لم تعرف نسبة كبيرة من المهجّرين إلى إدلب الاستقرار في ظل صعوبة إيجاد سكن، والبطالة، وغلاء المعيشة. وفي المخيّمات، يبدو الوضع أكثر مأساوية، في ظل غياب الخدمات الأساسية. ويخشى الناس نزوحاً جديداً
لا يدري أبو عبدالله الشامي ما قد تحمل له الأيام المقبلة، هو الذي هُجّر من الغوطة الشرقية قبل بضعة أسابيع. ما زال تأمين مسكن يشغل باله. يقول لـ "العربي الجديد": "لدى وصولنا إلى إدلب، بقينا أياماً عدة في مركز العبور، وهو عبارة عن خيام جماعية تفصل النساء عن الرجال. ثمّ سكنت مع سبع عائلات، منهم أقرباء وأصدقاء، في منزل واحد. لكن هذا لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة. كلّ حياتنا أصبحت بالدور. نتبادل الأدوار لدخول المرحاض والمطبخ". ويوضح أن "إيجاد منزل ليس بالأمر السهل. تنقلت كثيراً خلال الفترة الماضية. لا يوجد في غالبية المناطق منازل خالية، حتى تلك قيد الإنشاء. في حين تعد الإيجارات مرتفعة بشكل عام، خصوصاً القريبة على الحدود التركية، بحجة أنها أكثر أماناً من غيرها. وكلّما كانت المنطقة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، يكون بدل إيجارها أقل، إن بسبب التضييق على الناس، وقلة عدد المنظمات العاملة فيها أو انعدامها".
ويلفت الشامي إلى أنّ "المخيّمات تعاني من جرّاء الاكتظاظ، ويضم بعضها مئات آلاف الأشخاص، في ظل خدمات وبنية تحتية دون المطلوب. لا أعلم إن كان الحظ سيجعلني أجد منزلاً مناسباً لعائلتي، وعمل نعيش منه".
اقــرأ أيضاً
من جهتها، تشعر أم عمر، المهجرة من ريف دمشق إلى إدلب، بعدم الاستقرار من جراء ما يدور حول مصير هيئة تحرير الشام، التي تعد الفصيل الأقوى في إدلب. وتسأل: "هل يمكن أن يسيطر النظام ونضطر للنزوح إلى ريف حلب؟". تضيف: "عائلتي وجدت منزلاً. مع ذلك، زرت مخيم أطمة للمهجرين من القلمون. المشهد لا يوصف. الناس محشورة في وضع إنساني مؤلم".
وتوضح أن "المهجرين ليسوا معتادين على المخيمات، فهم في الغالب سكان مدن. لذلك، يبحثون عن منزل. والمنظمات الإنسانية هناك تقدم سلة غذائية وبعض الأغطية وأدوات المطبخ، وعلى الناس تدبّر أمرهم بعدها".
تضيف أم عمر: "الحكومة المؤقتة تعمل على إعطاء المهجرين أراض من الأملاك العامة ليبنوا فوقها منازل أو مخيمات. لكن كيف يبنون وهم شبه معدومين، وقد وصلوا إلى الشمال السوري بما عليهم من ملابس؟ كما أنهم لا يملكون عملاً يستطيعون من خلاله توفير قوتهم اليومي".
بالنسبة لأم عمر، فإن "مسألة الاندماج نسبية. في حين أن العلاقة بين المهجرين والسكان المحليين لطيفة وجيدة، تجد أن المهجرين يحاولون التجمع في مناطق واحدة، ربّما نتيجة الإحساس بالغربة أو الحاجة إلى الإحساس بالأمان". تضيف: "اليوم، نحن في حاجة ماسة إلى منظمات لتساعد في تأمين الاستقرار للمهجرين، من بنية تحتية للمخيمات، وصرف صحي، وألواح طاقة شمسية، وغاز طبيعي. لا يمكن أن نعيش عمرنا على مولدات الكهرباء، وقد ارتفعت الأسعار بعد معركة عفرين. وصل سعر ليتر المازوت الواحد إلى 1700 ليرة سورية (نحو 3.9 دولارات)، وليتر البنزين إلى 1400 ليرة (نحو 3.2 دولارات، وأسطوانة الغاز إلى 17500 (نحو 40 دولاراً). وينسحب ارتفاع الأسعار على النقل العالم. لقطع مسافة 40 كيلومتراً تقريباً، تدفع نحو 6 آلاف ليرة (نحو 14 دولاراً)".
