"كنتُ أشتي (أريد) أن أواصل على الرغم من التعب من أجل المشاركة في البطولة والتأهل ورفع رأس اليمن وأهلنا الذين تعبوا لأجلنا"، بهذه العبارة اختار لاعب التنس اليمني خليل العبسي الذي لم يتجاوز 12 عاماً، الحديث عن رحلته الشاقة من صنعاء إلى بيروت، التي استغرقت 3 أيام، للمشاركة في بطولة غرب آسيا للناشئين في التنس (تحت الـ 12 سنة للذكور والإناث) التي ينظمها الاتحاد اللبناني للعبة تحت إشراف الاتحاد الآسيوي.
وتأتي المشاركة في البطولة على الرغم من اضطراره، على غرار زميله عماد الرضي، والمدرب سلطان المسمري، لتحدي تبعات الوضع الحالي الذي يعيشه اليمن، وهو الذي اضطرهم لتحمل نفقات السفر على حسابهم الشخصي ومكابدة عناء الطريق والتوقف المتكرر على نقاط تفتيش الحوثيين من جهة والطرف الآخر من جهة أُخرى، وكذلك الفقدان المؤقت لإحدى حقائب سفرهم التي أتت من القاهرة في اليوم التالي من وصولهم إلى بيروت.
قصة الوصول إلى بيروت
كان التدريب المكثف يجري في صنعاء تحت القصف، نظراً إلى قرب الملعب من جبل النهدين الذي تعرض لقصف جوي مكثف منذ بدء الحرب اليمنية. وهو الأمر الذي حفّز عماد أكثر على تخطي التعب الذي عاناه الفريق خلال الرحلة، والذي دفعه إلى التفكير في العودة، لتتغلب الإرادة على الإهمال الرسمي.
المدرب سلطان المسمري، الذي يتولّى تدريب عماد وخليل منذ عامين ونصف العام، يروي في حديث مع "العربي الجديد" تفاصيل الرحلة الشاقة والصعوبات التي واجهها الفريق منذ اتخاذه قرار المشاركة في البطولة.
وقال في هذا الصدد: "أكبر جهد بذلناه كان من صنعاء إلى سيئون، استغرقت الرحلة 23 ساعة عبر باص نقل جماعي، انطلقنا الساعة السابعة صباحاً من صنعاء ووصلنا في اليوم التالي الساعة السادسة صباحاً، مررنا بنقاط تفتيش كثيرة لكن إحداها كانت مختلفة".
وأضاف: "في النقطة التابعة للحوثيين، صعد طفلٌ لا يتجاوز عمره السادسة عشرة، يحمل سلاحاً على كتفه، إلى الباص، سألنا إلى أين نتجه فأخبرناه أننا نتوجه إلى بيروت للمشاركة في بطولة غرب آسيا للتنس، وأن عماد وخليل هما لاعبا المنتخب وأنا مدربهما ولدينا رسالة رسمية من الاتحاد اليمني ودعوة رسمية وتفويض من عائلة اللاعبَين للسماح لهما بمرافقتي".
ويستكمل المدرب رواية ما جرى قائلاً "لكن المفاجأة كانت عندما قال لنا الطفل المسلح هذا لعب ولهو، أنتم تلهون الشباب عن الجهاد. عندها أجبته عن أي جهاد تتحدّث؟ هؤلاء أطفال. ما نقوم به هو الجهاد الحقيقي. لقد اخترنا القيام بهذه الرحلة الشاقة وعلى حسابنا الشخصي للذهاب وتمثيل اليمن، على الرغم من كل هذه الظروف القاسية. وبعدما أجرى اتصالاً بشخص مجهول وأخبره قصتنا رمى الأوراق والجوازات الخاصة بنا على الأرض وسمح لنا بالمرور".
