لا يكفيهم التهجير الذي يعانون منه وتصنيفهم نازحين، فتأتي عدم قدرتهم على التصرّف بممتلكاتهم التي خلّفوها وراءهم لتزيد أساهم
يعيش عشرات آلاف المهجّرين في الشمال السوري حالة من القلق والخوف على ما خلفوه وراءهم في مدنهم وبلداتهم، بعدما أجبروا على الخروج منها، من دون أن يُسمح لهم أن يحملوا أيّاً من أثاث منازلهم أو ممتلكات أخرى.
أم عمران، تهجّرت من مدينة الزبداني بريف دمشق إلى إدلب، تقول لـ"العربي الجديد": "وصلنا إلى إدلب قبل أكثر من عام ونحن لا نحمل سوى حقيبة صغيرة من الملابس، وقد تركنا خلفنا منزلاً من ثلاث طبقات وآليات زراعية وأرضا ممتدّة مليئة بالأشجار المثمرة". تضيف: "كنّا من الأسر الميسورة في المنطقة، أمّا اليوم فنسكن في منزل صغير مستأجر بالكاد تتوفر لنا مستلزماته الأساسيات من فرش للنوم والجلوس وبعض الأدوات. ولولا المساعدات المالية التي تصلنا من بعض أفراد عائلة زوجي وعائلتي المقيمين في الخارج، لما كنا استطعنا الحصول على هذا المنزل وكنا بقينا في الشارع".
اقــرأ أيضاً
وتتابع أم عمران أنّ "ما يحزّ في قلوبنا أنّ كلّ العوز الذي نعيشه هو نتيجة عدم تمكننا من التصرّف بأملاكنا التي تُقدّر بعشرات ملايين الليرات السورية (عشرات آلاف الدولارات الأميركية). فالنظام يمنع عمليات البيع والشراء من دون الحصول على موافقة من الأمن السياسي. وبما أنّنا معارضون له ويتّهمنا بالإرهاب، فهو يجمّد كلّ ممتلكاتنا وينشر شائعات بأنّه سوف يصادر ممتلكات جميع من رفض تسوية وضعه لديه وخرج من مناطقه إن كان في اتجاه الشمال أو إلى خارج البلاد". وتشير أم عمران إلى أنّ "متنفّذين لدى النظام سألونا إن كنّا نريد بيع الأرض والمنزل الذي جرى تعفيشه وصار من دون كساء يُذكر في حين أنّ الأسلاك الكهربائية سُحبت من الجدران. وعرض هؤلاء شراء المنزل بربع ثمنه الحقيقي، بحجة أنّهم سوف يدفعون مبالغ كبيرة جداً للحصول على موافقات أمنية وضمان عدم مصادرتها. حينها، كاد زوجي أن يصاب بسكتة قلبية، ورفض بيع متر واحد". وتكمل أنّه "في حال طال الوضع على ما نحن عليه وعدم عودتنا إلى منزلنا وأرضنا، لا أعلم ما سوف يحلّ بنا، خصوصاً في حال صحّت الشائعات وجرت مصادرة كلّ ما نملك".
أمّا أبو زياد وهو مهجّر من الغوطة الشرقية بريف دمشق إلى ريف حلب، فيقول لـ"العربي الجديد" إنّه "لا يوجد شيء واضح حتى اليوم حول مصير ممتلكاتنا. لقد تركت خلفي جنى عمري وعمر والدي رحمه الله، منزلاً من طبقتَين ومزرعة فيها أشجار جوز ومشمش ومنشرة خشب بعدّتها الكاملة. خرجت وفي جيبي أقلّ من خمسين ألف ليرة (نحو 100 دولار) وأعيش اليوم في خيمة بأحد مخيمات ريف حلب الشمالي. واليوم، أحاول تدبير عمل مستمر، ففرص العمل قليلة جداً هنا. لذا حاولت أن أبيع عدّة الورشة وأثاث منزلي، علّني أتمكّن من بدء حياتي من جديد".
