06 فبراير 2018
من حلب إلى حماة
يمان دابقي (سورية)
يشير ما يجري في المشهد السوري في المسارين السياسي والعسكري إلى جملة تفاهمات جرت بين الدول الكبرى الضالعة في الصراع السوري، وتُترجم تدريجياً على ساحة الصراع، فمعارك حلب وحماة طرحت عدة تساؤلات، فيما إذا كانت حلب حسم أمرها بتفاهم تركي أميركي روسي، مفاده تطهير الحدود السورية التركية، ووصل مدينتي جرابلس والراعي الحدوديتين في شمال سورية في مقابل تخلّي تركيا عن حلب، وتركها ورقة تفاوضية بين أميركا وروسيا وإيران!
ما يدعم هذا الطرح عودة حلب إلى الحصار في أحيائها الشرقية، وهذا ما لم يشر إليه أحد في الآونة الأخيرة، فبعد معارك كسر الحصار من فصائل المعارضة في أواخر يوليو/ تموز الماضي، والإعلان عن استمرار المعارك لتحرير كامل المدينة، توّقفت المعارك بين ليلة وضحاها، بأمر خارجي وضغط دولي لا شك ولا ريب فيه، ما سمح لنظام الأسد أن يستعيد أنفاسه من جديد بعد وصول آلاف الميلشيات من إيران وحزب الله، فاستطاع أن يحكم ويرصد نارياً المنفذ الوحيد للفصائل عند طريق الراموسة من الجهة الغربية الجنوبية لحلب، ما أدى إلى تردّي الأوضاع الإنسانية والمعيشية لعدم تأمين الطريق بشكل كامل من قبل فصائل حلب.
كلّ ما يجري حتى الآن في حلب، يمكن وصفه بمعارك استنزاف لكلا الطرفين ريثما يجهز الاتفاق الأميركي الروسي حول هدنةٍ في حلب وإدخال المساعدات الإنسانية إليها عبر طريق الكاستيلو التابع لسيطرة النظام، ما أنذر بخطر قريب، فسّره خبراء عسكريون عن وضع حلب تحت وصاية دولية روسية، لتقدّمها للنظام الذي رفع من سقف طموحاته في السعي إلى تحقيق سورية المفيدة بضمّ حلب، وعدم التخلّي عنها لما لها من أهمية جيوسياسية واقتصادية وتاريخية.
المخاوف الأخيرة واستمرار الضغط والتخطيط على حلب، فجّر مفاجأة أربكت جميع الأطراف وخصوصاً النظام، ففي وقت تركز جهد النظام وروسيا والمجتمع الدولي على حلب، فتحت فصائل جند الأقصى وتجمّع العزّة وجيش النصر معركة بريف حماة في التاسع والعشرين من أغسطس/ آب الماضي، بعد فترة طويلة من الهدوء، استطاعت من خلالها تحقيق سلسلة من الانتصارات بالسيطرة على نقاط استراتيجية لتصبح على بعد ثمانية كيلو مترات من حماة المدنية.
وللمعركة أهداف، أوّلها تخفيف الضغط عن مدينة حلب، وثانياً تحقيق الضربة الثانية لمنع محاولة أيّ تقسيم لسورية، ووضع الأسفين بالعجلة لحلم النظام بسورية المفيدة، والهدف الأخير للمعركة تحرير مدينة حماة بشكل نهائي، سيّما أنّ التقدّم الكبير للفصائل كسر خطوط النظام، وانهارت معنويات مقاتليه بالانسحابات الكبيرة والهزائم، ما طرح هنا أيضاً تساؤل مهم: هل سيتخلّى النظام عن مدنية حماة؟
مدينة حماة مهمّة جداً للنظام لمجاورتها المناطق ذات الغالبية الموالية له، وهي صلة الوصل بين حلب والساحل عن طريق بلدة خناصر، ومركز ثقل النظام لاستهداف وسط سورية وشمالها من مطارها الاستراتيجي، إضافة إلى احتوائها على مكوّن طائفي يغلبه الطابع السني مع وجود أقليات للمسيحيين والإسماعيلية في منطقة السلمية، وفي جنوب حماه الزارة وعقرب للعلويين. من هذه المؤشرات، يمكن القول إنّ من المبكر التكهن بحسم معركة حماة، لسببين، الأوّل عدم وجود رغبة جدية بانسحاب النظام منها، لأنّ ما جرى من وقائع المعركة رجحه مراقبون أنّ النظام لا يقوم بعملية انسحاب بل هو أُجبر على التراجع بسبب عزيمة ونجاح الفصائل بقهره وتكبيده خسائر فادحة في العتاد والأرواح إلا أنّ النظام لم يحسم أمره بعد للهروب إلى الإمام باتجاه الساحل، فهو ما زال مقتنعاً بإعلاء سقفه لضمّ أكبر مساحة ممكنة من سورية لدويلته.
