لم يقف الحجاب عائقا أمام المصرية "شيرين سابت" وحبها لهواية الغوص تحت الماء. بل كان سببا في إلهامها كي تبدع مشروعا لا يخدمها وحدها، بل كل من يشاركنها حب الماء، سواء من المسلمات، أو غيرهن ممن يرغبن بممارسة الرياضات المائية من دون التخلى عن ملابسهن.
لم تكن شيرين تتخيل يوما أنها ستنخرط في عالم صناعة الملابس، خاصة أنها حاصلة على شهادة الدكتوراه في علم المناعة، ولكن شغفها بالماء وحاجتها لإيجاد ملابس تناسبها، وتشجيع المحيطين بها، دعمها لتدشين خط تصنيع خاص، أدى في نهاية المطاف إلى ولادة شركتها لصناعة ملابس البحر الإسلامية.
وقالت لـ"العربي الجديد": "ارتدائي للحجاب في الوقت الذي أصبحت فيه غواصة محترفة، من الأمور التي أقلقتني في البداية. إذ لم أكن متأكدة كيف سيؤثر حجابي على قدرتي على الاستمرار في الغوص، خاصة أن الملابس المخصصة له هنا ليست (شرعية). بدأت أتساءل كيف يمكن أن أمارس الغوص والتمتع بمشاهدة المخلوقات البحرية، في حين ألتزم بحجابي. وهنا اكتشفت أنني أستطيع ارتداء ما يسمى "Drysuit"، والتي كانت الحل الأفضل بالنسبة لي".
وأضافت: "اكتشفت لاحقا أنها ليست مثالية، إذا أردت أن أسبح في حوض السباحة أو الغوص مع زوجي عندما نكون في إجازة مثلا. وبدأت أتساءل كيف تستمتع المسلمات الأخريات بالفعاليات المائية والحفاظ على حجابهن في نفس الوقت. وقررت إيجاد حل لهذه المشكلة".
حب شيرين للبحر وكل ما يتعلق بالماء ليس غريبا، فهذه الشابة التي قدمت إلى أميركا مع والديها المصريين وهي في سن التاسعة، استقرت معهما في ولاية كاليفورنيا ذات الشواطئ الخلابة، ومدنها الساحلية المعروفة بانتشار الرياضات المائية. ومنها مدينة "هنتنغون بيتش" الملقبة بـ "Surf City" لاشتهارها بأمواجها التي تجذب المتزلجين من كافة أنحاء جنوب كاليفورنيا. وهي المدينة التي تعيش فيها شيرين وعائلتها، ومقر شركتها.
اقرأ أيضا:المايوه الشرعي.. جدالٌ مغربيّ يصل الأوساط السياسيّة
"وظفت معرفتي المباشرة بما هو متاح أمامي، في إنشاء خط ملابس السباحة ذات التغطية الكاملة. هذه الملابس ترتديها الآلاف من النساء في جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم، بما في ذلك النساء المسلمات المحافظات، وحتى أولئك القريبات من أئمة وقادة المجتمع الإسلامي الذين يكن لهم الناس احتراما كبيرا"، على حد قولها.
وتروي شيرين لـ"العربي الجديد" كيف أن فهمها لطبيعة الحياة في المجتمعات الغربية ساعدها في تصميم أزياء عملية، قادرة على إعطاء الفرصة للنساء، خاصة ممن يعشن في هذه المجتمعات للاندماج في البيئة غير المسلمة بسهولة.
وليس خفيا أن هذا النوع من أزياء الملابس البحرية بات رائجا مؤخرا، لا سيما مع تنامي الطلب عليه من الدول التي تعيش فيها أغلبية مسلمة، وهو الأمر الذي تأخذه شيرين بعين الاعتبار لدى تصميمها للخطوط الخاصة بها.
"أفكر كثيرا لدى تصميم أزياء البحر. أراعي بأن تكون الملابس محتشمة داخل وخارج الماء، آمنة ومريحة، ومتماشية مع الموضة، فبينما يطبق العديد من المسلمين الإسلام بشكل مختلف، أردت تحقيق التوازن بين الذوق الشخصي والحكم الإسلامي في الملبس، فلا تكون الملابس شفافة أو كاشفة أو ضيقة".
ولا يقتصر طلب ملابس السباحة ذات التغطية الكاملة على المسلمات فقط، فوفقا لشيرين: على الرغم من أن معظم قاعدة زبائني من المسلمات، إلا أن هناك طلبا من نساء يهوديات ومسيحيات محافظات أيضا، وكذلك من نساء يرغبن بتلك الملابس لأسباب غير دينية، كالنساء ذوات المقاسات الكبيرة، وذوات البشرة الحساسة، والكبيرات في السن، ومن يعانين من تشوهات جسدية.
"أتلقى ردود فعل إيجابية حول الملابس، إذ تخبرني هؤلاء النساء أن ملابسنا تسمح لهن بالاستجمام دون أي قلق أو مخاوف حول تعريض أجسامهن أمام الناس في الأماكن العامة أو لأشعة الشمس"، حسب قولها.
اقرأ أيضا:ملابس بحر "صادمة" عند شواطئ الصين