للمنظمات الإنسانية دور في إزاحة عبء كبير عن كاهل السوريين الذين أنهكهم الدمار والقصف والتهجير، لكنّ هذا الدور أخذ بالتراجع بمرور السنوات. وحتى في مناسبات مهمة مثل شهر رمضان، لا يجد السكان المحتاجون والنازحون ما يعينهم غالباً
يقول مدير العلاقات العامة والشراكات في منظمة "إنسان" الإغاثية السورية، خالد الفجر، لـ"العربي الجديد" إنّ المنظمات الإغاثية تعمل منذ ثماني سنوات كإطفائيات للحرائق، والمؤسف أنّ الحرائق المتكررة أكبر بكثير من إمكانية هذه المنظمات.
استقبلت المنظمات شهر رمضان بمشاريع إغاثية محدودة، منها إفطار الصائمين، وسلة رمضان، وهناك تراجع كبير في هذه المشاريع مقارنة بالسنوات السابقة. وقد ترافق الشهر مع حركة نزوح هائلة من ريف حماة الشمالي، وريف إدلب الجنوبي، إذ نزح في أقل من 15 يوماً نحو 200 ألف نسمة، وهم يحتاجون إلى كلّ شيء بدءاً بالمأوى وصولاً إلى الغذاء، وكلّ المحاولات لمساعدتهم حتى اليوم خجولة، ولم يعرف إلى الآن ما إذا كان سيفتح حساب طوارئ مالي أم لا، ولم يلحظ إطلاق حملات كبيرة وهذا يعكس مدى الإنهاك الذي وصلت إليه المنظمات والمتبرعون، علماً أنّ الحاجات لم تتراجع بل هي في ازدياد، وهذا ما يفرض تسليط الضوء عليه وشحذ الهمم خصوصاً في رمضان؛ شهر العطاء والتبرع.
عن طرق تفعيل دور المنظمات أكثر، يرى الفجر أن ذلك يحصل عبر "الحشد والمناصرة وتكثيف الجهود وإخطار كلّ الجهات الدولية ومحاولة التأثير في الرأي العام الدولي حول الانتهاكات الإنسانية الفادحة، التي يرتكبها الطيران الروسي والسوري والقصف المدفعي. ثم الضغط على المنظمات الدولية والداعمين لاستمرار عملية الدعم وزيادتها وليس إيقافها، خصوصاً في شمال غرب سورية؛ هذه المنطقة التي يتجمع فيها أكثر من مليون ونصف مليون نازح ما عدا سكانها الأصليين الذين يتجاوزون مليوناً ونصف المليون. كذلك، إطلاق حملات إغاثية على مستوى دولي، وهذا يقتضي تنسيقاً عالي المستوى في ترتيب تلك الحملات وتوزيع الأدوار بشكل واضح، حتى تنال ثقة الداعمين والمجتمع المحلي. يضاف إلى ذلك التنسيق الميداني سواء في التخطيط أو تقييم الاحتياجات أو المعلومات أو التنفيذ".
اقــرأ أيضاً
في ما يتعلق بمشاريع الإفطار، يجيب الفجر: "هناك ملاحظات بخصوص مدى تلبيتها أولويات النازحين والمحتاجين، فهل الأولوية هي لتوزيع الطعام المطبوخ أو الجاهز للطبخ؟ أنا من مؤيدي توزيع الوجبات النيئة وهذا رأي النازحين في آخر استبيان أجرته منظمة إنسان قبل شهرين، إذ عبر 85 في المائة من المستطلعين عن ذلك، لكنّ النازح الجديد غير المستقر يفضل الوجبات المطبوخة وهذه تعتبر من أهم المساعدات التي تقدم في رمضان. هناك تراجع كبير في هذه المشاريع ولم تعد تغطي سوى نطاق ضيق من النازحين والمحتاجين، ولم يعد لها ذلك الزخم كما كانت من قبل، بالرغم من أنّها يمكن أن تسد حاجة كبيرة للأسر التي لا تملك ما تفطر عليه".
