"ممنوع الاقتراب أو التصوير". غالباً ما كُتبَت هذه العبارة على اللافتات القريبة من المواقع العسكرية في مصر. لكن المفارقة أنها موجهة هذه المرة لأفراد الأمن المكلفين بحراسة الحملة الرئيسية لوزير الدفاع السابق، المرشح للرئاسة المصرية، عبد الفتاح السيسي، على مدار الـ24 ساعة.
المقر عبارة عن "فيلّا" فاخرة مكوّنة من طابقين، تتخذها الحملة مقراً رئيسياً لها على أطراف حي التجمع الخامس الهادئ، غرب منطقة الشويفات، بالقرب من مدرسة الشويفات الدولية، في القاهرة الجديدة، وتقع مباشرة أمام القصر المبني على مساحات يملكها رجل الأعمال الهارب حسين سالم، أحد المقربين من الرئيس المخلوع حسني مبارك.
قد تبدو الفيلّا بسيطة من حيث التصميم وطراز البناء من الخارج، إلا إنها فجأة تتحول إلى قلعة حصينة يشرف على تأمينها نحو 70 فرداً من رجال الأمن المدربين على أعلى مستوى، ويرتدون السترات الواقية التي حملت شعار شركة "فالكون" العالمية للتأمين والحراسة، ومجهزين بوسائل تواصل لاسلكية في ما بينهم. إلا أنه بدا جلياً حضور رجال الاستخبارات بشكل لا تخطئه عين.
ويقول مصدر في الحملة، لـ"العربي الجديد": "اخترناها بعيداً عن المناطق المزدحمة، ليسهل تأمينها"، موضحاً أسباب اختيار المكان، وعدم وجود أبنية مرتفعة (نظراً لأنها منطقة فيلات بالكامل)، حتى لا يتمكن أي شخص من كشف دواخلها، في الوقت الذي ينتشر فيه "قناصة" على سطح الفيلا وعلى أسطح الأبنية المجاورة لها.
تأمين المقر الرئيسي لحملة السيسي لم يكن مشابهاً لأي من عمليات تأمين المرشحين في انتخابات الرئاسة عام 2012، فالأسلاك الشائكة المحيطة بالفيلا، والبوابات الالكترونية وأشعة "إكس" التي تفحص الحقائب قبل دخول المقر، ظاهرة مستحدثة مع ترشيح السيسي.
ويأتي التأمين الكامل للمنطقة، في ظل استقبال السيسي لبعض أنصاره ومؤيديه في الحديقة الخلفية للفيلا، بعدما نشرت حملته صوراً له قبل أيام بجوار الورود داخلها مع وفد من النوبة.
وفور الاقتراب من المقر ـ "القلعة"، يستقبلك أحد المسؤولين عن تأمين المقر بجهازه اللاسلكي بالقول: "أوعى حد يلتقط أي شيء من على الأرض أو يمسك جسم غريب"، موجهاً تعليماته إلى العشرات من زملائه المشاركين في عملية التأمين، في حين يتحرك زميله الآخر في محيط المكان بجهاز أسود صغير لكشف المفرقعات، وذلك عند تسليم العشرات من شباب حملة "مستقبل وطن" نحو 26 ألف توكيل لدعم السيسي، يوم الأربعاء.
وقد مُنع أفراد الحملة المؤيدة للسيسي، أو أي من الصحافيين، من دخول المقر، وخرج منسق الحملة الرسمية، السفير محمود كارم، لاستقبال الزائرين خارج المقر في وسط الشارع، في ظل حراسة أمنية مشددة، بالتزامن مع تحليق مروحي بشكل مستمر في محيط مقر الحملة.
وبحسب حارس إحدى الفيلات المجاورة، فإن الفيلا لم تكن مسكونة طيلة السنوات الثلاث السابقة، وكان يحرسها بعض الأفراد، مرجحاً أن تكون مملوكة لأحد رجال الأعمال المعروفين، من دون الكشف عن هويته.