08 نوفمبر 2024
من يسبق، الشعب المصري أم أميركا وإسرائيل؟
ثورة الشعب المصري قادمة لا محالة. هذا استنتاج الخائفين على نظام عبد الفتاح السيسي في أميركا وإسرائيل. أما نحن، فنعرف أن طبيعة هذا النظام وتركيبته وسلوكه وسياساته التي تكرّسه غريباً عن أهل هذه البلاد ومشكلاتها، إضافة إلى اتخاذه قراراتٍ وتشريعات تثبت عداوته الشعب، وانتقامه اليومي من هذا الشعب لثورته على نظام حسني مبارك، ونظام السيسي امتداد طبيعي له. وجميعها مكونات لحالةٍ لا يمكن أن تستمر، وإن استمرّت، سيكون من الصعب على الشعب استمرار تحمُّلها، حيث ستدفعه إلى فعل تغييري، بدأت مقدماته تتجلى في حالة الغليان التي قد تفضي، مبكراً، إلى ثورةٍ شعبية. وهو الواقع الذي جعل الخائفين على السيسي يسارعون إلى البحث عن طريقةٍ لإنقاذه، لكن الوقت قد لا يسعفهم، فربما يسبقهم الشعب المصري إلى تصحيح هذا الشذوذ.
وعلى عكس بلدانٍ كثيرة، تنحصر طبيعة الصراعات الاجتماعية فيها بين طبقتي الأغنياء والفقراء، انحصر هذا الصراع في مصر بين الطبقة الفقيرة والدولة الأمنية التي يديرها العسكر. حيث بات خليط العسكر والمؤسسة الأمنية وشبكات الفساد التي تدور في فلكهما، يشكّل الطبقة المواجهة للطبقة الفقيرة. ويوماً بعد يوم، تتضح علائم هذه الطبقة، ويتضح تغوّلها في مختلف مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية. كما برز سعي رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، لتغيير الخارطة الإدارية في مصر، عبر توكيل عسكريين بإدارة مواقع وظيفية مدنية، وسعيه إلى تمكين الجيش من إدارة اقتصاد البلاد وقطاع التجارة، بل والحديث صراحةً عن تدخُّل الجيش لوقف تدهور الاقتصاد ولجم زيادة الأسعار. وجميعها مهماتٌ تعد غريبةً عن وظيفة الجيش، وهي التي يعجز المختصون عن الإيفاء بشروط إنجازها، فما بالك بعسكرٍ لا يمتّون إلى هذا الاختصاص بصلة؟ فهي إجراءاتٌ لا تشي بشيء سوى بالسعي إلى ربط كل مفاصل البلاد بالجيش والمؤسسات الأمنية، وبالتالي، بالحاكم العسكري، السيسي، ليسهل عليه التحكم بالبلاد وترسيخ حكمه سنوات آتية.
جعلت إجراءات السيسي تلك مصر تقترب من الوصول إلى حافة الدولة الفاشلة، إذا ما اقترنت مع غياب أية رؤية اقتصادية واضحة للمرحلة الحالية، أو المراحل التي تليها، واستشراف
الأشكال الاقتصادية الأنسب لتنمية البلاد، فبدلاً من توخّي التنمية المستدامة، والحفاظ على استمرارية القطاعات المنتجة وتعزيزها، اختار السيسي المشاريع الضخمة التي استنفدت موارد البلاد ولم تثمر نفعاً. وكان اعتماده على المساعدات والقروض دلالةً على عجزٍ، وعلى حالةٍ من الانهيار المؤجل، حيث لم يمنع الدعم الذي تلقاه السيسي من دول الخليج من تغيير واقع عجوزات الموازنة، وتراجع الناتج المحلي، وارتفاع معدل البطالة. وحين لمس فشله، خرج علينا بأفكار، أقلّ ما يمكن وصفها أنها صبيانية، مثل مشروع "الفكة"، وقبله مشروع "صَبّح على مصر بجنيه"، وغيرهما. إلا إن كان يريد بها تَتْفيه المشكلات، وإيصال رسالة إلى الشعب، مفادها بأن مشكلاتكم ستبقى قائمة، وستبقون رازحين تحتها، شئتم أم أبيتم.