أما عن أثر المنظمات المحلية وإمكاناتها، فيقول الفجر: "عندما تعمل كلّ منظمة بمفردها، سيبقى أثرها ضعيفاً، سواء في الميدان أو على المستوى الدولي، وهذا يقود إلى التأكيد على أهمية الأجسام التنسيقية التي تشكلت من عدد جيد من المنظمات السورية، إذ هناك أكثر من ثمانية أجسام تنسيقية سورية تعمل في مجالات مختلفة، وتجمعت في رابطة الشبكات ست شبكات في جسم واحد. وقد دعت الرابطة إلى اجتماع حشد ومناصرة لأجل هذا الغرض".
يضيف: "جرى توقيع بيان مشترك وتوجيهه إلى الأمم المتحدة، لكنّ القوة هي التي تتحكم في مسار الأحداث والأولوية المطلقة التي لا يختلف عليها اثنان هي وقف القتل والتهجير والأرض المحروقة، وكلّ ما دون ذلك يمكن تدبيره. بالنسبة للمنظمات والهيئات الدولية، فإنّ عليها أن تساعد في تقديم خطة طوارئ للاستجابة للنازحين الجدد، الذين يقدّر عددهم بعشرات الآلاف بالإضافة إلى استمرار المساعدات وزيادتها للناس في الشمال وليس تقليصها".
من جهته، يقول مدير منظمة "سداد" محمد نجار لـ"العربي الجديد": "تزداد معاناة واحتياجات الناس في الشمال السوري كلّ عام بحلول شهر رمضان، نتيجة عوامل أهمها ارتفاع الأسعار وضعف الدخل وموجات النزوح القسري التي تحول دون قدرة النازحين على تأمين مقومات الحياة وسبل العيش في رمضان. وتعمل المنظمات المحلية على دراسة المجتمع عن قرب وتقييم احتياجاته ودراسة السوق، لوضع خطة عمل تلبي جزءاً من الاحتياجات، التي تكون في غالب الأحيان أكبر من قدراتها". يتابع: "أبرز ما يترتب على المنظمات في هذه المرحلة الحالية هو تأمين وسائل العيش وإنقاذ الأرواح، من خلال توفير مياه الشرب والطعام والإيواء وإن بالحد الأدنى. بالنسبة إلى موجة النزوح الأخيرة، هناك مشاركة خجولة من قبل الأمم المتحدة والمانحين الدوليين، وتجلى الأمر في عدم تأسيس خطة طوارئ لسبل العيش وتأمين الإيواء. واقتصر العمل على مبادرات فردية من بعض المنظمات المحلية على تأسيس فرق استجابة ميدانية، تسعى لتأمين الطعام والوجبات والخيام. هناك بعض المنظمات عملت على تفعيل المطابخ الميدانية لتقديم الوجبات اليومية، ومنظمات أخرى حاولت تنظيم حملات إفطار جماعي لكنّها تبقى كلّها ما دون المأمول".
اقــرأ أيضاً
عن الوضع الراهن، يقول نجار: "هذا العام، كان دور المطابخ الرمضانية ضعيفاً جداً نتيجة عدم الاستقرار وحالات النزوح، واقتصر العمل على خطط استجابة سريعة ومركزة على النازحين في العراء. ونحن في منظمة سداد، حاولنا المساعدة عبر غرف الاستجابة المحلية، وجرى تشكيل فرق ميدانية من المنظمة لتقديم سلال رمضانية عاجلة للأسر النازحة المشردة في منطقة أريحا، وهي سلال مكونة من مياه الشرب والطعام، وزن الواحدة منها 18 كيلوغراماً. وهناك عدة محاولات ومناشدات لوضع خطة طوارئ عاجلة للوصول إلى النازحين بالتنسيق مع الأمم المتحدة وبعض المانحين، وهناك وعود غير رسمية بتفعيل خطة الطوارئ للاستجابة العاجلة".
