أعربت منظمات حقوقية مصرية عن تضامنها الكامل مع المستشارين هشام رؤوف وعاصم عبد الجبار المحالين لمجلس التأديب والصلاحية، على خلفية حضورهما ندوة تناقش اقتراح قانون لمكافحة التعذيب، شاركا في صياغته، بالتعاون مع المحامي الحقوقي نجاد البرعي.
وأكدت المنظمات، بالتزامن مع الجلسة السادسة والمقرر عقدها غداً الاثنين بدار القضاء العالي، أن القضية شابتها خروقات وانتهاكات جسيمة تعكس نية الانتقام المبيّتة من القاضيين، على النحو الذي فصّله مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، في التعليق القانوني الذي أصدره اليوم في هذا الصدد.
وأوضح البيان الذي أصدرته المنظمات أنه "لما كان حضور ندوة أو ورشة عمل لا يعد تهمة بأي حال من الأحوال، كان قرار الإحالة لمجلس الصلاحية أسهل من الإحالة لمجلس التأديب. إذ لا تقوم دعوى الصلاحية على تهمة محددة للقاضي، كونها مجرد تقييم لمدى صلاحيته للاستمرار في وظيفته القضائية، في حين تستوجب الإحالة للتأديب وجود تهمة محددة بناء على تحقيق جنائي أو إداري، كضمانة جوهرية غايتها التأكد مما إذا كان الفعل المنسوب للقاضي يرقى لمرتبة التهمة".
وأشارت المنظمات الموقّعة للبيان إلى أن الإحالة للصلاحية باتت تستخدم كثيرًا للانتقام من بعض القضاة، وإقصائهم عن مناصبهم القضائية كعقوبة على تعبيرهم عن آرائهم، في حين أن هناك الكثير من القضاة أفصحوا عن آراء سياسية سواء في أحكامهم أو من خلال الإدلاء بحوارات صحافية، ولم يتم التعرض لهم.
واعتبرت أن التعليق القانوني الذي جاء تحت عنوان "الانتقام من العدالة"، وأصدره مركز القاهرة لحقوق الإنسان، وتبنّت المنظمات الموقعة مستخلصاته، توصل إلى أن القاضيين "لم يرتكبا أية مخالفة قانونية، بل على العكس شابت مراحل التحقيق معهما انتهاكات ومخالفات قانونية وإجرائية عدة، بداية من قرار ندب قاضٍ للتحقيق بالمخالفة للقانون لعدم تضمن القرار تهمة محددة تكون موضوع التحقيق، مرورًا بتجديد قرارات الندب غير المسببة وغير القانونية، فضلاً عن مباشرة قاضي التحقيق للعمل بالقضية بعد انتهاء مدة ولايته القضائية، واستدعائه للمستشارين دون إخطار مجلس القضاء الأعلى".
ولفت البيان إلى تركيز التعليق على انحياز قاضي التحقيق الواضح ضد القاضيين، على نحو يعكس نية الانتقام منهما والرغبة في إنهاء عملهما في السلك القضائي. إضافة إلى توجيه أسئلة بعيدة كل البعد عن موضوع القضية لتصيّد اتهامات إضافية.
وتعود بدايات هذه القضية إلى مايو/أيار 2015 حين انتدب قاضٍ للتحقيق في تعاون القاضيين هشام رؤوف وعاصم عبد الجبار مع "منظمة غير شرعية"، واشتراكهما في صياغة مشروع قانون لمكافحة التعذيب، مساهمة منهما لسد الفراغ التشريعي الذي يعرقل عمل النيابة العامة والقضاء في هذا النوع من القضايا، ومنع إفلات مرتكبيها من العقاب. وانتهت التحقيقات بإحالتهما إلى مجلس التأديب بهيئة عدم الصلاحية في 27 مارس/آذار 2017.
وتعتبر المنظمات الموقعة أن مساهمة القاضيين هي عمل يفترض أن يكون محل تقدير وامتنان، لا عقوبة، مؤكدة أن دور القاضي لا يقتصر على حسم النزاعات المعروضة أمامه فحسب، الأمر الذي سبق وأكده مجلس التأديب والصلاحية في بعض أحكامه.
وسبق لمجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي فضلاً عن قاضي التحقيق، أن خلصوا في مذكراتهم بأن ما قام به القاضيان يعد اشتغالًا بالسياسة، ما يُفقدهما شرطًا من شروط الصلاحية لتولي المناصب القضائية. وعلّق مركز القاهرة على المذكرات، شارحاً المقصود قانونا بمصطلح "الاشتغال بالسياسة" والغاية القانونية من إقراره، استنادًا للمذكرة التوضيحية للقانون رقم 66 لسنة 1943 والخاص باستقلال القضاء، والذي ورد في مادته الـ(17) هذا الحظر، بالإضافة لما جاء في أحكام سابقة لمجلس التأديب والإصلاحية وبيانات للمجلس الأعلى للقضاء.
وأكد المركز أن مناقشة واقتراح التعديلات التشريعية لا يدخل بأي حال ضمن الأنشطة السياسية المحظورة.
ووقع البيان كل من المنظمات التالية: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، والمؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية (نضال)، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز النديم، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومصريون ضد التمييز الديني.