أجواء طبيعية وسياسية حارة تسود منطقة الخليج العربي. ومن غير المعلوم بعد ما إذا كانت موجة الحر المناخي التي تمر بها المنطقة قد ساهمت في رفع درجة الغليان السياسي، التي وصلت إليها العلاقات الخليجية الداخلية، أم أن سخونة الأجواء السياسية في الغرف المغلقة، وعلى الهواء "التلفزيوني"، ساعدت على ارتفاع درجات حرارة الطقس، التي وصلت إلى أرقام غير مسبوقة.
وما بين الطقس الحار جداً، والاحتقان السياسي الملتهب إلى درجة الانفجار، يغلي الخليج العربي على صفيح ساخن، أعدته قوى خارجية ومحلية بإتقان وخبث قل نظيرهما، بحيث يشوي بناره ثروات الخليج، ويحرق بلهبه كل الإنجازات التي حققتها دول الخليج العربي عبر سنوات من الكد، وربما يتطاير شرره وشروره لتعصف بالمنطقة، وترمي أهلها في مهاوي الردى. وإذا كانت دورة الفصول الأربعة للطبيعة تحتم انحسار موجة الحر في الطقس مع انتهاء فصل الصيف الخليجي، في موعد أقصاه شهر سبتمبر/ أيلول أو الشهر التالي، فإن المؤشر السياسي لا ينبئ حتى اللحظة بأي علامات لانحسار موجة الحر السياسي، التي تهب برياح عاتية مصحوبة بزخات التصعيد الإعلامي والدبلوماسي المتبادل بين عواصم مجلس التعاون الخليجي.
وسط هذه الأجواء الطبيعية الحارة، والأجواء السياسية الملتهبة في الخليج، ومهما بدا المشهد السياسي غامضاً وغاضباً ومحبطاً، إلا أن الأمل يظل معقوداً على نجاح "المكيفات" السياسية في تبريد الرؤوس الحامية، وصد رياح الفتنة والتمزيق، قبل أن تعصف بالأخضر واليابس، وتحرق بنيرانها ما زرعته أجيال العقلانية والحكمة التي شيدت الخليج العربي من رمال الصحراء ولؤلؤ البحر. يظل الأمل معقوداً على وعي الإنسان الخليجي الذي انتصر على قسوة الطبيعة، ونجح في تحويل الصحراء القاحلة إلى مدن مزهرة ومزدهرة. ويظل الأمل معقوداً على صبر المواطن الخليجي الذي علمته الطبيعة من الشيم ما يفوق صبر الجمل، ومن الرقة ما يسمو على جَمال اللؤلؤ، ومن العزيمة ما يهد الجبال. نتمنى أن تكون موجة حر سياسية عابرة، تنجلي مع انحسار موجة الحر المناخي، من دون أن تترك في الجسد العربي الخليجي أي ندب أو جروح لا يبلسمها نفاق القوى الخارجية، التي لا ترى في دولنا الخليجية إلا بقرة حلوب، ستذبحها بعد أن ينشف حليبها، كما أعلن سيد البيت الأبيض، بلا خجل ولا مواربة. نأمل أن تنقشع غيمات الحر السياسي، وتنحسر موجة الحر الطبيعي عن كامل منطقتنا العربية، لعلنا بذلك نفوّت على البعض فرصة نحر ما تبقى منا قبل عيد الأضحى.