يضيف أبو زياد: "للأسف أهالي البلد لا يملكون المال، وثمّة تجّار يحاولون اصطياد أمثالي. هؤلاء يحاولون شراء كلّ شيء ذي قيمة بأقلّ من نصف ثمنه، متحجّجين بأنّهم سوف يضطرون إلى دفع مبالغ كبيرة ليتمكنوا من إخراجها من المنطقة بسبب حواجز النظام". ويلفت أبو زياد إلى أنّه طلب من ابن عم له ما زال في داخل البلدة أن يأخذ عدّة المنجرة ويشغّلها إن استطاع ويرسل له ما تنتجه، أمّا الأثاث فأعطاه لقريب آخر على أن يرسل له ثمنه في أقساط شهرية. ويؤكد: "ذلك أفضل من تعفيشهم".
من جهته، يقول أبو جمال وهو مهجّر من ريف دمشق إلى الشمال السوري لـ"العربي الجديد": "أظنّ أنّني لن أعود إلى بلدتي. ولأنّ ثمّة احتمالا بأن يصادر النظام منزلي ومحلي التجاري في بلدتي، قررت أن أبيعهما. وبالفعل، اشتراهما أحد أبناء البلدة وبسعر أقلّ من سعرهما الحقيقي، لكنّه هو الذي تكفل بضمان الحصول على موافقة أمنية. وبالفعل، أرسل إليّ المال". يضيف أبو جمال أنّ "مهجرين كثيرين يصرّون على بيع ما يملكون إذا لم يتعرّض للسرقة، في ظل الوضع المعيشي الصعب في الشمال من جرّاء البطالة وغلاء إيجار المنازل وغياب المساعدات الإنسانية". يُذكر أنّ هؤلاء وبحسب ما يبدو لا يظنّون أنّهم سوف يعودون إلى مناطقهم.
في السياق، يقول الناشط أبو عمر الدمشقي من ريف دمشق لـ"العربي الجديد" إنّ "واقع المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام معقّد جداً ومستقبلها مجهول. فالنظام لا يعترف بأيّ عقود بيع جرى تنظيمها في ظلّ سيطرة الفصائل المسلحة. ومع خروج رافضي التسوية، حصلت عمليات تعفيش لممتلكاتهم في بعض المناطق على أنّها غنائم حرب". يضيف أنّه "في حين تُسجّل مخاوف على مصير تلك الممتلكات، ثمّة من يقول إنّ النظام يملك النيّة لمصادرة ممتلكات جميع من خرج من تلك المناطق، مثلما جرى مع معارضين كثيرين خرجوا من سورية وصودرت ممتلكاتهم، على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب والتعامل مع دول معادية وغيرها". ويتابع الدمشقي أنّ "مهجّرين كثيرين أو حتى من بقي في المناطق التي سيطر عليها النظام، يعانون من سوء الوضع المالي وهو ما يدفعهم إلى بيع ممتلكاتهم علّها ذلك يعينهم على تأمين احتياجاتهم الأساسية اليومية. وذلك في وقت يُعَد إيجاد عمل حلماً صعب التحقيق. وحتى من يجد عملاً، فإنّ دخله في أفضل الأحوال لا يستطيع تغطية احتياجات عائلة مكوّنة من خمسة أفراد".
اقــرأ أيضاً
ويلفت الدمشقي إلى أنّ "الرشوة في مناطق النظام أمر متفشّ، وقليلة هي الأمور التي تُنجَز من دون دفع المال. وهذا الأمر يطاول كل المجالات، منها الموافقات الأمنية التي تحدّد قيمتها بحسب المنطقة والملف الأمني للبائع أو الشاري". ويكمل أنّ "المصادرة ليست وحدها التي تهدد الملكيات العقارية، بل نجد القانون رقم 10 الخاص بالتنظيم العقاري، والذي يمكنه سلب ملكيات جماعية وتحويلها إلى ملكية على الشيوع".