إزاء هذا الواقع وهذا الفشل، وبالتناغم مع سياسة الإيهام، كان لزاماً لجوء نظام السيسي إلى القمع، من أجل تثبيت سلطته، ولجم أية حركات مطلبية أو احتجاجية. فكان أن حفل سجله بإجراءاتٍ قمعية، وصَفت بعضها منظمة العفو الدولية بأنها غير مسبوقة في تاريخ مصر. ومن المعروف أن أشكال القمع، من اعتقال وخطف وقتل في الشوارع وتغييب في السجون وتصفية المعارضين، كانت إحدى أدوات السيسي لتثبيت سلطة انقلابه على حكومةٍ شرعية، جاء رئيسها عبر أول انتخابات ديمقراطية تجري في البلاد. فأدمن القمع، حين رأى أن ليس منه بد، اتقاءً لاحتجاج حتمي على فشله.
هذا ما جعل المخاوف من عدم استقرار نظام السيسي تزداد لدى أميركا وإسرائيل، حسب ما كشفه تقرير المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في 18 أكتوبر/ تشرين الأول. وكشف عن أن وجهات نظر الطرفين متّفقة على أن الاضطراب الاجتماعي سيدفع أبناء الشعب المصري إلى الخروج إلى الشوارع وإطاحة حكم السيسي. وهما تفكران بطرقٍ لإنقاذ نظامه، وهما اللتان لمستا فشل سياساته الاقتصادية، بل وتتزايد تقارير الصحافة الغربية المحذّرة من إجراءات السيسي، وكان لافتاً ورود تقارير عن أن القرض المزمع حصول مصر عليه من صندوق النقد الدولي سيفاقم الأوضاع الاقتصادية أكثر، حيث اضطرت صحيفة " ذا أميريكان إنتريست"، يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول، إلى التحذير من تداعيات خطيرة للقرض. فالمعروف أن قرضاً كهذا سيترافق، كما في كل مرة، مع مطالب بتقليص الدعم عن السلع الأساسية، وتخفيض الأجور وخصخصة القطاع العام.
من هنا، يمكن استقراء الدعوات إلى التظاهر في يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بداية
التحرك، والرد على سد السيسي أذنيه عن سماع دعوات الإصلاح، وعلى قمعه أية معارضة. وهي دعوات ستفضي، في النهاية، إلى الثورة التي اتضحت حتميتها، لتصحيح هذا الخلل في الحياة السياسية والاقتصادية، من أجل منع الانفجار الكبير، غير المحسوب. وإن كان الإخوان المسلمون هم من أطلق هذه الدعوات، كما خَمَّن كثيرون، فالأحرى بالقوى الأخرى، من قوميةٍ ويساريةٍ وغيرها، تلقفها، لتكريس حالة رفضٍ فاعلةٍ، والإتيان بمشروعٍ بديل عن سياسات السيسي الحالية.
ليس مألوفاً أن تلفت إسرائيل نظر الأنظمة القمعية إلى ضرورة تحسين مستوى معيشة مواطنيها، كما لا تفعل ذلك أميركا أيضاً. لكن، يبدو أنهما رصدتا وضعاً فاق تصوّرهما، فسارعتا إلى الاتفاق على إنجاز مشاريع اقتصادية، تحول دون وصول الأوضاع إلى حد الانفجار، وبالتالي، خسارة نظام السيسي. لكن النظام ماضٍ، حسب خطاب رئيسه، في المؤتمر الوطني للشباب في شرم الشيخ، في القراءة الخاطئة لأوضاع البلاد ووضع السياسات الأكثر خطأً. وحتى تجد مشاريع إسرائيل وأميركا، الإنقاذية، طريقها إلى التحقق، لن يستطيع أحد منع نفاد صبر الشعب المصري، وبالتالي، استباقه أميركا وإسرائيل لإنقاذ البلاد، لا نظام السيسي.
