في عام 1995 دخل التاريخ من أوسع أبوابه حين بات أول أفريقي يحصد جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، وها هو اليوم جورج ويا قد أصبح رئيساً لبلاده ليبيريا، بعدما دخل المعترك السياسي على غرار عدة أسماء فعلت ذلك.
داخل أحياء العاصمة منروفيا الفقيرة ولد ويا في الأول من أكتوبر/تشرين الأول عام 1966، وتعود جذوره إلى إثنية "كرو"، والتي تنتشر في جنوب شرقي ليبيريا وتعتبر من أكثر المناطق فقراً في البلاد. تلقى تعليمه في المدرسة المتوسطة "المؤتمر الإسلامي" ثم تابع في مدرسة ويلز هايسرتون الثانوية، قبل أن تسمح له رياضة كرة القدم في الانتقال إلى الخارج، مع العلم أنه عمل فنياً في شركة الاتصالات الليبيرية قبل سفره.
الرحلة الأولى
بدأ ويا ممارسة كرة القدم في ليبيريا ضمن صفوف الفئات العمرية لنادي يونغ سورفايفرز كلارتاون عام 1981 ثم انتقل إلى بونغرانجي كومباني عام 1984، وكان حينها في سنّ الثامنة عشرة، لينجح في العام التالي في التوقيع على عقده الاحترافي الأول مع نادي ميتي بارولي الذي سجل له سبعة أهداف في عشر مباريات، لينتقل بعدها من 1986 حتى 1988 بين ثلاثة فرق وهي: إنفينسيبيل إيليفين، وسبورت أفريقيا، وتونيري ياووندي، خلال هذه الفترة توج بلقب الدوري الليبيري والكأس، لكن حلمه كان أكبر من ذلك بكثير.
التألق والكرة الذهبية
الفرصة الحقيقية لويا كانت حين ضمه نادي موناكو الفرنسي الذي كان يدربه أرسين فينغر، وقال الأخير عنه في وقتٍ لاحق: "لقد كان مفاجأة حقيقية، أنا لم أر قط أي لاعبٍ ينفجر وينطلق كما كان يفعل"، في فريق الإمارة الفرنسية قضى اللاعب الأفريقي أربعة أعوام، سجل خلالها 47 هدفاً في 103 مباراة وتوج فقط بلقب كأس فرنسا.
عام 1992 قرر نادي باريس سان جيرمان التعاقد معه، وهناك قدم مستوى مميزا وأذهل الجميع بأهدافه، ولا سيما ذلك الذي سجله أمام بايرن ميونخ في دور مجموعات دوري أبطال أوروبا بمجهود فردي يوم الثالث والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 1994، فأحرز مع الفريق العاصمي 32 هدفاً في 96 مباراة، وتوج بلقب الدوري المحلي وكأس فرنسا مرتين وكذلك بطولة كأس الدوري عام 1995.
انضم بعدها ويا إلى نادي ميلان العريق للعب تحت قيادة فابيو كابيلو إلى جانب الأسطورة روبرتو باجيو واللاعب المميز ديجان سافيسيفتيش وكذلك ماركو سيموني، واستطاع أن ينهي الموسم الأول على صعيد الهدافين، لكنه لم يحقق سوى لقبين وكانا في الدوري المحلي تحديداً، لكنه دخل قلوب الجميع بسبب طريقة تسجيله الأهداف، وكذلك أهميتها أمام الخصوم.
وبفضل مستواه مع ميلان وما قدمه مع باريس سان جيرمان في عام 1995 اختير أفضل لاعبٍ في العالم ليصبح أول أفريقي يحقق هذه الجائزة، وهو الذي سجل مع الرسونيري 58 هدفاً في 147 لقاء، مع العلم أنه عاش لحظات صعبة، أبرزها حين أوقف لستة مباريات أوروبية في عام 1996 بعدما كسر أنف البرتغالي خورخي كوستا في النفق المؤدي إلى غرف الملابس خلال لقاء بورتو بنظيره ميلان في دوري أبطال أوروبا. حينها خرج ويا وقال أنه تعرض لعبارات عنصرية من قبل كوستا، لكن الأخير أكد أن القصة غير صحيحة، ليخرج بعدها اللاعب الليبيري بفترة ويعتذر عمّا بدر منه.