يعيش عشرات آلاف المهجّرين في الشمال السوري حالة من القلق والخوف على ما خلفوه وراءهم في مدنهم وبلداتهم، بعدما أجبروا على الخروج منها، من دون أن يُسمح لهم أن يحملوا أيّاً من أثاث منازلهم أو ممتلكات أخرى.
أم عمران، تهجّرت من مدينة الزبداني بريف دمشق إلى إدلب، تقول لـ"العربي الجديد": "وصلنا إلى إدلب قبل أكثر من عام ونحن لا نحمل سوى حقيبة صغيرة من الملابس، وقد تركنا خلفنا منزلاً من ثلاث طبقات وآليات زراعية وأرضا ممتدّة مليئة بالأشجار المثمرة". تضيف: "كنّا من الأسر الميسورة في المنطقة، أمّا اليوم فنسكن في منزل صغير مستأجر بالكاد تتوفر لنا مستلزماته الأساسيات من فرش للنوم والجلوس وبعض الأدوات. ولولا المساعدات المالية التي تصلنا من بعض أفراد عائلة زوجي وعائلتي المقيمين في الخارج، لما كنا استطعنا الحصول على هذا المنزل وكنا بقينا في الشارع".
وتتابع أم عمران أنّ "ما يحزّ في قلوبنا أنّ كلّ العوز الذي نعيشه هو نتيجة عدم تمكننا من التصرّف بأملاكنا التي تُقدّر بعشرات ملايين الليرات السورية (عشرات آلاف الدولارات الأميركية). فالنظام يمنع عمليات البيع والشراء من دون الحصول على موافقة من الأمن السياسي. وبما أنّنا معارضون له ويتّهمنا بالإرهاب، فهو يجمّد كلّ ممتلكاتنا وينشر شائعات بأنّه سوف يصادر ممتلكات جميع من رفض تسوية وضعه لديه وخرج من مناطقه إن كان في اتجاه الشمال أو إلى خارج البلاد". وتشير أم عمران إلى أنّ "متنفّذين لدى النظام سألونا إن كنّا نريد بيع الأرض والمنزل الذي جرى تعفيشه وصار من دون كساء يُذكر في حين أنّ الأسلاك الكهربائية سُحبت من الجدران. وعرض هؤلاء شراء المنزل بربع ثمنه الحقيقي، بحجة أنّهم سوف يدفعون مبالغ كبيرة جداً للحصول على موافقات أمنية وضمان عدم مصادرتها. حينها، كاد زوجي أن يصاب بسكتة قلبية، ورفض بيع متر واحد". وتكمل أنّه "في حال طال الوضع على ما نحن عليه وعدم عودتنا إلى منزلنا وأرضنا، لا أعلم ما سوف يحلّ بنا، خصوصاً في حال صحّت الشائعات وجرت مصادرة كلّ ما نملك".
أمّا أبو زياد وهو مهجّر من الغوطة الشرقية بريف دمشق إلى ريف حلب، فيقول لـ"العربي الجديد" إنّه "لا يوجد شيء واضح حتى اليوم حول مصير ممتلكاتنا. لقد تركت خلفي جنى عمري وعمر والدي رحمه الله، منزلاً من طبقتَين ومزرعة فيها أشجار جوز ومشمش ومنشرة خشب بعدّتها الكاملة. خرجت وفي جيبي أقلّ من خمسين ألف ليرة (نحو 100 دولار) وأعيش اليوم في خيمة بأحد مخيمات ريف حلب الشمالي. واليوم، أحاول تدبير عمل مستمر، ففرص العمل قليلة جداً هنا. لذا حاولت أن أبيع عدّة الورشة وأثاث منزلي، علّني أتمكّن من بدء حياتي من جديد".
