
وأضاف بودزيرة، المعروف بأنه أحد أبرز أئمة المداخلة المؤيدين بشكل كبير للواء المتقاعد، خليفة حفتر، أن "المداخلة بايعوا حفتر ولياً للأمر لأنه على مذهب السلف الصالح"، في إشارة منه إلى إمكانية رجوعهم عن البيعة إذا خالف منهجهم، واصفاً أتباع الطرق الصوفية بـ"المشركين المبتدعين في دين له ما ليس فيه".
وجاء قرار الناظوري رداً على طلب وجهه نقيب السادة الأشراف شرق البلاد، بلعيد الشيخي، الذي يتولى أيضاً مهمة المستشار الديني لحفتر ويعتبر من أبرز المقربين إليه، مما يشير إلى اندلاع صراعات عقدية دينية حول حفتر لا سيما بين تياري المداخلة والصوفية.
ويُعتبر التيار الصوفي من أبرز المكونات الاجتماعية بالشرق الليبي، حيث تنتشر الطريقة السنوسية وطرق أخرى، وتتمتع هذه الطرق بولاء شديد من قبل سكان تلك المناطق والمدن.
وإثر تمكن التيار المدخلي من التقرب من حفتر وتكوين أبرز الفصائل المسلحة الموالية له، تولى عدد من شيوخ المداخلة تكوين الهيئات وشغل مناصب حكومية بارزة أهمها هيئة الإفتاء وهيئة الأوقاف.
وشن المداخلة حرباً شرسة على عدوهم التقليدي المتمثل في الطرق الصوفية، حيث اعتقل عشرات من شيوخها وأوقفوا كل الزوايا الصوفية بالشرق الليبي ومُنعت من ممارسة طقوسها، مما سبب امتعاضاً كبيراً في الأوساط الشعبية.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، اعتدت الجماعات السلفية على قبر الإمام السنوسي مؤسس الطريقة السنوسية في الكفرة، حيث سُرق جثمانه، مما تسبب في اندلاع احتجاجات محلية استدعت من الناظوري فتح تحقيق مع تلك المجموعات السلفية والتي لا تزال تصر على عدم تورطها في الحادثة.
وبحسب مراقبين، إن الصدام الصوفي- السلفي المتوقع برعاية المقربين من حفتر يأتي ضمن محاولات الأخير التخلص من التيار السلفي، الذي امتلك السلاح وقوة فصائله المسلحة لا سيما داخل "قوات الصاعقة"، إذ يعتبر محمود الورفلي قائد الإعدامات الليبي الشهير في صفوف حفتر، من أبرز قادة هذا التيار.
وفي السابع من الشهر الجاري، قرر رئيس حكومة مجلس النواب، عبدالله الثني، فتح تحقيق مع مسؤولي هيئة الأوقاف التابعة له على خلفية تهم وجهت إليهم باختلاس المال العام.
وبحسب القرار الذي اطلع عليه "العربي الجديد" سابقاً، إن لجنة التحقيق التي يترأسها وكيل وزارة التعليم، سالم الحاسية، ستفتح تحقيقاً يطاول شخصيات بارزة في الأوقاف والإفتاء بينهم رئيس مجلس الإدارة بالأوقاف، عبدالمولى محمد غيث، ومدير عام الشؤون الإدارية والمالية، أنس الحداد، على خلفية تقارير مقدمة من ديوان المحاسبة بوجود تجاوزات مالية واختلاسات.
وأشار القرار إلى أن لجنة التحقيق ستستمع إلى الشكاوى المقدمة من عدة أشخاص، حول قيام هيئة الأوقاف باستبعاد خطباء مساجد وتنصيب آخرين مكانهم، وجلب محفظي قرآن ووعاظ للتحقيق معهم بسبب مخالفتهم "العقيدة السلفية المدخلية"، وغلق عدد من الزوايا الصوفية بالقوة، والتورط في الاعتداء على الأضرحة الصوفية.
وقالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن "رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أكد عقب زيارته الأخيرة إلى السعودية، عدم مسؤولية السلطات السعودية عن تصرفات التيار المدخلي، وبراءتها من دعمه"، مشيراً إلى أن سلطات شرق البلاد بدت متأثرة بشكل كبير بانقلاب القصر السعودي على حلفائه السابقين من التيار الوهابي المدخلي.
وتوقعت مصادر "العربي الجديد" وقتها مزيداً من القرارات التي تسعى إلى تحجيم سلطة التيار المدخلي في مناطق شرق البلاد، لا سيما داخل قوات حفتر وفي المؤسسات الأمنية.