وقال الناصر الشنوفي، رئيس اللجنة الانتخابية (لجنة برلمانية خاصة)، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن اللجنة أنهت عملية فرز ملفات ترشيحات الكتل النيابية لعضوية المحكمة الدستورية في انتظار انعقاد مكتب البرلمان لتحديد موعد الجلسة العامة الانتخابية، مشيرا إلى أن "المسألة بيد توافق رؤساء الكتل البرلمانية حتى تنجح الجلسة".
ولفت الشنوفي إلى أن "الاحتقان داخل البرلمان لا يبشر بخير وبقرب انتخاب الثلث المعهود للبرلمان"، مشيرا إلى أن "مجلس الشعب لم يتمكن في 6 جلسات عامة انتخابية، من استكمال انتخاب 3 أعضاء للمحكمة الدستورية"، في وقت نجح المجلس في انتخاب عضو وحيد، وهي القاضية روضة ورسغيني، علما أنه على البرلمان انتخاب 4 أعضاء، والمجلس الأعلى مطالب باختيار 4 أعضاء، ورئيس الجمهورية يعين 4 أعضاء، لتكتمل تركيبة مجلس المحكمة الدستورية المكون من 12 عضوا.
وبيّن المتحدث ذاته أنه وردت إلى المجلس 9 ملفات لمرشحين من قبل الكتل البرلمانية، حسبما ينص عليه قانون المحكمة الدستورية، ملفان جديدان و7 ملفات لأشخاص سبق لهم الترشح، وقد تم قبول 6 مرشحين، 4 منهم مختصون في القانون، واثنان من غير المختصين.
وقبلت اللجنة ملف المحامي محمد العادل كعنيش، الذي رشحته كتلتا "نداء تونس" و"الحرة" لحركة مشروع تونس، الذي يتزعمه محسن مرزوق، كما قبلت ملف المحامي عبد الرحمان كريم، مرشح كتلة "الحرة" لحركة مشروع تونس.
وقُبل أيضا ملف عميد كلية الزيتونة للشريعة الدكتور عبد اللطيف بوعزيزي، بينما رُفض القاضي محمد صالح السرسي، وكلاهما مرشحان لكتلة حزب حركة "النهضة".
كما قبلت اللجنة ملفي الأستاذ ماهر كريشان ومحمد الفاضل الطرودي، مرشحي كتلة "الولاء للوطن"، وقبل كذلك مرشح كتلتي المعارضة "الديمقراطية" و"الجبهة الشعبية"، الحقوقي العياشي الهمامي.
وأيضا قُبل ملف فاطمة الزهراء عباس، مرشحة كتلة الائتلاف الوطني الداعمة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، في وقت رشحت الكتلة نفسها مع الجبهة الشعبية المعارضة الجامعية والحقوقية سناء بن عاشور، غير أن ملفها رفض لنقص في الوثائق.
وأعلنت سناء بن عاشور، أستاذة القانون العام والعلوم السياسية، انسحابها من الترشح للمحكمة الدستورية، معبرة، في تصريح صحافي، عن رفضها لـ"المساهمة في عملية تبييض وعملية تلاعب سياسي كلها مخاطر على مستقبل الديمقراطية في بلادنا"، مشيرة إلى أن "اللهاث المحموم للبعض" في مجلس نواب الشعب من أجل إفشال مسار إحداث المحكمة الدستورية "يشكل ضربة أخرى تسدد لمصداقية أولئك الذين يعتقدون أنه بإمكانهم التلاعب طويلا، دون محاسبة، بمؤسسات الديمقراطية التي ينشدها الشعب".
وأصدرت 12 منظمة حقوقية وغير حكومية بيانا تدعو فيه المجتمع المدني إلى "التحرك للضغط على مجلس الشعب لإتمام إرساء المحكمة الدستورية"، التي ينص الدستور التونسي على ضرورة إرسائها "في أجل أقصاه سنة" بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في 2014.
وشاركت في الدعوة الجماعية كلّ من النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، وجمعية بيتي، والجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، والجمعية التونسية للدفاع عن القيم الجامعية، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، وجمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، واللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والأورومتوسطية للحقوق، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب.
وأكدت المنظمات، في بيانها، أن "إدمان بعض الكتل البرلمانية المؤثرة على المماطلة والتسويف والحسابات الحزبية الضيقة يثبت – بما لا يدع مجالا للشك - أن تركيز هذا الهيكل الحيوي لترسيخ الديمقراطية في بلادنا، والحامي من إساءة استعمال السلطة، هو من آخر اهتمامات هذه الكتل".
ودعت المنظمات مختلف مكونات المجتمع المدني إلى "التحرك من أجل مطالبة الكتل البرلمانية بتحمل مسؤولياتها وتجاوز خلافاتها وحساباتها الحزبية، وانتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقين على أساس الكفاءة والنزاهة والاستقلالية، لا على أساس المحسوبية والولاء السياسي، وذلك نظرا لحاجة ديمقراطيتنا الناشئة لهذا الهيكل الدستوري المستقل".
من جهته، قال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن مجلس النواب وكتله تتحمل المسؤولية التاريخية في هذا الاستحقاق الدستوري، مشيرا إلى أن "إرساء المحكمة الدستورية شرط لعبور المرحلة الانتقالية ولتثبيت الديمقراطية في البلاد".
وحذر الحمادي من خطورة عدم إرساء المحكمة الدستورية في وقت تقدم فيه البلاد على انتخابات تشريعية ورئاسية، محذرا من "تعطل هذه المؤسسة وتبعاته".
ولفت رئيس جمعية القضاة إلى "خطورة الولاءات الحزبية واختيار مرشحين بسبب قربهم الحزبي، وليس لكفاءتهم ونزاهتهم وحيادهم".