ارتفعت وتيرة الحملة الأمنية لاستهداف الحقوقيين والسياسيين في مصر، خلال الآونة الأخيرة، لأسباب يرجعها بعضهم لـ"خشية النظام من حراك باطني يمهد لانتخابات الرئاسة في 2018"، أو لـ"قلق النظام المضطرد مع الأزمات الاقتصادية المتتابعة، قبل الانتخابات الرئاسية".
في أقل من أسبوع، ألقت قوات الأمن المصرية، القبض على 7 من أعضاء حزب "العيش والحرية" (تحت التأسيس)، من محافظات مختلفة في أنحاء مصر، وهو ما فسره المحامي الحقوقي والناشط السياسي، محمد ناجي بأنه "يرجع بشكل رئيسي، للحملة المزمع العمل عليها لترشيح وكيل مؤسسي الحزب والمحامي الحقوقي والعمالي خالد علي للرئاسة".
وقال ناجي "زملاؤنا الرفاق والمناضلون في حزب العيش والحرية في حاجة، الآن أكثر من أي وقت مضى، للتضامن والدعم بكل الطرق الممكنة من قبل كل المؤمنين بالثورة في مصر، ضد الحملة الأمنية الممنهجة على القوى الديمقراطية، وفي القلب منها حزب العيش والحرية وأعضاؤه".
وأضاف "الأمن يستهدف شباب الحزب وطلابه بشكل رئيسي لأنهم وقود العمل اليومي في المحافظات"، مؤكداً أنه "بشكل شخصي، وعلى الأقل، سأحرر توكيلًا تضامنيًا للحزب الأسبوع المقبل وأدعو كل المناضلين لاتخاذ نفس الخطوة، أو العمل على دعم الحزب وأعضائه بأي طريقة ممكنة".
وتمثل قائمة التهم الموجهة لعضو حزب العيش والحرية في السويس، محمد وليد، الذي اقتادته قوات الشرطة لمقر الأمن الوطني، نموذجاً صارخاً على استهداف الشباب واستخدام القانون في ملاحقة المعارضين والعداء لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
وتضمنت القائمة اتهامه بأنه من "العناصر الإثارية" ونشر الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي من شأنها توجيه شائعات مغلوطة ضد مؤسسات الدولة والجيش والشرطة والقضاء. الترويج لشائعات بشأن الاقتصاد، في محاولة لتأجيج مشاعر المواطنين وإحياء الروح الثورية لديهم والسعي لاستقطاب عدد من العناصر الشبابية لتنفيذ عمليات عدائية تستهدف المنشآت الحكومية والشرطية. استهداف رجال الجيش، مستخدمين بعض الأسلحة النارية محلية الصنع وزجاجات حارقة في ارتكاب الأعمال العدائية، وإثارة القاعدة الجماهيرية وتأليب الرأي العام بالقوة للضغط على النظام القائم بالبلاد لعدم قدرته على توفير الأمن والخدمات اللازمة للمواطنين، وتعطيل مصالحهم والسعي لإثارة النعرة الطائفية بين عنصري الأمة، وذلك قبل الإفراج عنه بكفالة مالية صباح أمس الخميس.
واستندت كل هذه الاتهامات السابقة على منشور على حساب وليد على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" متضمناً النص الآتي "أنا مش فلول ولا إخوان أنا عايز أعيش إنسان"، و شعار "يسقط حكم العسكر" وشعار حزب "العيش والحرية".
ويأتي القبض على وليد، بعد أيام من القبض على الطالب جمال عبد الحكيم عضو الحزب نفسه في الشرقية، وهو طالب بكلية تجارة الزقازيق قررت النيابة حبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات معه في قائمة من التهم، تشمل الترويج بالقول والكتابة لقلب نظام الحكم وتأليب المؤسسات واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لأفكار جماعة إرهابية.. وكانت آخر حلقات هذه الحملة، القبض على عضو الحزب، أحمد فتحي، من منزله بالمنيا فجراً ولم يستدل على مكانه حتى الآن.
