حالة من الهدوء خيّمت على تصريحات مغنيات لبنان مؤخراً. الأسباب غير معروفة، أو لعلها مفاجئة، بعد سنوات من الحروب المضادّة والخفية. وكانت لمواقع التواصل الاجتماعي اليد الطولى في الردود والردود المضاعفة، أو الانحياز لمغنية دون أخرى، ما زاد في مستوى الشقاق وحدّة الخلافات. فدائماً ما تشتعل الحرب بين نجوم الوسط الفني. تبدأ الحرب بخلافاتٍ صغيرة، أو تصريحات يعتبرها أحد الأطراف إهانة قوية، فيحاول الرد، وتتوالى الردود بين الفنانين. وربما تشترك في المعركة أطراف أخرى. لكن، يبدو أن حقيقة الخلافات لا تكون وليدة التصريحات، بل هي بدافع الغيرة، أو على خلفية تصريح قديم، أو منافسة أبناء المهنة الواحدة.
في مهرجان "موازين" الذي انتهت فعاليّاته قبل أيام قليلةٍ، كانت الأجواء هادئةً هذه المرة، من جهة التصريحات التي خرج بها المهرجان. عدا تصريح المغنية ميريام فارس، إذْ خانها التعبير بقولها: "أصبحت ثقيلةً على مصر لجهة الأجر الذي أتقاضاه"، ما دفعها لتقديم اعتذار لنقابة المهن الموسيقية في القاهرة، قبله النقيب هاني شاكر. اللافت، هو رأي الفنانة إليسا حول مواطنتها ميريام فارس، الذي اعتبرت أنها أخطأت، لكن اعتذارها وقبوله من الفنان هاني شاكر ينهي الجدل حول هذه القضية برأي إليسا، التي ستساند زميلتها اللبنانية وتقف إلى جانبها، بحسب تعبيرها.
إليسا في المؤتمر نفسه، تساهلت في ردها على منافستها نجوى كرم داخل "روتانا"، إذْ من المعروف أن هناك خصاماً تاريخيّاً بين المغنيتين، لم تستطع شركة "روتانا" طوال السنوات الماضية أن تبدده أو تقلل من شأنه. ويتخذ معجبو كرم وإليسا موقفاً متطرّفاً مناصراً لفنانة ضد أخرى. لكن كرم حاولت ترطيب الأجواء هذه المرة، وقالت بأنها ليست على خلاف مع إليسا وبإمكانها أن تهدي إليها زجاجة عطرها الخاص، إن كانت إليسا ترغب في ذلك. إشارةٌ تلقفتها إليسا بلطف، وردّت عليها بهدوء، نافية أي مشكلة لها مع كرم، ولا حتى زميلتها نوال الزغبي.
الواضح، أن هذا الهدوء لا يدخل ضمن إطار النجاح الفني أو الإصدارات الغنائية التي تستحق أن تأخذ حيّزاً من اهتمام الجمهور، لا جذب انتباه الجمهور من خلال المشاكل والتصريحات المفتعلة من أجل الترويج.
لكن الواضح أن سياسة النأي بالنفس باتت اليوم مسيطرة أكثر من الماضي. والبيّن أن الفنانين أنفسهم أصبحوا أكثر ذكاءً في التعامل مع المشكلات والردود أو الانفعال غير المبرر، الذي استهلك سنوات من الأخذ والرد. ذلك كله حوّل المشهد الفني إلى حلبة صراع بعيدة عن الشأن الغنائي، المفترض أنْ يتخذ العنوان أو الحلقة الأقوى في السجالات نفسها. من جهة أخرى، تقف شركة "روتانا" على الحياد، وهي التي أعادت قبل ستة أشهر المغنين أنفسهم إلى ملاكها. لكنها لا تحرك ساكناً من أجل "لمّ الشمل" الفني أو أقله الغنائي لفنانين ينتسبون إليها. هل يشي عام 2019 بعام المصالحات الفنية. وهل تخطى الفنان اللبناني صغائر الأمور، وأصبح باحثاً عن قيمة فنية يقدّمها للناس بدلاً من الأخذ والردّ؟