في المقابل، يطالب النازح عمران عبد الكريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، بتوفير خيام للنازحين فقط في الوقت الحالي: "بعد مغادرتنا ريف حماة الشمالي ووجودنا هنا في ريف ادلب، فالأولوية للمأوى. نحن نريد خياماً وعوازل، سنتابع صبرنا على الطعام والماء، ويمكن أن نسعى إلى تأمينهما. ونناشد الجميع أن يسعوا إلى توفير الخيام لنا.
استقبلت المنظمات شهر رمضان بمشاريع إغاثية محدودة، منها إفطار الصائمين، وسلة رمضان، وهناك تراجع كبير في هذه المشاريع مقارنة بالسنوات السابقة. وقد ترافق الشهر مع حركة نزوح هائلة من ريف حماة الشمالي، وريف إدلب الجنوبي، إذ نزح في أقل من 15 يوماً نحو 200 ألف نسمة، وهم يحتاجون إلى كلّ شيء بدءاً بالمأوى وصولاً إلى الغذاء، وكلّ المحاولات لمساعدتهم حتى اليوم خجولة، ولم يعرف إلى الآن ما إذا كان سيفتح حساب طوارئ مالي أم لا، ولم يلحظ إطلاق حملات كبيرة وهذا يعكس مدى الإنهاك الذي وصلت إليه المنظمات والمتبرعون، علماً أنّ الحاجات لم تتراجع بل هي في ازدياد، وهذا ما يفرض تسليط الضوء عليه وشحذ الهمم خصوصاً في رمضان؛ شهر العطاء والتبرع.
عن طرق تفعيل دور المنظمات أكثر، يرى الفجر أن ذلك يحصل عبر "الحشد والمناصرة وتكثيف الجهود وإخطار كلّ الجهات الدولية ومحاولة التأثير في الرأي العام الدولي حول الانتهاكات الإنسانية الفادحة، التي يرتكبها الطيران الروسي والسوري والقصف المدفعي. ثم الضغط على المنظمات الدولية والداعمين لاستمرار عملية الدعم وزيادتها وليس إيقافها، خصوصاً في شمال غرب سورية؛ هذه المنطقة التي يتجمع فيها أكثر من مليون ونصف مليون نازح ما عدا سكانها الأصليين الذين يتجاوزون مليوناً ونصف المليون. كذلك، إطلاق حملات إغاثية على مستوى دولي، وهذا يقتضي تنسيقاً عالي المستوى في ترتيب تلك الحملات وتوزيع الأدوار بشكل واضح، حتى تنال ثقة الداعمين والمجتمع المحلي. يضاف إلى ذلك التنسيق الميداني سواء في التخطيط أو تقييم الاحتياجات أو المعلومات أو التنفيذ".
في ما يتعلق بمشاريع الإفطار، يجيب الفجر: "هناك ملاحظات بخصوص مدى تلبيتها أولويات النازحين والمحتاجين، فهل الأولوية هي لتوزيع الطعام المطبوخ أو الجاهز للطبخ؟ أنا من مؤيدي توزيع الوجبات النيئة وهذا رأي النازحين في آخر استبيان أجرته منظمة إنسان قبل شهرين، إذ عبر 85 في المائة من المستطلعين عن ذلك، لكنّ النازح الجديد غير المستقر يفضل الوجبات المطبوخة وهذه تعتبر من أهم المساعدات التي تقدم في رمضان. هناك تراجع كبير في هذه المشاريع ولم تعد تغطي سوى نطاق ضيق من النازحين والمحتاجين، ولم يعد لها ذلك الزخم كما كانت من قبل، بالرغم من أنّها يمكن أن تسد حاجة كبيرة للأسر التي لا تملك ما تفطر عليه".
أما عن أثر المنظمات المحلية وإمكاناتها، فيقول الفجر: "عندما تعمل كلّ منظمة بمفردها، سيبقى أثرها ضعيفاً، سواء في الميدان أو على المستوى الدولي، وهذا يقود إلى التأكيد على أهمية الأجسام التنسيقية التي تشكلت من عدد جيد من المنظمات السورية، إذ هناك أكثر من ثمانية أجسام تنسيقية سورية تعمل في مجالات مختلفة، وتجمعت في رابطة الشبكات ست شبكات في جسم واحد. وقد دعت الرابطة إلى اجتماع حشد ومناصرة لأجل هذا الغرض".