هذه المعاناة، وإن كانت الأصعب، إلا أنها لم تكن الوحيدة، من جراء التوقف المتكرر على نقاط التفتيش والانتظار الطويل والتحقيق مع الركاب، ما جعل هاجس ضياع فرصة المشاركة في
البطولة يسيطر على المدرب واللاعبَين.
فصول المعاناة التي توقفت مع الوصول إلى مدينة سيئون (جنوب اليمن) والتوجه عبر مطارها إلى القاهرة سرعان ما استؤنفت، بعدما فُقدت إحدى حقائب السفر ليتأخر وصولها يوماً إلى مطار بيروت، ما سبب عامل توتر إضافياً للفريق، نظراً لأنها تحتوي على الملابس الرياضية والأحذية الخاصة بالفريق.
إهمالٌ رسمي يمني
يتحدث المدرب سلطان عن الإهمال الرسمي الذي حال دون حصول الفريق على أي دعم مالي بذريعة عدم وجود ميزانية، على الرغم من تقديم طلب رسمي من الاتحاد إلى وزير الرياضة في حكومة الحوثيين حسن زيد، في حين أكد الأخير، بعد التواصل معه، أنه سيتم تعويض الفريق والتكفل بنفقاته حال عودته.
ويشير سلطان إلى أن سفر الفريق إلى لبنان للمشاركة في البطولة، التي افتتحت في 26 مارس/ آذار 2018 وتُجرى على ملاعب نادي الغولف اللبناني، لم يكن ممكناً لولا تكفل أحد "فاعلي الخير"، لم يذكر اسمه، بدفع تذاكر السفر المقدرة بنحو 325 ألف ريال (نحو 650 دولاراً) من سيئون إلى القاهرة ومن ثم من القاهرة إلى بيروت، في حين تم توفير بقية المصاريف غير المغطاة من قبل منظمي البطولة من حجز في الفندق، نتيجة اضطرارهم للوصول قبل يومين من الموعد المحدد للبطولة، بالإضافة إلى المصاريف الشخصية على نفقة عائلة اللاعبين.
وحالت هذه النفقات دون مشاركة اللاعب الثالث بسبب عجزه عن تأمين كلفة السفر إلى بيروت، لتكون بذلك البعثة اليمنية المشاركة في البطولة الأقل عدداً، من ناحية اللاعبين الأساسيين أو لناحية المرافقين.
ويؤكد المدرب سلطان في هذا الإطار أن غياب اللاعب الثالث أثر سلباً على الفريق وفرصه في المباريات المختلفة التي لعبها، لأن عماد وخليل كانا مضطرين للمشاركة في جميع المباريات، ولم يكن هناك من مجال لنيل أي منهما قسطاً من الراحة، على عكس ما حصل مع بقية الفرق التي تشارك بثلاثة لاعبين.
كذلك يتحدث سلطان أنه لو توفر الاهتمام والدعم المالي لكان فريقه قد تمكن من الوصول إلى بيروت قبل وقت كافٍ يتيح التدرب والاستعداد، نظراً إلى أن الملاعب التي تُخاض عليها البطولة ترابية على عكس طبيعة الملاعب في اليمن.
البطولة بعين عماد
يشرح اللاعب عماد في حديثه مع "العربي الجديد" كيفية تأثير ذلك بقوله "كل شيء مختلف. على أرضية الملعب في اليمن تكون الكرة بطيئة هنا الكرة سريعة، ونحن غير معتادين على ذلك. لو تدربنا أكثر على هذه الأرضية لكان الأداء مختلفاً للأفضل".
ويؤكد عماد أنه سعيد بالمشاركة في البطولة، على الرغم من الظروف، متمنياً لو أنها كانت أفضل، وتحديداً لو كان مطار صنعاء مفتوحاً، ليس لأن هذا الأمر كان سيحدّ من الرحلة الشاقة فقط بل لأنه كان سيتيح لوالده الحضور أيضاً إلى لبنان لدعمه معنوياً.