يلتقي العاهل المغربي الملك محمد السادس بالملك الأردني عبد الله الثاني، اليوم الأربعاء، ضمن زيارة رسمية يقوم بها العاهل الأردني للرباط لمدة يومين، حاملا معه ملفات سياسية واقتصادية للدفع بالعلاقات الثنائية بين البلدين، لكن القضية الفلسطينية ستكون على رأس هذه الملفات، وفق مراقبين.
ووصفت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة بالمغرب، ضمن بلاغ لها، زيارة ملك المملكة الأردنية الهاشمية، بأنها "زيارة صداقة وعمل"، وبأن مباحثات رسمية ستجمع القائدين العربيين، مردفة بأن "هذه الزيارة تعكس عمق علاقات الأخوّة والتعاون والتضامن التي تجمع الشعبين الشقيقين".
من جهته، أفاد بلاغ الديوان الملكي بالأردن بأن الملك عبد الله يزور الرباط "ليتباحث مع الملك محمد السادس حول القضية الفلسطينية، وملف القدس، ودعم الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة، وحول إقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وتنسيق الجهود بين المؤسسات العربية المعنية بدعم المقدسيين".
ويرى مراقبون أن زيارة العاهل الأردني إلى المغرب تأتي في سياق تتعرض فيه بلاده لضغوطات دولية وإقليمية للقبول بما يسمى "صفقة القرن" التي تدعمها بلدان عربية مثل مصر والسعودية والإمارات، وهي الضغوط التي تحدث عنها الملك الأردني بقوله أخيرا: "هناك ضغوط تمارس علي، لكن بالنسبة لي القدس خط أحمر، وأنا أعلم جيدا أن شعبي معي، والذين يريدون التأثير علينا لن ينجحوا".
ويكاد المغرب والأردن يتفقان بشأن هذا الملف، حيث يحرص البلدان على حث المجتمع الدولي على إيجاد تسوية شاملة وعادلة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كما أن مسؤولية العاهلين في هذا الصدد تفرض عليهما الاتفاق، إذ إن الملك محمد السادس هو رئيس لجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، والملك عبد الله الثاني هو الوصي على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
ويعلق على هذه الزيارة الرسمية الدكتور إدريس لكريني، مدير مختبر الدراسات الدولية حول تدبير الأزمات بجامعة مراكش، بالقول إنها زيارة "تكتسي قدرا من الأهمية بالنظر إلى أن البلدين تربطهما علاقات دبلوماسية متينة عززها إبرام مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية في السنوات الأخيرة".
وأشار لكريني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى "التناغم الحاصل في مواقف كل من المغرب والأردن إزاء عدد من القضايا والملفات الإقليمية والدولية، كما أن البلدين معا تمكنا من تجاوز رياح الحراك في المنطقة بأقل كلفة، عبر اعتماد إصلاحات هامة في إطار الاستمرارية".
ولفت الخبير السياسي إلى أن الزيارة تأتي في ظرفية إقليمية "حبلى بالإشكالات والمخاطر، فالنظام الإقليمي العربي يعيش أسوأ فتراته، ما يعكسه توتر العلاقات العربية البينية، وتأزم الأوضاع السياسية والأمنية في بلدان أخرى، فيما تزايدت حدّة هذه التحديات مع السياسة الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط التي تشجع الاحتلال الإسرائيلي على الاستمرار في تعنته وتنصله من التزاماته إزاء الشعب الفلسطيني وحقوقه".
وذهب لكريني إلى أن الزيارة "ستشكل فرصة لتعزيز وتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين الجانبين، كما أنها ستسمح بتبادل وجهات النظر وببلورة مواقف موحدة ومنسجمة إزاء مختلف القضايا الإقليمية المطروحة حاليا"، مردفا أنها "خطوة تظل في كل الأحوال مهمة، من شأنها المساهمة في تجاوز حالة الارتباك والتأزم التي تميز الوضع العربي بشكل عام".
ملك الأردن لن يزور المغرب محملا فقط بأجندات سياسية تتعلق بالقضية الفلسطينية أو "صفقة القرن"، وفق مراقبين، بل بطموحات اقتصادية أيضا، ذلك أن البلدين تجمعهما 115 وثيقة تعاون في الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة والطاقة والمعادن، وفي مجالات المالية والاستثمار والنقل الجوي والبري والملاحة البحرية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والجمارك والمنافسة.