فشلت محاولة المعتقل السابق رمضان عبد الحي في الحصول علي إذن من الجهات الأمنية المصرية للسماح له بأداء فريضة الحج لعام 2018، رغم إطلاق سراحه في مايو/ أيار من عام 2017، بعد اعتقاله في يونيو/حزيران من عام 2015 بتهمة الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين والتحريض علي قلب نظام الحكم، كما قال لـ "العربي الجديد"، مضيفا "نصحني محام قريب بالحصول علي موافقة جهاز الأمن الوطني، قبل الشروع في الإجراءات الخاصة بالحج، حتى لا يتم منعي في آخر لحظة وأخسر مالي وجهدي، لكن الرد كان بالسلب لأن اسمي ضمن المدرجين على قوائم ترقب الوصول والممنوعين من السفر، بالرغم من عدم صدور حكم قضائي بالإدانة، كما أنني غير مطلوب على ذمة أي قضية"، وهو ما يفسره المحامي والحقوقي محمد أبو هريرة، المتحدث باسم التنسيقية المصرية للحقوق والحريات (غير حكومية ومقرها القاهرة)، بأن حالة عبد الحي تنطبق على المعتقلين السياسيين، سواء الذين حصلوا علي قرارات بإخلاء السبيل وأغلقت محاضر القضايا المتهمين فيها، أو الذين حصلوا على أحكام بالبراءة، بل وحتى أسر بعض المعتقلين، الذين أصبحوا لا يفكرون في خطوة الحج لأنهم يعرفون الرد مسبقا، خاصة بعد توسع النظام المصري في قوائم الكيانات الإرهابية".
وبالرغم مما وقع لعبدالحي إلا أنه يعد أسعد حظا من عبدالمنعم زكي الرشيدي، الذي اعتقلته قوات الأمن أثناء ذهابه للحج، يوم الاثنين 21 أغسطس/ آب من عام 2017، بحسب ما وثقت المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان.
وبالرغم مما وقع لعبدالحي إلا أنه يعد أسعد حظا من عبدالمنعم زكي الرشيدي، الذي اعتقلته قوات الأمن أثناء ذهابه للحج، يوم الاثنين 21 أغسطس/ آب من عام 2017، بحسب ما وثقت المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان.
قوائم الممنوعين من السفر
أصدرت السلطات المصرية في 17 فبراير/شباط 2015 القانون رقم 8 لسنة 2015 والمعروف بقانون قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، ونص القانون في الفقرة الثانية من المادة السابعة، على الآتي "تترتب بقوة القانون على نشر قرار الإدراج في قوائم الكيانات والإرهابيين، وطول مدته، الآثار التالية بالنسبة للإرهابيين: الإدراج على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، أو منع الأجنبي من دخول البلاد، وسحب جواز السفر أو إلغاؤه، أو منع إصدار جواز سفر جديد"، ويؤكد المحامي أبو هريرة لـ العربي الجديد" أن العاملين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان يفاجؤون كل فترة بأعداد جديدة من المدرجين على هذه القوائم، كما أنه في كثير من الأحيان يتم إدراج شخص واحد في أكثر من قائمة، أكثرهم شهرة تلك التي تضم 1529 شخصية والمشهورة بقائمة أبو تريكة نسبة للاعب محمد أبو تريكة المدرج ضمنها".
ويضيف أبو هريرة أن الأثر القانوني على هذا الإدراج هو المنع من السفر وعدم تجديد جواز السفر أو سحبه في حالة السفر، مشيرا إلى وجود قوائم أمنية لدى الأمن الوطني بخلاف قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، تضم معتقلين سياسيين، بالإضافة لكثير من ذويهم وعائلتهم، والمطلوبين لدى الجهات الأمنية، وهذه القوائم تجهزها وزارة الداخلية وتضعها في المطارات والموانئ، ومنها قوائم إلكترونية وأخرى ورقية، يتم تحديثها كل فترة بأسماء المعتقلين وأسرهم والشخصيات العامة التي كانت على صلة بجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وبالتالي فإن كل الذين تم اعتقالهم سابقا أو المطلوبين لا يجازفون بخطوة السفر، حتى لو كانت من أجل الحج، لما يمكن أن يتبعه ذلك من اعتقال".
مراجعة السفارة السعودية
منعت السلطات المصرية الستينية فتحية، والدة المعتقل السابق بسجن العقرب محمد صابر، من السفر لأداء العمرة بعد إنهاء شركة سياحة معنية بتنظيم رحلات الحج والعمرة في القاهرة أوراقها وكل إجراءاتها في عام 2015 بحسب ما يرويه مصطفي سويلم، صاحب الشركة، والذي قال إن والدة المعتقل مُنعت من السفر في المطار لأن نجلها متهم ضمن إحدى قضايا الإرهاب، وهي الحالة التي دفعته لمطالبة الراغبين في الحج والعمرة بترتيب أوضاعهم الأمنية قبل الدخول في إجراءات السفر حتى لا يتعرضون لمثل هذا الموقف.
ولفت إلى أن وزارة السياحة المصرية أخبرتهم في أغسطس/ آب من عام 2013 أن وزارة الخارجية السعودية أكدت أنّ على كل من يرغب في القدوم إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج والعمرة التقدم للسفارة السعودية في القاهرة، ويجري إبلاغـه من خلالها ما إذا كان اسـمه مدرجا من عدمه على قوائم الممنوعين من دخول المملكة، الأمر الذي يؤكده تصريح السفير رجائي نصر، نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية لإرشادات السفر في العام ذاته، والذي طالب المواطنين المصريين بالعمل بهذا النظام المتبع في سفارة المملكة العربية السعودية بالقاهرة.