التراجع والاعتزال
وفي يوم 11 يناير 2000 انتقل ويا إلى نادي تشلسي بعقد إعارة، وهناك فاز بلقب كأس الاتحاد الإنكليزي، لكن المدرب جيانلوكا فيالي لم يعتمد عليه بشكل كبير، ليرحل إلى مانشستر سيتي بدون مقابل على أن يتقاضى 30 ألف جنيه إسترليني في العام، رافضاً عرضاً من سيلفيو برلسكوني للعب ثانية في ميلان براتب مليون جنيه إسترليني لمدة عام.
مع السيتي شارك ويا في 11 مباراة في مختلف المسابقات، قبل أن يغادر يوم 16 أكتوبر 2000 إذ لم يقنع المدرب جو رويلي، فحط رحاله في مارسيليا قبل أن ينتقل إلى الجزيرة الإماراتي عام 2001 ليعود ويعلن اعتزاله كرة القدم عام 2003 بعمر 37 عاماً.
الحياة السياسية والصعوبات
بعد انتهاء الحرب الليبيرية الثانية (1999 -2003) قرر ويا دخول عالم السياسة، وأعلن ترشحه لرئاسة بلاده عام 2005، وجعلته كرة القدم شخصية شعبية، لكن المعارضين أكدوا أنه لا يستطيع قيادة البلاد بسبب مستواه التعليمي، بعكس إلين جونسون سيرليف الذي كان قد تخرج من جامعة هارفارد، واعتبروا أنه لا يملك خبرة، في حين أن المرشح الآخر شغل منصب وزير المالية في فترة سابقة وعمل في البنك الدولي في الأمم المتحدة.
تم التشكيك أيضاً في أهلية ويا للترشح للرئاسة، بعدما أشيع أنه أصبح مواطناً فرنسياً تزامناً مع وجوده كلاعب في باريس سان جيرمان، ولكن هذه المسألة رُفضت من قبل اللجنة الانتخابية ليمضي قدماً في هذه الانتخابات، فحصد في الجولة الأولى حينها 28.3% من الأصوات وتنافس مع سيرليف في الجولة الثانية، لكنه خسر الجولة الثانية بعدما حصل على 40.6% مقابل 59.4 للمرشح الآخر.
ادعى ويا يومها أن الانتخابات مزورة من خلال تخويف الناخبين والعبث بالاقتراع واحتج عدد كبير من أنصاره على النتائج في شوارع منروفيا، لكن بعد التأكيدات على عدالة عملية الاقتراع، دعا العديد من القادة الأفارقة البارزين ويا لقبول النتيجة بهدوءٍ وكرامة، وذلك بعدما وصف الاتحاد الأفريقي الانتخابات بأنها "سليمة وشفافة ونزيهة".
باتت قضية المستوى التعليمي لويا أمراً يحول دون تقدمه، فقال إنه حصل على درجة البكالوريوس في الإدارة الرياضية من جامعة باركوود في لندن، ولكن هذا "الدبلوم" كان غير معتمدٍ، حيث يمنح شهادات دون الحاجة إلى الدراسة، هذا الأمر لم يمنعه من الذهاب للولايات المتحدة الأميركية، وحاز هناك إجازة في إدارة الأعمال من جامعة ديرفي في ميامي.
العودة بقوة
عاد بعدها ويا لبلاده عام 2009 وانخرط من جديد في الحياة السياسية، ورأى بعضهم أن هذه الخطوة قد تكون استعداداً لتكرار المواجهة مع سيرليف على رئاسة الجمهورية عام 2011، لكن سلسلة التحالفات الفاشلة مع أحزاب المعارضة الأخرى، حالت دون ذلك، وفي عام 2014 ترشح لانتخابات مجلس الشيوخ مرشحا في مقاطعة مونتسرادو، وانتخب بأغلبية الأصوات يوم 20 ديسمبر/كانون الثاني، حين هزم روبرت سيرليف ابن رئيس البلاد، ليصبح أول رياضي ليبيري دولي يُنتخب لتمثيل مقاطعة في المجلس التشريعي.
حقق ويا فوزاً ساحقاً حينها بعدما حصل على 99.226 من الأصوات بنسبة 78% من المجموع العام في 141 مركزاً، في حين وصلت نسبة أقرب منافسيه سيرليف إلى 13692 أي ما يقارب 11%، وفي إبريل/نيسان 2016 أعلن ويا عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية مرى أخرى، وبالفعل نجح في التفوق على خصمه جوزيف بواكاي، بعدما حاز في الدورة الثانية على 61.5% من الأصوات مقابل 38.5 في المائة لمنافسه.