يضيف: "جرى توقيع بيان مشترك وتوجيهه إلى الأمم المتحدة، لكنّ القوة هي التي تتحكم في مسار الأحداث والأولوية المطلقة التي لا يختلف عليها اثنان هي وقف القتل والتهجير والأرض المحروقة، وكلّ ما دون ذلك يمكن تدبيره. بالنسبة للمنظمات والهيئات الدولية، فإنّ عليها أن تساعد في تقديم خطة طوارئ للاستجابة للنازحين الجدد، الذين يقدّر عددهم بعشرات الآلاف بالإضافة إلى استمرار المساعدات وزيادتها للناس في الشمال وليس تقليصها".
من جهته، يقول مدير منظمة "سداد" محمد نجار لـ"العربي الجديد": "تزداد معاناة واحتياجات الناس في الشمال السوري كلّ عام بحلول شهر رمضان، نتيجة عوامل أهمها ارتفاع الأسعار وضعف الدخل وموجات النزوح القسري التي تحول دون قدرة النازحين على تأمين مقومات الحياة وسبل العيش في رمضان. وتعمل المنظمات المحلية على دراسة المجتمع عن قرب وتقييم احتياجاته ودراسة السوق، لوضع خطة عمل تلبي جزءاً من الاحتياجات، التي تكون في غالب الأحيان أكبر من قدراتها". يتابع: "أبرز ما يترتب على المنظمات في هذه المرحلة الحالية هو تأمين وسائل العيش وإنقاذ الأرواح، من خلال توفير مياه الشرب والطعام والإيواء وإن بالحد الأدنى. بالنسبة إلى موجة النزوح الأخيرة، هناك مشاركة خجولة من قبل الأمم المتحدة والمانحين الدوليين، وتجلى الأمر في عدم تأسيس خطة طوارئ لسبل العيش وتأمين الإيواء. واقتصر العمل على مبادرات فردية من بعض المنظمات المحلية على تأسيس فرق استجابة ميدانية، تسعى لتأمين الطعام والوجبات والخيام. هناك بعض المنظمات عملت على تفعيل المطابخ الميدانية لتقديم الوجبات اليومية، ومنظمات أخرى حاولت تنظيم حملات إفطار جماعي لكنّها تبقى كلّها ما دون المأمول".
عن الوضع الراهن، يقول نجار: "هذا العام، كان دور المطابخ الرمضانية ضعيفاً جداً نتيجة عدم الاستقرار وحالات النزوح، واقتصر العمل على خطط استجابة سريعة ومركزة على النازحين في العراء. ونحن في منظمة سداد، حاولنا المساعدة عبر غرف الاستجابة المحلية، وجرى تشكيل فرق ميدانية من المنظمة لتقديم سلال رمضانية عاجلة للأسر النازحة المشردة في منطقة أريحا، وهي سلال مكونة من مياه الشرب والطعام، وزن الواحدة منها 18 كيلوغراماً. وهناك عدة محاولات ومناشدات لوضع خطة طوارئ عاجلة للوصول إلى النازحين بالتنسيق مع الأمم المتحدة وبعض المانحين، وهناك وعود غير رسمية بتفعيل خطة الطوارئ للاستجابة العاجلة".
في المقابل، يطالب النازح عمران عبد الكريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، بتوفير خيام للنازحين فقط في الوقت الحالي: "بعد مغادرتنا ريف حماة الشمالي ووجودنا هنا في ريف ادلب، فالأولوية للمأوى. نحن نريد خياماً وعوازل، سنتابع صبرنا على الطعام والماء، ويمكن أن نسعى إلى تأمينهما. ونناشد الجميع أن يسعوا إلى توفير الخيام لنا.