اعتبرت دراسة إسرائيلية أن "نجاح نظام بشار الأسد في إعادة السيطرة على هضبة الجولان يمثل تحوّلاً مفيداً لإسرائيل وأمنها، بسبب الاعتبارات التي تحكم توجهات النظام والمتعلقة بمتطلبات استقراره وتأمين تواصل حكم الطائفة العلوية، وتوفير بيئة تسمح بإعادة بناء سورية تحت إشرافه".
وأشارت الدراسة، التي صدرت أمس الخميس، عن "مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية"، التابع لجامعة "بارإيلان"، ثاني أكبر الجامعات الإسرائيلية، إلى أن "تعاظم مظاهر التنسيق بين موسكو وتل أبيب، إلى جانب المشاكل التي تواجه إيران وحزب الله، يعززان من توجه بشار الأسد لعدم السماح بتهديد المصالح الإسرائيلية في سورية، وفي الجولان على وجه الخصوص".
ورأت الدراسة أنه "حتى لو لم يعد الهدوء على جانبي الحدود تماما كما كانت عليه الأمور على مدى 40 عاماً قبل اندلاع الحرب الأهلية السورية، فإن متطلبات إعادة بناء النظام وإعادة إعمار البلاد وضمان تواصل حكم الطائفة العلوية تفرض على بشار الأسد ضبط الأوضاع في الجولان فلا تمثل مصدر تهديد لإسرائيل".
وشددت على أن "بشار الأسد يعي أن المواجهة العسكرية مع إسرائيل ليس فقط لن تضمن تحقيقه أية مكاسب له، بل إنها ستهدد استقرار نظامه". وأوضحت الدراسة أن "التنسيق الإسرائيلي الروسي بشأن الأوضاع في سورية مهم جداً ويؤثر بشكل عميق ليس فقط على توجهات نظام الأسد وسلوكه، سيما في الجولان وجنوب سورية، بل يقلص أيضاً المخاطر الناجمة عن وجود القوات الإيرانية والمليشيات الشيعية في سورية"، منوهة إلى أنه "بفضل التنسيق مع موسكو تم إبعاد الإيرانيين والمليشيات الشيعية لمسافة 85 كيلومتراً عن الحدود مع إسرائيل".
ووفق الدراسة، فإن "نظام الأسد يعي أن قدرة إيران والمليشيات الشيعية على إسناده لأمد بعيد غير مضمونة، مما يجعله يتجه إلى ضبط سلوكه العسكري والأمني بشكل لا يدفع إسرائيل للعمل ضده". وأشارت إلى أن "الأسد يدرك طابع التفوق العسكري الإسرائيلي المطلق والذي جعل إيران ترد بشكل ضعيف على مئات الغارات الجوية التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي على مدى السنوات الأربع الماضية، وهو ما يفسر سقوط عدد كبير من ضباط وعناصر الحرس الثوري الإيراني العاملين في سورية". وأوضحت الدراسة أن "عدم تردد إسرائيل في ضرب الوجود الإيراني في سورية أثبت لنظام الأسد، أن تل أبيب لا تتردد بخوض مواجهات مباشرة داخل سورية من أجل تحقيق مصالحها".
وحسب معد الدراسة، فإن "قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي وعودة الولايات المتحدة لفرض المزيد من العقوبات على طهران سيفضي إلى كبح توجهات إيران لمواصلة توسعها الإقليمي، وهذا ما قد يدفع القيادة الإيرانية لإعادة النظر في استمرار التواجد العسكري في سورية". وتوقعت الدراسة أن "تسهم العقوبات الاقتصادية وتأثيراتها المختلفة في إقناع نظام الحكم الإيراني بالاهتمام بالأجندة الداخلية لتفادي احتمال سقوطه بفعل ردة فعل الشارع".
ووفقاً للدراسة فإنه "نظراً لتعاظم الاحتجاج داخل الطائفة الشيعية في لبنان ضد التورط في الحرب الأهلية في سورية، فقد تراجعت قدرة حزب الله على تجنيد من المزيد من العناصر لتغطية العجز في قواه البشرية والناجم عن مقتل عدد كبير من مقاتليه داخل سورية". واستدركت أن "حزب الله لا زال يمثل مصدر تهديد كبير لإسرائيل"، مشيرة إلى أن "الحزب يملك 100 ألف صاروخ بإمكانها أن تصيب أهدافاً داخل إسرائيل".
وذكّر معدّ الدراسة بأن "إدراك نظام الأسد حجم الصعوبات والمشاكل التي يواجهها حلفاؤه الإيرانيون والمليشيات الشيعية سيدفعه لعدم السماح بتحويل مناطق تواجد قواته إلى مصدر تهديد لإسرائيل، بشكل يدفعها لاستهدافه". وخلصت الدراسة إلى أن "منظومة الاعتبارات التي تحكم نظام الأسد ستسهم في جعل المناطق الحدودية في الجولان منطقة سلام".
وبخلاف تحذيرات وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أخيراً من أن نظام الأسد يعيد بناء قواته البرية، رأت الدراسة أن "تفكك جيش النظام إلى جانب الدمار والفوضى السائدة في البلاد ستدفع النظام إلى تجنب الخيارات العسكرية لأنها يمكن أن تفضي إلى انهيار النظام نفسه".