في السياق ذاته، أصدرت ست منظمات حقوقية مصرية، بياناً مشتركاً أعربت فيه عن "إدانتها الشديدة للحملة البوليسية المتصاعدة التي طاولت العشرات من النشطاء عبر المطاردة والاعتقال، خلال الشهر الأخير والتي كانت من ضمن حلقاتها مداهمة منزل زوجة الصحافي اليساري إبراهيم الصحاري السابقة بحثاً عنه".
واعتبرت المنظات تلك الحملة الأمنية بأنها "تمثل عودة لظاهرة زوار الفجر البغيضة التي انتشرت خلال عهد الدكتاتور المخلوع حسني مبارك".
وقالت المنظمات في بيانها "طاولت هذه الحملة البوليسية قبض سيد محمد السيد الشهير بـ (سيد كابو) وكريم أحمد يوسف الشهير بـ (كريم باتشان)، بتهمة نشر أخبار كاذبة من شأنها تشكيك المواطنين بأداء النظام الحاكم والإسقاط عليه، والتشكيك فى نزاهة القضاء وتحريض المواطنين على التظاهر والتجمهر والعصيان، ونشر صور مسيئة لشخص ومنصب رئيس الجمهورية استناداً إلى منشورات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك".
كما تم اعتقال الناشطين مصطفى الجالس، ومصطفى عبد الله شقرة، في قنا، فجر الثلاثاء، قبل يوم واحد من اعتقال الشاب أندرو ناصف في الشرقية.
وتابعت المنظات "تصاعدت الحملة البوليسية خلال مايو/أيار الحالي تصاعداً كبيراً بحق النشطاء السياسيين وخاصة من الشباب، بدءاً بنائل حسن ثم إسلام الحضري والشاذلي حسين وأحمد إبراهيم، والذين وجهت لهم السلطات في الإسكندرية جميعاً اتهامات بالانضمام لجماعات إرهابية هدفها إسقاط الدولة، والترويج للإرهاب بصورة مباشرة وغير مباشرة لارتكاب جريمة إرهابية. واستخدام موقع إلكتروني لترويج انتقادات وأفكار الجماعات الإرهابية بغرض إسقاط الدولة وقلب نظام الحكم، وهي نفس قائمة التهم الموجهة مثلاً لأشرف أبو حلو وهو متحدث سابق باسم أهالي منطقة طوسون والذي اعتقل قبل أيام من الإسكندرية".
واتسعت قائمة ضحايا تلك الحملة لتشمل "أحمد الحفني عضو حزب الدستور في بورسعيد الذي ألقت قوات من الأمن الوطني القبض عليه، وأبقت عليه محتجزاً لديها لفترة قبل عرضه على النيابة التي أحالته للمحاكمة العاجلة أمام محكمة جنح بورسعيد، بتهمة إهانة رئيس الجمهورية، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والانتماء لجماعة محظورة".
وتابع البيان "تأتي هذه الاتهامات على خلفية تلقي مجلس النواب مقترحًا من رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي كامل عامر، بتعديل بعض مواد قانون العقوبات لتغليظ العقوبة على إهانة رئيس الجمهورية، لتصل إلى الحبس من يوم إلى ثلاث سنوات والغرامة التي تتراوح قيمتها من 50 ألف جنيه حتى 200 ألف جنيه".
وأنهت المنظمات الموقعة على البيان رسالتها بالتنديد "بما يحدث مع المطالبين بالديمقراطية من نشطاء وأعضاء أحزاب وحركات شبابية، فهي تؤكد أن تلك الجرائم لن يفلت المسؤولون عنها من العقاب ولن تسقط بالتقادم، وسوف تتم ملاحقة كل المشاركين فيها إن آجلا أم عاجلاً، ونناشد كل قوى المجتمع المدني والأحزاب السياسية بالتصدي لمحاولات نشر مناخ الخوف وترسيخ الدولة البوليسية عبر انتهاك القانون وتوظيفه لدعم الدولة البوليسية".
المنظمات الموقعة على البيان هي "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومؤسسة نظرة للدراسات النسوية، ومركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير".