تتواصل عمليات استيلاء الفصائل والمليشيات المسلحة المرتبطة بأحزاب سياسية عراقية على المباني والعقارات الحكومية، وأخرى خاصة بالمواطنين، رغم البيانات والتصريحات الأمنية المتكررة بشأن فرض الأمن في العاصمة بغداد.
ويثير الأمر قلقاً واسعاً لدى السكان، فيما يرى سياسيون أن حل هذه المشكلة لن يتم إلا باتفاق سياسي واضح، اعتماداً على ارتباط هذه الفصائل المسلحة ببعض الأحزاب.
ويؤكد علي الجابري، وهو صاحب متجر لبيع الأحذية في حي المنصور بوسط بغداد، أن فصائل مسلحة استولت مؤخرا على بنايتين تجاريتين مجاورتين لجامع الرحمن في الحي، والذي سبق الاستيلاء عليه من قبل "حزب الفضيلة"، موضحا لـ"العربي الجديد"، أن البنايتين تعودان لضابط كبير سابق في الجيش العراقي، غادر العراق خلال فترة العنف الطائفي في البلاد بين عامي 2006 و2007.
ويشير إلى أن الحادثة ليست الأولى، إذ سبق لمسلحين تابعين لفصيل في "الحشد الشعبي" أن فرضوا سيطرتهم على مجمع "الكوخ" التجاري، رغم ارتباط البناية بناد رياضي معروف في العراق، مؤكداً أيضاً أن عناصر في مليشيات "عصائب أهل الحق"، و"سرايا السلام"، و"كتائب حزب الله العراقي"، استولوا على الأرصفة المحاذية لمول "المنصور" وحولوها إلى أكشاك تجارية تابعة لهم.
ويكشف ضابط برتبة نقيب في شرطة بغداد، عن بعض العصابات المرتبطة بقوى سياسية متنفذة، وأنها تستغل الأزمات السياسية لتنفيذ جرائمها، ويقول الضابط لـ"العربي الجديد"، طالبا إخفاء هويته، إن "القبض على هذه العصابات ليس له جدوى لوجود قيادات سياسية وأمنية توفر لها الحماية".
ويلفت إلى وجود عمليات استيلاء على عقارات ومنازل السكان الأكراد، أو الذين تنحدر أصولهم من المحافظات الغربية والشمالية "السنية"، من قبل جماعات مسلحة تنشط في أحياء العامل والبياع والشرطة في جانب الكرخ من بغداد، وأحياء اخرى في الجانب الشرقي من العاصمة، مذكرا بعمليات سابقة قامت خلالها مليشيات باقتحام سجون في بغداد وإطلاق سراح متهمين تابعين لها.
بدوره، يقول عضو البرلمان العراقي، جوزيف صليوا، إن مليشيات منفلتة هجرت مؤخرا مسيحيين من حيي الدورة والغدير في بغداد، واستولت على منازلهم، مضيفا خلال مقابلة تلفزيونية أن "القانون يجب أن يسود بدلا من السلاح المنفلت".
ويثير استيلاء الفصائل المسلحة على العقارات في بغداد، قلق عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، سعد المطلبي، والذي يؤكد في تصريح صحافي، أن مجلس المحافظة خوّل محافظ بغداد، عطوان العطواني، اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإعادة حقوق المواطنين، وإنهاء عمليات الاستيلاء على العقارات.
كما يوضح أن هذه المشكلة تتطلب حلا سياسيا على مستوى عال من القيادات، مطالبا القوى السياسية بالتبرؤ بشكل واضح من الجماعات المسلحة التي تستولي على العقارات، مضيفا أن "الجماعات المسلحة تابعة لجهات سياسية، وهذه الجهات السياسية هي التي تحمي تلك الجماعات، فالقضية تحتاج اتفاقا سياسيا أكثر من الأمني".
وسبق لعضو البرلمان العراقي، شعلان الكريم، أن دعا رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى توجيه إنذار للأحزاب السياسية والمليشيات التي تستولي على عقارات الدولة بشكل غير قانوني، موضحا أن هذه العقارات تعتبر من أموال الشعب.