زهور البوزيدي، البالغة من العمر 47 سنة، لم تستسغ الحكم القضائي واعتبرته جائراً، لأنه سيحولها إلى متشردة بدون مأوى ويسلبها دون وجه حق منزلاً عاشت فيه رفقة أسرتها منذ ولادتها، فقامت بسكب البنزين على جسدها، وسط ذهول المحيطين بها الذين كانوا يصرخون بينما تلتهم النار جسدها.
ويقول شقيقها عبدالرحيم البوزيدي في تصريح لـ" العربي الجديد"، إن سبب إقدام أخته على إحراق نفسها هو الإحساس بـ "الحقرة"(الظلم) بعد حكم قضائي جائر بالإفراغ، يستند إلى وثائق مزورة ومدعين وهميين لا وجود لهم على أرض الواقع، بالإضافة إلى الاستفزاز الذي تعرضت له من أحد منفذي حكم الإفراغ".
ويضيف "قام الدركي بتعنيف زهور التي رددت أمامه أنها ستحرق نفسها إن نفذ الحكم، فكان رده: "أحرقي نفسك، ماذا تنتظرين؟"، فعمدت إلى سكب البنزين على جسدها وإضرام النار ليتم نقلها إلى المركز الصحي بأولاد أمراح، ومنه إلى المركز الاستشفائي، الحسن الثاني بسطات، ثم إلى المستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، حيث تخضع حالياً لعملية جراحية بسبب خطورة وضعها وتعرضها لحروق من الدرجة الثانية".
ويوضح عبدالرحيم في تصريحاته لـ"العربي الجديد"ّ، أن الحكم القضائي الذي أمرت المحكمة بتنفيذه باطل، يتعلق بقطعة أرضية متواجدة بدوار ملال، في حين أن المنزل متواجد بجوار أولاد مراح، تقطن به الأسرة أزيد من 70 سنة".
ويبرز أن بحوزتهم حججاً ودلائل تؤكد أن الحكم تم بناء على وثائق ومستندات مزورة، متوعداً بتصعيد وإحراق جماعي لـ 11 فرداً من عائلة البوزيدي في حال نفذ حكم الإفراغ.
وإثر هذه الواقعة، تم إيقاف بعض الحقوقيين الذين آزروا عائلة الضحية للاستماع إليهم، في الوقت الذي ينظم فيه عدد من النشطاء، اليوم الخميس، وقفة احتجاجية أمام محكمة بن أحمد، احتجاجاً على ما وصفوه بـ "الظلم" الذي طاول أسرة "البوزيدي" واعتقال النشطاء دون وجه حق.
وفي تصريح لـ "العربي الجديد"، يقول عبد الإله الخضري، مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان: نطالب بالتحقيق في مضمون الحكم القضائي ومدى سلامة عملية التنفيذ، وبإيجاد حل معقول وتسوية مقبولة للنزاع، في ظل معلومات متضاربة ومتناقضة، وإصرار الطرفين على حقهما في القطعة الأرضية والمنزل الذي فوقها.
ويكمل الخضري "إقدام زهور البوزيدي على محاولة الانتحار حرقاً فعل مرفوض من الناحية المبدئية، لكن حالة اليأس والإحباط من إحقاق الحق، وصون الكرامة تزيد من تأجيج الوضع وتدفع الناس إلى الانتحار، وليست زهور هي الأولى ولا الأخيرة، الظاهرة تؤكد أن المواطنين في المغرب فقدوا الأمل في العدالة وفي كل شيء".
يذكر أن زهور ليست الأولى التي أضرمت النار في نفسها كطريقة للاحتجاج، بل سبقتها "مي فتيحة"، الأرملة التي احترقت في شهر أبريل/نيسان 2016، احتجاجاً على مصادرة لقمة عيشها من طرف السلطات المحلية بمدينة القنيطرة، وهو ما اعتبرته مساساً بكرامتها، كما أقدم شخص معاق على إشعال النار في جسده بمدينة القنيطرة (شمال)، بسبب مشاكل عائلية، في نفس الشهر من العام الماضي، وأيضاً أضرم تلميذ النار في جسده في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، احتجاجاً على إقصائه من متابعة دراسته، وهو الفعل ذاته الذي نفذه شاب عاطل بسيدي سليمان (شمال) في ديسمبر/ كانون الأول 2016، ومستخدم بمعهد للسينما أحرق جسده لأسباب مهنية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.