وضاعفت السفارة السعودية من إجراءاتها الأمنية في العام الماضي، إذ أصدرت تعميما بضرورة مراجعة الراغبين في الحج للسفارة السعودية في القاهرة، لتسجيل بصمة الوجه والأصبع لمن هم فوق الثالثة عشرة ودون السبعين، بحيث تكون البصمة مرتبطة برقم جواز السفر فقط، وفق ما وثقه معد التحقيق عبر بيان رسمي نشرته السفارة على موقعها، الأمر الذي يؤكد تشديد الإجراءات الأمنية على الراغبين في الحج والعمرة.
التعاون الأمني
أصدرت وزارة الداخلية السعودية في 7 آذار/ مارس من عام 2014 قائمة ضمت كلا من حزب الله والإخوان المسلمين وجبهة النصرة و"داعش" وتنظيم القاعدة، ضمن تصنيف التنظيمات الإرهابية التي تشكل خطرا على المملكة، وقالت الوزارة في بيانها إن القائمة وضعتها لجنة من وزارات الداخلية، والخارجية، والشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والعدل، وديوان المظالم، وهيئة التحقيق والادعاء العام، وأن مهمة هذه اللجنة إعداد قائمة يتم تحديثها دورياً بالتيارات والجماعات المخالفة للمملكة.
ويوضح المدير التنفيذي لمنظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، المحامي علاء عبد المنصف، أن قرارات المنع من دخول المملكة نتيجة لهذه القائمة وتنفذ عبر اتفاقيات أمنية ثنائية بين السعودية وعدد من الدول، ومن بينها مصر، إذ نشطت مثل هذه الاتفاقيات الخاصة بالكيانات والجماعات والشخصيات التي تصفها الدولتان بالإرهابية بعد يونيو/حزيران من عام 2013، ولذلك لم يكن غريبا أن تشترط الخارجية السعودية في آب/ أغسطس 2013 الحصول على شهادة من سفارتها في القاهرة لمن يريد الحج بأن يكون غير مدرج على قوائم الممنوعين من دخول المملكة لنشاطه السياسي.
وينتقد عبد المنصف ما تقوم به السعودية من الاستخدام السياسي لفريضة الحج، بمنع فئات أو أشخاص معينين من أداء الحج لمواقفهم السياسية تجاه المملكة وحلفائها في المنطقة، وهو ما يحدث الآن مع معارضي النظام المصري، وغيرهم من الشخصيات العربية والإسلامية، في مخالفة واضحة للقانون الدولي الذي وضع العديد من النصوص والاتفاقيات الملزمة لضمان حرية أداء وممارسة الشعائر الدينية، كنص المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1966، التي تحدثت عن حرية المعتقد والعبادة، وكذلك الميثاق العربي لحقوق الإنسان الصادر عام 1994، والذي أقر ما جاء في مواثيق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، مع عدم مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية.
وطبقا لعبد المنصف، فإن منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان ومقرها جنيف في سويسرا، تقدمت بشكاوى دولية عدة للمقرر الخاص المعني بحرية الدين والمعتقد في الأمم المتحدة، وشكاوى أخرى للمفوض السامي لحقوق الإنسان، بخصوص التضييقات التي تقوم بها المملكة تجاه مواطني بعض الدول من خلال منعهم أو التضييق عليهم في أداء فريضة الحج، لأسباب سياسية، موضحا أنهم في انتظار رد المنظمات الدولية التي تنتظر هي الأخرى رد الحكومة السعودية على هذه الشكاوى.
مخالفة شرعية
يرى الدكتور وصفي عاشور أبو زيد أستاذ المقاصد الشرعية وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن ما تقوم به السعودية من منع فئة من المسلمين من الراغبين في الحج لأسباب سياسية، هو كبيرة من الكبائر الدينية لا تليق بمن يسكنون أرض الحرمين الشريفين.
وطبقا لعاشور فإنه لا يجوز لأحد كائنا من كان، ولا لسلطة كائنة ما كانت أن تمنع أحدا من المسلمين عن زيارة بيته الحرام في أي وقت ولأي سبب؛ فضلا عن أن تمنعه من أداء فريضة الحج لأسباب سياسية فهذا لا يجوز، ويشير أبو زيد أن العلامة المُفسر الشيخ عبد الرحمن السعدي وغيره من المفسرين عندما شرحوا قوله تعالي (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ) أي: ما هو الشيء الذي يمنعهم من عذاب اللّه، أكدوا أنه هو صدّ الناس عن المسجد الحرام.
ويوضح أستاذ المقاصد الشرعية أن سلطة المملكة هي الإشراف على الحرمين وأعمالهما، وهي سلطة محدودة في التنظيم وتسيير العمل فيهما وخدمة الطائفين والعاكفين والركع السجود، ويكون كل عملها في إطار تيسير أداء الفرائض والنوافل والعبادة، وليس الصدّ عن سبيل الله الذي توعد الله من فعله بأنواع كثيرة من العذاب، وحسبك أن تبحث عن عبارة (صدّوا عن سبيل الله) في القرآن الكريم لتقف على مدى حجم هذا الجرم، ومدى العذاب والسخط الإلهي الذي يحيق به في الدنيا والآخرة.