ويوضح الجنابي أنّ المليشيات "اعتبرت كل محضر صلح تم خلال فترة حكم الرئيس السابق صدام حسين، باطلاً، باعتبار أنّ النظام، كان نظاماً غير شرعي". ويشير إلى أنّ المليشيات "بدأت بالتحرك نحو العشائر التي ارتكب أحد أفرادها جناية قتل أو حادثاً مرورياً أو مشاجرة وما شابه ذلك"، مطالبة إيّاها "بالحضور لعقد صلح جديد برعاية المليشيات، على أن تدفع ديّة جديدة، وترك الديّة القديمة، لتحصل العشيرتان على محضر صلح موقّع باسم المليشيا والعشائر الحاضرة في الصلح الجديد".
اقرأ أيضاً: "قانون العشائر" بدلاً من الدولة
ويعتبر الشيخ أنّ "الهدف من ذلك، هو الحصول على مبالغ ماليّة من الديّات التي تدفع من العشائر. وتقسّم الدية وفقاً لقانون المليشيات على اثنين، أي ثلثا المبلغ يكون من حصة المجني عليهم، وثلث يكون من حصة المليشيات".
ويلفت الشيخ، إلى أنّ "هذا المشروع الربحي الذي أقدمت عليه المليشيات لا علاقة له بالطائفية، ولا يشترط أن ينقض الصلح بين عشيرة سنية وأخرى شيعية، فبعض القضايا تمت بين عشيرتين تنتميان للطائفة نفسها، لكن عندما يكون أفراد العشيرتين المتخاصمتين (الجاني والمجني عليه) ينتمون للمليشيا، فإنّ الموضوع ينتهي بمحضر صلح جديد من دون الحاجة إلى دفع أي ديّة جديدة".
من جهته، يروي أحد أفراد عشيرة بني تميم، فارس التميمي، قصته مع الصلح العشائري الجديد، لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "استدعت مليشيا "عصائب أهل الحق" (المقربة من نائب الرئيس نوري المالكي) عمي، وهو أحد شيوخ العشيرة، في مقر لها في منطقة أبو دشير جنوبي بغداد، وأبلغته بدفع ديّة لعشيرة بني مالك على قضية قتل تمّت في تسعينيات القرن الماضي".
ويضيف، أنّ "القاتل هو شقيق الشيخ، وأنّ شقيق القتيل هو عنصر من المليشيا"، مشيراً إلى أنّ "الشيخ بيّن لهم أنّ القضية تم حلّها في وقتها، وهناك محضر عشائري موقّع من قبل عدّة شيوخ، وأنّ عشيرة بني مالك تسلّمت الديّة في وقتها". ويتابع التميمي، أنّ "المليشيات أبلغوه بنقض الصلح لأنّه كان في زمن الرئيس الراحل صدام حسين"، مبيناً أنّ "العشيرة أجبرت على دفع مبلغ 20 ألف دولار كديّة جديدة سلّمتها خلال اجتماع للصلح عقد برعاية المليشيا، التي وقّعت المحضر الجديد وتسلّمت الديّة".
اقرأ أيضاً: عراقيون يشترون جثث قتلاهم
من جهته، ينتقد عضو مجلس شيوخ عشيرة الجبور في بغداد، الشيخ علي الجبوري، هذا التوجّه إلى إحياء الثارات القديمة، بأنه "ستكون له تداعيات سلبيّة على أمن المجتمع"، معتبراً في حديثه لـ"العربي الجديد" أنّه "في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى نسيان الخلافات وزرع بذور التعايش السلمي، تعيد المليشيات الأحقاد والضغائن من جديد، لإفساد حياة المجتمع العراقي".
ويشير الجبوري إلى أنّ "هذا التوجه مرفوض دينياً وعشائرياً ومجتمعياً، ويجب الوقوف لصدّه، وعلى الحكومة أن تتحمّل مسؤولياتها تجاه المجتمع العراقي الذي ينحدر بمستنقع خطير لا تعرف له نهاية"، داعياً العشائر العربية الأصيلة في الجنوب والوسط والشمال، إلى "الوقوف في وجه هذا التحريض، وفي وجه كل من يعمل على إحياء النزاعات والخلافات ويحارب السلم الأمني في المجتمع العراقي".
اقرأ أيضاً: مليشيا مقربة من المالكي ترفض زعامة العبادي عليها