يضيف أبو زياد: "للأسف أهالي البلد لا يملكون المال، وثمّة تجّار يحاولون اصطياد أمثالي. هؤلاء يحاولون شراء كلّ شيء ذي قيمة بأقلّ من نصف ثمنه، متحجّجين بأنّهم سوف يضطرون إلى دفع مبالغ كبيرة ليتمكنوا من إخراجها من المنطقة بسبب حواجز النظام". ويلفت أبو زياد إلى أنّه طلب من ابن عم له ما زال في داخل البلدة أن يأخذ عدّة المنجرة ويشغّلها إن استطاع ويرسل له ما تنتجه، أمّا الأثاث فأعطاه لقريب آخر على أن يرسل له ثمنه في أقساط شهرية. ويؤكد: "ذلك أفضل من تعفيشهم".
من جهته، يقول أبو جمال وهو مهجّر من ريف دمشق إلى الشمال السوري لـ"العربي الجديد": "أظنّ أنّني لن أعود إلى بلدتي. ولأنّ ثمّة احتمالا بأن يصادر النظام منزلي ومحلي التجاري في بلدتي، قررت أن أبيعهما. وبالفعل، اشتراهما أحد أبناء البلدة وبسعر أقلّ من سعرهما الحقيقي، لكنّه هو الذي تكفل بضمان الحصول على موافقة أمنية. وبالفعل، أرسل إليّ المال". يضيف أبو جمال أنّ "مهجرين كثيرين يصرّون على بيع ما يملكون إذا لم يتعرّض للسرقة، في ظل الوضع المعيشي الصعب في الشمال من جرّاء البطالة وغلاء إيجار المنازل وغياب المساعدات الإنسانية". يُذكر أنّ هؤلاء وبحسب ما يبدو لا يظنّون أنّهم سوف يعودون إلى مناطقهم.
في السياق، يقول الناشط أبو عمر الدمشقي من ريف دمشق لـ"العربي الجديد" إنّ "واقع المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام معقّد جداً ومستقبلها مجهول. فالنظام لا يعترف بأيّ عقود بيع جرى تنظيمها في ظلّ سيطرة الفصائل المسلحة. ومع خروج رافضي التسوية، حصلت عمليات تعفيش لممتلكاتهم في بعض المناطق على أنّها غنائم حرب". يضيف أنّه "في حين تُسجّل مخاوف على مصير تلك الممتلكات، ثمّة من يقول إنّ النظام يملك النيّة لمصادرة ممتلكات جميع من خرج من تلك المناطق، مثلما جرى مع معارضين كثيرين خرجوا من سورية وصودرت ممتلكاتهم، على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب والتعامل مع دول معادية وغيرها". ويتابع الدمشقي أنّ "مهجّرين كثيرين أو حتى من بقي في المناطق التي سيطر عليها النظام، يعانون من سوء الوضع المالي وهو ما يدفعهم إلى بيع ممتلكاتهم علّها ذلك يعينهم على تأمين احتياجاتهم الأساسية اليومية. وذلك في وقت يُعَد إيجاد عمل حلماً صعب التحقيق. وحتى من يجد عملاً، فإنّ دخله في أفضل الأحوال لا يستطيع تغطية احتياجات عائلة مكوّنة من خمسة أفراد".
ويلفت الدمشقي إلى أنّ "الرشوة في مناطق النظام أمر متفشّ، وقليلة هي الأمور التي تُنجَز من دون دفع المال. وهذا الأمر يطاول كل المجالات، منها الموافقات الأمنية التي تحدّد قيمتها بحسب المنطقة والملف الأمني للبائع أو الشاري". ويكمل أنّ "المصادرة ليست وحدها التي تهدد الملكيات العقارية، بل نجد القانون رقم 10 الخاص بالتنظيم العقاري، والذي يمكنه سلب ملكيات جماعية وتحويلها إلى ملكية على الشيوع".