السبب الثاني، وهو الأهم، الخشية والخوف من توّقف معركة حماة عند أبواب المدينة بضغط خارجي أو من الأطراف الداعمة للفصائل المشاركة في المعركة، فإذا تحقّق ذلك تكون معارك حماة ببوتقة معارك حلب نفسها، أي تثبيت مواقف سياسية وتمرير رسائل بين الدول الفاعلة، ناتجة عن تقاطع مصالحهم في سورية، ويتطلب ذلك كله مزيداً من الوقت الضائع يدفع ثمنه الشعب السوري، ريثما ينضج الحل الأخير، والذي مازال بعيد الأفق والمعالم .
ما يدعم هذا الطرح عودة حلب إلى الحصار في أحيائها الشرقية، وهذا ما لم يشر إليه أحد في الآونة الأخيرة، فبعد معارك كسر الحصار من فصائل المعارضة في أواخر يوليو/ تموز الماضي، والإعلان عن استمرار المعارك لتحرير كامل المدينة، توّقفت المعارك بين ليلة وضحاها، بأمر خارجي وضغط دولي لا شك ولا ريب فيه، ما سمح لنظام الأسد أن يستعيد أنفاسه من جديد بعد وصول آلاف الميلشيات من إيران وحزب الله، فاستطاع أن يحكم ويرصد نارياً المنفذ الوحيد للفصائل عند طريق الراموسة من الجهة الغربية الجنوبية لحلب، ما أدى إلى تردّي الأوضاع الإنسانية والمعيشية لعدم تأمين الطريق بشكل كامل من قبل فصائل حلب.
كلّ ما يجري حتى الآن في حلب، يمكن وصفه بمعارك استنزاف لكلا الطرفين ريثما يجهز الاتفاق الأميركي الروسي حول هدنةٍ في حلب وإدخال المساعدات الإنسانية إليها عبر طريق الكاستيلو التابع لسيطرة النظام، ما أنذر بخطر قريب، فسّره خبراء عسكريون عن وضع حلب تحت وصاية دولية روسية، لتقدّمها للنظام الذي رفع من سقف طموحاته في السعي إلى تحقيق سورية المفيدة بضمّ حلب، وعدم التخلّي عنها لما لها من أهمية جيوسياسية واقتصادية وتاريخية.
المخاوف الأخيرة واستمرار الضغط والتخطيط على حلب، فجّر مفاجأة أربكت جميع الأطراف وخصوصاً النظام، ففي وقت تركز جهد النظام وروسيا والمجتمع الدولي على حلب، فتحت فصائل جند الأقصى وتجمّع العزّة وجيش النصر معركة بريف حماة في التاسع والعشرين من أغسطس/ آب الماضي، بعد فترة طويلة من الهدوء، استطاعت من خلالها تحقيق سلسلة من الانتصارات بالسيطرة على نقاط استراتيجية لتصبح على بعد ثمانية كيلو مترات من حماة المدنية.
وللمعركة أهداف، أوّلها تخفيف الضغط عن مدينة حلب، وثانياً تحقيق الضربة الثانية لمنع محاولة أيّ تقسيم لسورية، ووضع الأسفين بالعجلة لحلم النظام بسورية المفيدة، والهدف الأخير للمعركة تحرير مدينة حماة بشكل نهائي، سيّما أنّ التقدّم الكبير للفصائل كسر خطوط النظام، وانهارت معنويات مقاتليه بالانسحابات الكبيرة والهزائم، ما طرح هنا أيضاً تساؤل مهم: هل سيتخلّى النظام عن مدنية حماة؟
مدينة حماة مهمّة جداً للنظام لمجاورتها المناطق ذات الغالبية الموالية له، وهي صلة الوصل بين حلب والساحل عن طريق بلدة خناصر، ومركز ثقل النظام لاستهداف وسط سورية وشمالها من مطارها الاستراتيجي، إضافة إلى احتوائها على مكوّن طائفي يغلبه الطابع السني مع وجود أقليات للمسيحيين والإسماعيلية في منطقة السلمية، وفي جنوب حماه الزارة وعقرب للعلويين. من هذه المؤشرات، يمكن القول إنّ من المبكر التكهن بحسم معركة حماة، لسببين، الأوّل عدم وجود رغبة جدية بانسحاب النظام منها، لأنّ ما جرى من وقائع المعركة رجحه مراقبون أنّ النظام لا يقوم بعملية انسحاب بل هو أُجبر على التراجع بسبب عزيمة ونجاح الفصائل بقهره وتكبيده خسائر فادحة في العتاد والأرواح إلا أنّ النظام لم يحسم أمره بعد للهروب إلى الإمام باتجاه الساحل، فهو ما زال مقتنعاً بإعلاء سقفه لضمّ أكبر مساحة ممكنة من سورية لدويلته.
السبب الثاني، وهو الأهم، الخشية والخوف من توّقف معركة حماة عند أبواب المدينة بضغط خارجي أو من الأطراف الداعمة للفصائل المشاركة في المعركة، فإذا تحقّق ذلك تكون معارك حماة ببوتقة معارك حلب نفسها، أي تثبيت مواقف سياسية وتمرير رسائل بين الدول الفاعلة، ناتجة عن تقاطع مصالحهم في سورية، ويتطلب ذلك كله مزيداً من الوقت الضائع يدفع ثمنه الشعب السوري، ريثما ينضج الحل الأخير، والذي مازال بعيد الأفق والمعالم .