وعلى عكس بلدانٍ كثيرة، تنحصر طبيعة الصراعات الاجتماعية فيها بين طبقتي الأغنياء والفقراء، انحصر هذا الصراع في مصر بين الطبقة الفقيرة والدولة الأمنية التي يديرها العسكر. حيث بات خليط العسكر والمؤسسة الأمنية وشبكات الفساد التي تدور في فلكهما، يشكّل الطبقة المواجهة للطبقة الفقيرة. ويوماً بعد يوم، تتضح علائم هذه الطبقة، ويتضح تغوّلها في مختلف مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية. كما برز سعي رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، لتغيير الخارطة الإدارية في مصر، عبر توكيل عسكريين بإدارة مواقع وظيفية مدنية، وسعيه إلى تمكين الجيش من إدارة اقتصاد البلاد وقطاع التجارة، بل والحديث صراحةً عن تدخُّل الجيش لوقف تدهور الاقتصاد ولجم زيادة الأسعار. وجميعها مهماتٌ تعد غريبةً عن وظيفة الجيش، وهي التي يعجز المختصون عن الإيفاء بشروط إنجازها، فما بالك بعسكرٍ لا يمتّون إلى هذا الاختصاص بصلة؟ فهي إجراءاتٌ لا تشي بشيء سوى بالسعي إلى ربط كل مفاصل البلاد بالجيش والمؤسسات الأمنية، وبالتالي، بالحاكم العسكري، السيسي، ليسهل عليه التحكم بالبلاد وترسيخ حكمه سنوات آتية.
جعلت إجراءات السيسي تلك مصر تقترب من الوصول إلى حافة الدولة الفاشلة، إذا ما اقترنت مع غياب أية رؤية اقتصادية واضحة للمرحلة الحالية، أو المراحل التي تليها، واستشراف
إزاء هذا الواقع وهذا الفشل، وبالتناغم مع سياسة الإيهام، كان لزاماً لجوء نظام السيسي إلى القمع، من أجل تثبيت سلطته، ولجم أية حركات مطلبية أو احتجاجية. فكان أن حفل سجله بإجراءاتٍ قمعية، وصَفت بعضها منظمة العفو الدولية بأنها غير مسبوقة في تاريخ مصر. ومن المعروف أن أشكال القمع، من اعتقال وخطف وقتل في الشوارع وتغييب في السجون وتصفية المعارضين، كانت إحدى أدوات السيسي لتثبيت سلطة انقلابه على حكومةٍ شرعية، جاء رئيسها عبر أول انتخابات ديمقراطية تجري في البلاد. فأدمن القمع، حين رأى أن ليس منه بد، اتقاءً لاحتجاج حتمي على فشله.
هذا ما جعل المخاوف من عدم استقرار نظام السيسي تزداد لدى أميركا وإسرائيل، حسب ما كشفه تقرير المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في 18 أكتوبر/ تشرين الأول. وكشف عن أن وجهات نظر الطرفين متّفقة على أن الاضطراب الاجتماعي سيدفع أبناء الشعب المصري إلى الخروج إلى الشوارع وإطاحة حكم السيسي. وهما تفكران بطرقٍ لإنقاذ نظامه، وهما اللتان لمستا فشل سياساته الاقتصادية، بل وتتزايد تقارير الصحافة الغربية المحذّرة من إجراءات السيسي، وكان لافتاً ورود تقارير عن أن القرض المزمع حصول مصر عليه من صندوق النقد الدولي سيفاقم الأوضاع الاقتصادية أكثر، حيث اضطرت صحيفة " ذا أميريكان إنتريست"، يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول، إلى التحذير من تداعيات خطيرة للقرض. فالمعروف أن قرضاً كهذا سيترافق، كما في كل مرة، مع مطالب بتقليص الدعم عن السلع الأساسية، وتخفيض الأجور وخصخصة القطاع العام.
من هنا، يمكن استقراء الدعوات إلى التظاهر في يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بداية
ليس مألوفاً أن تلفت إسرائيل نظر الأنظمة القمعية إلى ضرورة تحسين مستوى معيشة مواطنيها، كما لا تفعل ذلك أميركا أيضاً. لكن، يبدو أنهما رصدتا وضعاً فاق تصوّرهما، فسارعتا إلى الاتفاق على إنجاز مشاريع اقتصادية، تحول دون وصول الأوضاع إلى حد الانفجار، وبالتالي، خسارة نظام السيسي. لكن النظام ماضٍ، حسب خطاب رئيسه، في المؤتمر الوطني للشباب في شرم الشيخ، في القراءة الخاطئة لأوضاع البلاد ووضع السياسات الأكثر خطأً. وحتى تجد مشاريع إسرائيل وأميركا، الإنقاذية، طريقها إلى التحقق، لن يستطيع أحد منع نفاد صبر الشعب المصري، وبالتالي، استباقه أميركا وإسرائيل لإنقاذ البلاد، لا نظام السيسي.