لم يجمعهم دين ولا دم ولا حتى لغة، لكن ثمة شيء آخر قد جمعهم، ألا وهو الإنسانية! هذا ما حدث تماماً مع منتخبات كرة القدم الأوروبية، التي انتهزت فرصة خوضها لمباريات التصفيات المؤهلة لبطولة كأس الأمم الأوروبية "يورو 2016"؛ وذلك لكي تُعبر عن تعاطفها التام مع الطفل السوري، عيلان كردي، الذي لقي مصرعه غرقاً وسط أمواج البحر المتوسط، وغيره من الضحايا الذين لقوا حتفهم غرقاً، بعدما هربوا من المعارك الدامية بسورية.
"دقيقة" واحدة فقط احتاجتها منتخبات كرة القدم الأوروبية لكي تُظهر نزعتها الإنسانية الفياضة بوضوح لا تخطئه العين تجاه مئات اللاجئين السوريين، ممن لقوا حتفهم خلال رحلة الهروب من المعارك الدائرة في بلادهم إلى الدول الأوروبية عبر البر والبحر.
ففي ملعب أرتيميو فرانكي في مدينة فلورنسا الإيطالية؛ وقف لاعبو المنتخبين الإيطالي والمالطي دقيقة صمت حداداً على أرواح اللاجئين السوريين، خلال المباراة التي جمعت بينهما مساء أمس الخميس، ضمن التصفيات المؤهلة لبطولة الأمم الأوروبية 2016.
أما في العاصمة البرتغالية "لشبونة"، فقد وقف لاعبو المنتخب البرتغالي أيضاً دقيقة صمت قبيل انطلاق الحصة التدريبية التي أجراها المنتخب مساء الخميس، عشية المباراة الودية التي ستجمعه بنظيره الفرنسي مساء الجمعة، وقبيل المباراة التي سيخوضها أمام نظيره الألباني يوم الإثنين المقبل في التصفيات المؤهلة لبطولة كأس الأمم الأوروبية "يورو 2016" المقامة في فرنسا العام المقبل؛ وذلك حداداً على أرواح اللاجئين.
من جانبهم، فقد حرص لاعبو المنتخب الألماني لكرة القدم، على الترحيب باللاجئين السوريين، الذين وصلوا إلى بلادهم خلال الساعات القليلة الماضية، عقب أزمة تدفق آلاف اللاجئين على مدار الأسابيع القليلة الماضية إلى شواطئ جنوب أوروبا، قادمين من شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وفارين من ويلات الحرب في سورية.
هي مواقف نبيلة بكل تأكيد جسدتها المنتخبات الأوروبية في عالم الساحرة المستديرة، لتُثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأنّ كرة القدم، الرياضة الأكثر شعبية في العالم، لم تعد مجرد لعبة، ولم تعد أيضاً وسيلة للتسلية، بل أصبحت بمثابة رسالة نبيلة تُميز أخلاق هذا المجتمع أو ذاك، وهنا بالتحديد، يظهر رونق كرة القدم ومعدنها النفيس ورسالتها السامية.
موقف خجول
وعلى النقيض تماماً، ثمة شيء آخر يدعو للخجل، ويتعلق الأمر هنا في موقف المنتخبات العربية التي لعبت مساء أمس في التصفيات المزدوجة المؤهلة لبطولتي كأس العالم 2018 في روسيا ولبطولة كأس أمم آسيا 2019، والتي لم تُعر أي اهتمام لقضية الطفل السوري، عيلان كردي، الذي لقي مصرعه غرقاً وسط أمواج البحر المتوسط، وغيره من الضحايا الذين لقوا حتفهم غرقاً، بعدما هربوا من المعارك الدامية بسورية.
وتذرع البعض بحجة أن وقوف دقيقة صمت على الموتى ليست من تقاليد وأعراف الدين الإسلامي الحنيف، فيما ذهب آخرون لحجة عدم قانونية الأمر واحتياجه لموافقات مسبقة؛ لكن قد نسوا أو تناسوا أن هنالك حلولا أخرى مثل قراءة الفاتحة على أرواح الضحايا أو الدعاء لهم، أو حتى رفع لافتات في المدرجات تندد بالصمت الدولي، وهو ما لم يحدث على الإطلاق في مباريات المنتخبات العربية.
اقرأ أيضا..
صلاح عن الطفل السوري:"صديقي الصغير نوماً هادئاً وراحة أبدية"
بالفيديو..رونالدو وزملاؤه يقفون دقيقة صمت تضامناً مع اللاجئين السوريين