اقــرأ أيضاً
داخل أحياء العاصمة منروفيا الفقيرة ولد ويا في الأول من أكتوبر/تشرين الأول عام 1966، وتعود جذوره إلى إثنية "كرو"، والتي تنتشر في جنوب شرقي ليبيريا وتعتبر من أكثر المناطق فقراً في البلاد. تلقى تعليمه في المدرسة المتوسطة "المؤتمر الإسلامي" ثم تابع في مدرسة ويلز هايسرتون الثانوية، قبل أن تسمح له رياضة كرة القدم في الانتقال إلى الخارج، مع العلم أنه عمل فنياً في شركة الاتصالات الليبيرية قبل سفره.
الرحلة الأولى
بدأ ويا ممارسة كرة القدم في ليبيريا ضمن صفوف الفئات العمرية لنادي يونغ سورفايفرز كلارتاون عام 1981 ثم انتقل إلى بونغرانجي كومباني عام 1984، وكان حينها في سنّ الثامنة عشرة، لينجح في العام التالي في التوقيع على عقده الاحترافي الأول مع نادي ميتي بارولي الذي سجل له سبعة أهداف في عشر مباريات، لينتقل بعدها من 1986 حتى 1988 بين ثلاثة فرق وهي: إنفينسيبيل إيليفين، وسبورت أفريقيا، وتونيري ياووندي، خلال هذه الفترة توج بلقب الدوري الليبيري والكأس، لكن حلمه كان أكبر من ذلك بكثير.
التألق والكرة الذهبية
الفرصة الحقيقية لويا كانت حين ضمه نادي موناكو الفرنسي الذي كان يدربه أرسين فينغر، وقال الأخير عنه في وقتٍ لاحق: "لقد كان مفاجأة حقيقية، أنا لم أر قط أي لاعبٍ ينفجر وينطلق كما كان يفعل"، في فريق الإمارة الفرنسية قضى اللاعب الأفريقي أربعة أعوام، سجل خلالها 47 هدفاً في 103 مباراة وتوج فقط بلقب كأس فرنسا.
عام 1992 قرر نادي باريس سان جيرمان التعاقد معه، وهناك قدم مستوى مميزا وأذهل الجميع بأهدافه، ولا سيما ذلك الذي سجله أمام بايرن ميونخ في دور مجموعات دوري أبطال أوروبا بمجهود فردي يوم الثالث والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 1994، فأحرز مع الفريق العاصمي 32 هدفاً في 96 مباراة، وتوج بلقب الدوري المحلي وكأس فرنسا مرتين وكذلك بطولة كأس الدوري عام 1995.
انضم بعدها ويا إلى نادي ميلان العريق للعب تحت قيادة فابيو كابيلو إلى جانب الأسطورة روبرتو باجيو واللاعب المميز ديجان سافيسيفتيش وكذلك ماركو سيموني، واستطاع أن ينهي الموسم الأول على صعيد الهدافين، لكنه لم يحقق سوى لقبين وكانا في الدوري المحلي تحديداً، لكنه دخل قلوب الجميع بسبب طريقة تسجيله الأهداف، وكذلك أهميتها أمام الخصوم.
وبفضل مستواه مع ميلان وما قدمه مع باريس سان جيرمان في عام 1995 اختير أفضل لاعبٍ في العالم ليصبح أول أفريقي يحقق هذه الجائزة، وهو الذي سجل مع الرسونيري 58 هدفاً في 147 لقاء، مع العلم أنه عاش لحظات صعبة، أبرزها حين أوقف لستة مباريات أوروبية في عام 1996 بعدما كسر أنف البرتغالي خورخي كوستا في النفق المؤدي إلى غرف الملابس خلال لقاء بورتو بنظيره ميلان في دوري أبطال أوروبا. حينها خرج ويا وقال أنه تعرض لعبارات عنصرية من قبل كوستا، لكن الأخير أكد أن القصة غير صحيحة، ليخرج بعدها اللاعب الليبيري بفترة ويعتذر عمّا بدر منه.
