ففي حين أكد المتحدث الرسمي باسم حكومة "الوفاق الوطني"، أشرف الثلثي، استعادة الحكومة كامل مقراتها الحكومية من سيطرة القوات الموالية للغويل، قائلاً، في تصريح صحافي، أمس الأحد، إنّ "ما حدث كان مجرد مناورات مليشياوية باءت بالفشل"، نفى الغويل استعادة قوات حكومة "الوفاق" أي مقرّات.
وقال الغويل، لـ"الأناضول"، إنّ قواته "لا تزال تسيطر على مقار وزارات الدفاع والعمل والشهداء والجرحى"، مضيفاً أنّ "الخطوة القادمة تستهدف عدداً من المقرات الوزارية الأخرى المغتصبة من حكومة الوفاق، وسيتم تطبيق القانون بالقوة"، على حد قوله، متوعّداً بأنّ "أيّ مجموعة ستعيق أو تستعمل القوة سيتم ردعها بالقوة".
ورغم أنّ المقار الوزارية المعنية لم تشهد أي اشتباك مسلح طيلة الأيام الماضية، إلا أن عدداً من المسلحين تواجدوا في محيطها، مع سياراتهم التي تحمل مدافع مضادات الطيران، مما أثار جدلاً حول من يسيطر على طرابلس ومؤسساتها الحكومية.
وإثر حدوث انهيار كامل في شبكة الكهرباء، أول أمس السبت، أعلن مكتب الإعلام في حكومة "الوفاق الوطني"، أنّ رئيس المجلس الرئاسي التابع لحكومة الوفاق، فايز السراج، عقد اجتماعاً عاجلاً مع خبراء شركة الكهرباء لإيجاد حلول نهائية لأزمة انقطاع التيار، والتي امتدت مؤخراً إلى 13 ساعة يومياً.
في المقابل، سارع الغويل إلى عقد اجتماع مع إدارة الشركة في مقرّها وسط طرابلس، موضحا، عبر مكتبه الإعلامي، أنّه حضر الاجتماع بصفته "رئيس الجمعية العمومية للشركة العامة للكهرباء"، ومن المتعارف عليه أنّ الشركة وفروعها، لا سيما وحدات التحكم، تقع في قبضة مليشيا يترأسها محمد عكيكة الموالي لحكومة "الإنقاذ الوطني"، مما يشير إلى سيطرة حكومة الغويل على خدمات الكهرباء في طرابلس.
وتحظى حكومة "الوفاق الوطني"، بموالاة عدد من المجموعات المسلّحة التي أعلنت ترحيبها بالحكومة عندما نجحت في الوصول إلى طرابلس في مارس/آذار الماضي، إلّا أنّ الأحداث بيّنت أنّ هذه التبعية "اسمية" فقط، إذ إنّ أقوى هذه المجموعات المسلحة والمعروفة بـ"كتيبة يوسف البوني"، أعلنت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي انقلابها على حكومة "الوفاق"، وولاءها لحكومة "الإنقاذ" التي وصفتها بــ"الشرعية".
كما أنّ عدداً من المجموعات الأخرى كـ "لواء الصمود"، الذي يضمّ عدداً من المجموعات المسلحة الصغيرة بقيادة صلاح بادي، أبرز قياديي عملية "فجر ليبيا"، موالٍ هو الآخر لحكومة "الإنقاذ".
وقادت قوات الردع التابعة لوزارة داخلية حكومة "الوفاق"، خلال اليومين الماضيين، حملات مداهمة قالت إنّها لأوكار الخمور بمنطقة السياحية وقرقارش وسط العاصمة طرابلس، سرعان ما تحولت إلى اشتباكات مسلحة بينها وبين مجموعة "القوة المتحرّكة" التي اعتقلت قوة الردع أحد قادتها، أثناء الحملات.
وهدّدت "القوة المتحركة"، باقتحام مقرّات قوة الردع، إذا لم يُطلق سراح القيادي المعتقل لديها، معلنة في الوقت نفسه ولاءها لحكومة "الإنقاذ" بقيادة الغويل، ورفضها لحكومة "الوفاق" التي وصفتها بــ"حكومة الوصاية".
وباستثناء وزارة الداخلية، التي تمكّن وزيرها المفوض العارف خوجة، من الدخول والعمل بمقرها، لا يوجد أي من وزراء حكومة "الوفاق" بمقار وزارتهم، منذ أشهر، لممارسة أعمالهم، حيث تعمل أغلب الوزارات لا سيما الخدمية منها كالتعليم والاقتصاد وغيرها، بلجان تسييرية مؤقتة لا تعترف بقرارات حكومتي "الوفاق" و"الإنقاذ".
ويبدو من خلال غموض ولاءات وتبعيات المجموعات المنتشرة بكثافة في العاصمة طرابلس، والمتغيرة في مواقفها بحسب الصدامات التي تنشأ بينها، أنّ أيّاً من الحكومتين لا تسيطر على مؤسسات الدولة، باستثناء المقرات التي تقيم فيها، سواء في قاعدة بوستة البحرية مقرّ حكومة "الوفاق"، أو فندق ريكسوس مقر حكومة "الإنقاذ".