وتلفت أم عمر إلى أن "الناس تستطيع التأقلم والبدء من الصفر. لكن المهم اليوم الاستقرار، ومعرفة الجهة التي تسيطر على المنطقة، وأن تكون مقبولة من الأهالي ومن تركيا بما أنها المنفذ الوحيد لنا". وفي ما يتعلّق بتوفر فرص العمل، تقول: "لا أستطيع القول إن فرص الشباب في العمل متوفرة. لكن بشكل عام، يتوجه الناس إلى العمل في الزراعة أو ورش ترميم المباني أو المحال التجارية. وغالباً لا تتجاوز أجرة العامل 4 آلاف ليرة (نحو 9 دولارات)، وهي طبعاً لا تكفي مصروف يوم واحد". وتوضح أن وجبة الخضار هي الأرخص هنا، وتكلّف الوجبة الواحدة ألفي ليرة (نحو 4.6 دولاراً)، من دون الحديث عن الوقود واشتراك الكهرباء، وغيرها من الاحتياجات".
إلى ذلك، يقول الناشط الإعلامي والمهجّر من الغوطة الشرقية إلى إدلب، براء أبو يحيى، في حديث لـ "العربي الجديد": "للأسف، الوضع ليس جيداً بالنسبة للسكن والعمل، بسبب ارتفاع بدلات الإيجار بشكل كبير، في وقت لا تتوفر فرص عمل". يضيف: "يحاول الناس بدء حياة من الصفر، والبحث عن عمل لتأمين معيشتهم. بعض الشبان يعملون في العتالة، وآخرون في محال تجارية. كما أن بعض أصحاب المهن يعملون في ورش، لكن يبقى الغالبية بلا عمل".
من جهته، يرى المهجر من الغوطة الشرقية أبو بشير دغمش، أن "في إدلب فرصاً كثيرة للعمل. بالنسبة إلينا، اختلف الوضع كثيراً، خصوصاً أننا كنا نعيش في ظل حصار. هنا الحياة طبيعية". ويلفت إلى أن لدى بعض الأشخاص "القدرة على بدء عمل ما، لكنّهم يتخوفون من مستقبل المنطقة، ولديهم شعور بأنهم قد يضطرون للرحيل في أي وقت. لكن محاولات المهجرين للبدء بأعمال جديدة قد تحرك سوق العمل".
اقــرأ أيضاً
يشار إلى أن مئات آلاف السوريين هُجّروا إلى الشمال السوري من إدلب وريف حلب وحلب وحمص وحماة ودمشق وريف دمشق، وكان آخرهم من القلمون الشرقي. ويتوقّع أن يستمرّ التهجير خلال الفترة المقبلة من مناطق جديدة كجنوب دمشق وريف حمص الشمالي، إذ لن يقبلوا أن تسوّى أوضاعهم مع النظام ليعودوا للعيش تحت سطوته.
لا يدري أبو عبدالله الشامي ما قد تحمل له الأيام المقبلة، هو الذي هُجّر من الغوطة الشرقية قبل بضعة أسابيع. ما زال تأمين مسكن يشغل باله. يقول لـ "العربي الجديد": "لدى وصولنا إلى إدلب، بقينا أياماً عدة في مركز العبور، وهو عبارة عن خيام جماعية تفصل النساء عن الرجال. ثمّ سكنت مع سبع عائلات، منهم أقرباء وأصدقاء، في منزل واحد. لكن هذا لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة. كلّ حياتنا أصبحت بالدور. نتبادل الأدوار لدخول المرحاض والمطبخ". ويوضح أن "إيجاد منزل ليس بالأمر السهل. تنقلت كثيراً خلال الفترة الماضية. لا يوجد في غالبية المناطق منازل خالية، حتى تلك قيد الإنشاء. في حين تعد الإيجارات مرتفعة بشكل عام، خصوصاً القريبة على الحدود التركية، بحجة أنها أكثر أماناً من غيرها. وكلّما كانت المنطقة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، يكون بدل إيجارها أقل، إن بسبب التضييق على الناس، وقلة عدد المنظمات العاملة فيها أو انعدامها".
ويلفت الشامي إلى أنّ "المخيّمات تعاني من جرّاء الاكتظاظ، ويضم بعضها مئات آلاف الأشخاص، في ظل خدمات وبنية تحتية دون المطلوب. لا أعلم إن كان الحظ سيجعلني أجد منزلاً مناسباً لعائلتي، وعمل نعيش منه".
من جهتها، تشعر أم عمر، المهجرة من ريف دمشق إلى إدلب، بعدم الاستقرار من جراء ما يدور حول مصير هيئة تحرير الشام، التي تعد الفصيل الأقوى في إدلب. وتسأل: "هل يمكن أن يسيطر النظام ونضطر للنزوح إلى ريف حلب؟". تضيف: "عائلتي وجدت منزلاً. مع ذلك، زرت مخيم أطمة للمهجرين من القلمون. المشهد لا يوصف. الناس محشورة في وضع إنساني مؤلم".