التراجع والاعتزال
وفي يوم 11 يناير 2000 انتقل ويا إلى نادي تشلسي بعقد إعارة، وهناك فاز بلقب كأس الاتحاد الإنكليزي، لكن المدرب جيانلوكا فيالي لم يعتمد عليه بشكل كبير، ليرحل إلى مانشستر سيتي بدون مقابل على أن يتقاضى 30 ألف جنيه إسترليني في العام، رافضاً عرضاً من سيلفيو برلسكوني للعب ثانية في ميلان براتب مليون جنيه إسترليني لمدة عام.
مع السيتي شارك ويا في 11 مباراة في مختلف المسابقات، قبل أن يغادر يوم 16 أكتوبر 2000 إذ لم يقنع المدرب جو رويلي، فحط رحاله في مارسيليا قبل أن ينتقل إلى الجزيرة الإماراتي عام 2001 ليعود ويعلن اعتزاله كرة القدم عام 2003 بعمر 37 عاماً.
الحياة السياسية والصعوبات
بعد انتهاء الحرب الليبيرية الثانية (1999 -2003) قرر ويا دخول عالم السياسة، وأعلن ترشحه لرئاسة بلاده عام 2005، وجعلته كرة القدم شخصية شعبية، لكن المعارضين أكدوا أنه لا يستطيع قيادة البلاد بسبب مستواه التعليمي، بعكس إلين جونسون سيرليف الذي كان قد تخرج من جامعة هارفارد، واعتبروا أنه لا يملك خبرة، في حين أن المرشح الآخر شغل منصب وزير المالية في فترة سابقة وعمل في البنك الدولي في الأمم المتحدة.
تم التشكيك أيضاً في أهلية ويا للترشح للرئاسة، بعدما أشيع أنه أصبح مواطناً فرنسياً تزامناً مع وجوده كلاعب في باريس سان جيرمان، ولكن هذه المسألة رُفضت من قبل اللجنة الانتخابية ليمضي قدماً في هذه الانتخابات، فحصد في الجولة الأولى حينها 28.3% من الأصوات وتنافس مع سيرليف في الجولة الثانية، لكنه خسر الجولة الثانية بعدما حصل على 40.6% مقابل 59.4 للمرشح الآخر.
ادعى ويا يومها أن الانتخابات مزورة من خلال تخويف الناخبين والعبث بالاقتراع واحتج عدد كبير من أنصاره على النتائج في شوارع منروفيا، لكن بعد التأكيدات على عدالة عملية الاقتراع، دعا العديد من القادة الأفارقة البارزين ويا لقبول النتيجة بهدوءٍ وكرامة، وذلك بعدما وصف الاتحاد الأفريقي الانتخابات بأنها "سليمة وشفافة ونزيهة".
باتت قضية المستوى التعليمي لويا أمراً يحول دون تقدمه، فقال إنه حصل على درجة البكالوريوس في الإدارة الرياضية من جامعة باركوود في لندن، ولكن هذا "الدبلوم" كان غير معتمدٍ، حيث يمنح شهادات دون الحاجة إلى الدراسة، هذا الأمر لم يمنعه من الذهاب للولايات المتحدة الأميركية، وحاز هناك إجازة في إدارة الأعمال من جامعة ديرفي في ميامي.
العودة بقوة
عاد بعدها ويا لبلاده عام 2009 وانخرط من جديد في الحياة السياسية، ورأى بعضهم أن هذه الخطوة قد تكون استعداداً لتكرار المواجهة مع سيرليف على رئاسة الجمهورية عام 2011، لكن سلسلة التحالفات الفاشلة مع أحزاب المعارضة الأخرى، حالت دون ذلك، وفي عام 2014 ترشح لانتخابات مجلس الشيوخ مرشحا في مقاطعة مونتسرادو، وانتخب بأغلبية الأصوات يوم 20 ديسمبر/كانون الثاني، حين هزم روبرت سيرليف ابن رئيس البلاد، ليصبح أول رياضي ليبيري دولي يُنتخب لتمثيل مقاطعة في المجلس التشريعي.
حقق ويا فوزاً ساحقاً حينها بعدما حصل على 99.226 من الأصوات بنسبة 78% من المجموع العام في 141 مركزاً، في حين وصلت نسبة أقرب منافسيه سيرليف إلى 13692 أي ما يقارب 11%، وفي إبريل/نيسان 2016 أعلن ويا عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية مرى أخرى، وبالفعل نجح في التفوق على خصمه جوزيف بواكاي، بعدما حاز في الدورة الثانية على 61.5% من الأصوات مقابل 38.5 في المائة لمنافسه.