مثّل تأويل القرآن إشكالية في الثقافة الإسلامية، فكل خيار في فهم النص كان يتقاطع مع الصراعات التي حول السلطة منذ فجر الإسلام.
المفارقة أن إشكالية التأويل هذه تضخّمت في العصور الحديثة، فأريحية مؤوّلي القرون السابقة لن نجدها في القرن العشرين، وحتى المساحة الضيّقة التي كان يجدها هؤلاء لم يعد يجدها من يحاول أن يتصدّى للتأويل في القرن الحالي مع صعود خطابات التكفير.
بالعين المجرّدة نلاحظ اليوم خشية المؤوّلين في طرح أفكارهم، وتحاشي كل ما يمكن أن يزعج. هذه الحالة تبدو مضاعفة في الجزء العربي من الثقافة الإسلامية. أما في بقية فضاءاتها (غير الناطقة بالعربية) فالأمر يختلف بعض الشيء، فلدى كل هؤلاء ثمة مسافة مع النص القرآني تجعل من ترجمته ضرورة.
ترجمته إلى اللغات الأوروبية حيث بات الحجم الديمغرافي للمسلمين معتبراً، وإلى لغات الفضاءات المجاورة للعرب مثل التركية والفارسية والإندونسية (أكبر بلد إسلامي من حيث التعداد) ولغات أفريقية كثيرة، لدى كل هؤلاء لا مفرّ من ترجمة القرآن، وكل ترجمة هي بالأساس عملية تأويلية.
هكذا نفهم أن النص الذي يحاول البعض تعطيل كل تأويل حديث له يجري تأويله باستمرار، أي إن الجهد التعطيلي عبث، بل إن توقّف التأويل يحمل نتيجة عكسية، فهو قطع تدريجي للنص القرآني عن القارئ. ليس التأويل سوى ترجمة لمعاني القرآن إلى لغة عربية معاصرة.