مفكرة المترجم: مع نجيب الحصادي

08 ابريل 2018
نجيب الحصادي
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مترجمين عرب في مشاغلهم الترجمية وأحوال الترجمة إلى اللغة العربية اليوم. هنا يتحدّث المترجم الليبي نجيب الحصادي عن تجربته في نقل أعمال فكرية من اللغة الإنكليزية، ملامساً حقولاً متنوعة، مثل الفلسفة والعلوم والمنطق.


■ كيف بدأت حكايتك مع الترجمة؟
في البداية شرعت في ترجمة بعض الكتب استجابة لحاجة واجهتها في تدريس مواد في قسم الفلسفة راجعة إلى ندرة الكتب في هذا التخصّص؛ ثم ما لبثت أن اكتشفت أن الترجمة تعينني من جهة، كونها تساهم في تشكيل معجم فلسفي عربي، وتفتح لي آفاقاً رحبة في البحث، من جهة ثانية.


■ ما هي آخر الترجمات التي نشرتها، وماذا تترجم الآن؟
آخر ترجماتي كتاب "تفكّر" لـ سيمون بلاكبرن، وهو كتاب يقدمّ الفلسفة لغير المتخصّصين؛ وأعكف الآن على مراجعة "قاموس كيمبردج للفلسفة".


■ ما هي، برأيك، أبرز العقبات في وجه المترجم العربي؟
على الرغم من أن الثقافة العربية ثقافة مُستقبلة في معظم الحقول، فإن نزر ما يترجم يظل يسيراً. ومن بين العقبات عدم الاتفاق على معجم لمصطلحات أي تخصّص، وعدم مواكبة الثقافة العربية للتطوّرات التي طرأت في مختلف العلوم، بما يصاحب هذه التطوّرات من استحداث لمصطلحات ومفاهيم جديدة لا عهد للعربية بها. وبطبيعة الحال فإن الدعم الرسمي لمشاريع الترجمة يظل ضعيفاً.


■ هناك قول إن المترجم العربي لا يعترف بدور المحرِّر، هل ثمة من يحرّر ترجماتك بعد الانتهاء منها؟
لم يسبق أن استعنت بمحرّر إلى أن كلفت بترجمة "دليل أكسفورد للفلسفة" من قبل القائمين على "مشروع نقل المعارف" في بداية هذا القرن، وقد اكتشفت الفائدة العظيمة التي يقدّمها المحرّرون للمترجمين.


■ كيف هي علاقتك مع الناشر، ولا سيما في مسألة اختيار العناوين المترجمة؟
في الحقيقة، وباستثناء "دليل أكسفورد"، وكتاب آخر بعنوان "التنوير مختلفاً عليه"، لم أكن أشتغل على ترجمات في علاقة مباشرة مع ناشر واختياراته. في معظم الأحوال أترجم الأقرب إلى تخصّصي العلمي، وما أستشعر أهميته المركزية في نشر الوعي التخصّصي أو العام.


■ هل هناك اعتبارات سياسية لاختيارك للأعمال التي تترجمها، وإلى أي درجة تتوقف عند الطرح السياسي للمادة المترجمة أو لمواقف الكاتب السياسية؟
لا علاقة لمعظم كتبي المترجمة بالاعتبارات السياسية. غير أن هناك كتاباً حول الاستبداد ترجمته بصحبة زاهي المغيربي، لـ إزيا برلن، عنوانه "ضلع الإنسانية الأعوج"، عرضناه على "الهيئة القومية للبحث العلمي" لنشره، فقام المسؤول بإحالته إلى جهة أمنية، فانتهى به المطاف في يد القذافي. بقي المخطوط لديه ما يقرب من عامين، ثم نُصحنا بنشره خارج البلاد، فعرضناه على "المركز القومي للترجمة" في مصر، والذي تكفّل لاحقاً بطباعته ونشره.


■ كيف هي علاقتك مع الكاتب الذي تترجم له؟
ليست شخصية بطبيعة الحال، لكنها حميمية، فأنا أحاول في النهاية التعبير عما يدور في خلده حين كتب ما كتب.


■ كثيراً ما يكون المترجم العربي كاتباً، صاحب إنتاج أو صاحب أسلوب في ترجمته، كيف هي العلاقة بين الكاتب والمترجم في داخلك؟
أقيم للأسلوب اعتباراً خاصاً، وأحرص على وضع بصمتي فيه، بصرف النظر عما إذا كنت أمارس التأليف أو الترجمة.


■ كيف تنظر إلى جوائز الترجمة العربية على قلّتها؟
لم أهتم بها يوماً، ولم أتابعها من قريب أو بعيد.


■ الترجمة عربياً في الغالب مشاريع مترجمين أفراد، كيف تنظر إلى مشاريع الترجمة المؤسساتية وما الذي ينقصها برأيك؟
غياب المشاريع من أهم أسباب انحسار الترجمة العربية. مشاريع الترجمة المؤسساتية نادرة نسبياً في وطننا العربي.


■ ما هي المبادئ أو القواعد التي تسير وفقها كمترجم، وهل لك عادات معينة في الترجمة؟
باستثناء المثابرة المستمرة، وتحرّي الدقة قدر الإمكان، ليست لي عادات تسم أسلوبي في الترجمة بطابع خاص.


■ كتاب أو نص ندمت على ترجمته ولماذا؟
حدث ذلك مع كتاب ضخم حول فلسفة المنطق. قطعت فيه شوطاً كبيراً، ثم شعرت أن حشده بالرموز المنطقية سوف يحول دون وجود عدد يكفي من القراء، فتوقفت عن ترجمة ما تبقى.


■ ما الذي تتمناه للترجمة إلى اللغة العربية وما هو حلمك كمترجم؟
أتمنى أن يدرك العرب حاجتهم الماسة إلى الترجمة، وأن يفعلوا ما في وسعهم لتلبية هذه الحاجة. أما عن أحلامي كمترجم، فهي أن يلقى ما أترجم العناية التي تليق بأهميته.


بطاقة
نجيب الحصادي من مواليد درنة (شمال شرق ليبيا) عام 1952، درس الفلسفة في ليبيا ثم في الولايات المتحدة الأميركية. من مؤلفاته: "أوهام الخلط" (1989)، و"أساسيات المنطق الرمزي المعاصر" (1993)، وفي الترجمة له: "نظرية المعرفة" (1996) لـ رودرك م. تشيزهولم، و"المشكلان الأساسيان في نظرية المعرفة" (2009) لـ كارل بوبر، و"تفكَّر" (2017) لـ س. بلاكبورن، كما نقل إلى العربية "دليل أكسفورد الفلسفي" (2005).