وتوضح أن "المهجرين ليسوا معتادين على المخيمات، فهم في الغالب سكان مدن. لذلك، يبحثون عن منزل. والمنظمات الإنسانية هناك تقدم سلة غذائية وبعض الأغطية وأدوات المطبخ، وعلى الناس تدبّر أمرهم بعدها".
تضيف أم عمر: "الحكومة المؤقتة تعمل على إعطاء المهجرين أراض من الأملاك العامة ليبنوا فوقها منازل أو مخيمات. لكن كيف يبنون وهم شبه معدومين، وقد وصلوا إلى الشمال السوري بما عليهم من ملابس؟ كما أنهم لا يملكون عملاً يستطيعون من خلاله توفير قوتهم اليومي".
بالنسبة لأم عمر، فإن "مسألة الاندماج نسبية. في حين أن العلاقة بين المهجرين والسكان المحليين لطيفة وجيدة، تجد أن المهجرين يحاولون التجمع في مناطق واحدة، ربّما نتيجة الإحساس بالغربة أو الحاجة إلى الإحساس بالأمان". تضيف: "اليوم، نحن في حاجة ماسة إلى منظمات لتساعد في تأمين الاستقرار للمهجرين، من بنية تحتية للمخيمات، وصرف صحي، وألواح طاقة شمسية، وغاز طبيعي. لا يمكن أن نعيش عمرنا على مولدات الكهرباء، وقد ارتفعت الأسعار بعد معركة عفرين. وصل سعر ليتر المازوت الواحد إلى 1700 ليرة سورية (نحو 3.9 دولارات)، وليتر البنزين إلى 1400 ليرة (نحو 3.2 دولارات، وأسطوانة الغاز إلى 17500 (نحو 40 دولاراً). وينسحب ارتفاع الأسعار على النقل العالم. لقطع مسافة 40 كيلومتراً تقريباً، تدفع نحو 6 آلاف ليرة (نحو 14 دولاراً)".
وتلفت أم عمر إلى أن "الناس تستطيع التأقلم والبدء من الصفر. لكن المهم اليوم الاستقرار، ومعرفة الجهة التي تسيطر على المنطقة، وأن تكون مقبولة من الأهالي ومن تركيا بما أنها المنفذ الوحيد لنا". وفي ما يتعلّق بتوفر فرص العمل، تقول: "لا أستطيع القول إن فرص الشباب في العمل متوفرة. لكن بشكل عام، يتوجه الناس إلى العمل في الزراعة أو ورش ترميم المباني أو المحال التجارية. وغالباً لا تتجاوز أجرة العامل 4 آلاف ليرة (نحو 9 دولارات)، وهي طبعاً لا تكفي مصروف يوم واحد". وتوضح أن وجبة الخضار هي الأرخص هنا، وتكلّف الوجبة الواحدة ألفي ليرة (نحو 4.6 دولاراً)، من دون الحديث عن الوقود واشتراك الكهرباء، وغيرها من الاحتياجات".
إلى ذلك، يقول الناشط الإعلامي والمهجّر من الغوطة الشرقية إلى إدلب، براء أبو يحيى، في حديث لـ "العربي الجديد": "للأسف، الوضع ليس جيداً بالنسبة للسكن والعمل، بسبب ارتفاع بدلات الإيجار بشكل كبير، في وقت لا تتوفر فرص عمل". يضيف: "يحاول الناس بدء حياة من الصفر، والبحث عن عمل لتأمين معيشتهم. بعض الشبان يعملون في العتالة، وآخرون في محال تجارية. كما أن بعض أصحاب المهن يعملون في ورش، لكن يبقى الغالبية بلا عمل".
من جهته، يرى المهجر من الغوطة الشرقية أبو بشير دغمش، أن "في إدلب فرصاً كثيرة للعمل. بالنسبة إلينا، اختلف الوضع كثيراً، خصوصاً أننا كنا نعيش في ظل حصار. هنا الحياة طبيعية". ويلفت إلى أن لدى بعض الأشخاص "القدرة على بدء عمل ما، لكنّهم يتخوفون من مستقبل المنطقة، ولديهم شعور بأنهم قد يضطرون للرحيل في أي وقت. لكن محاولات المهجرين للبدء بأعمال جديدة قد تحرك سوق العمل".
يشار إلى أن مئات آلاف السوريين هُجّروا إلى الشمال السوري من إدلب وريف حلب وحلب وحمص وحماة ودمشق وريف دمشق، وكان آخرهم من القلمون الشرقي. ويتوقّع أن يستمرّ التهجير خلال الفترة المقبلة من مناطق جديدة كجنوب دمشق وريف حمص الشمالي، إذ لن يقبلوا أن تسوّى أوضاعهم مع النظام ليعودوا للعيش تحت سطوته.