وبين مورو خلال شهادته أنه شارك في عملية دفن العريبي بحكم معرفته بعائلته، خاصة وأن شقيقه كان يعمل لديه في مكتب المحاماة، مضيفا أنه في 28 مايو/ أيار 1991 تم اختيار مكان منزو في مقبرة الجلاز بالعاصمة يسمى الغرباء، يدفن فيه من لا عائلة له.
وأكد أن الخطير فيما حصل أن الفقيد حرم حتى من وضع الكفن له، بل كان عاريا وتم لفه في لحاف مبلل، مشيرا إلى أن الجثة كانت تحمل آثار كدمات.
وأوضح مورو أنه تولى إنزال الفقيد إلى القبر وسط حضور أمني مكثف وعدد قليل من عائلة الراحل والذين أبلغوا بالدفن لحظات قليلة قبل العملية.
واعتقل العريبي في 3 مايو/ أيار 1991 بسبب انتمائه لحركة "الاتجاه الإسلامي" وتعرض للتعذيب الوحشي في وزارة الداخلية وحتى داخل السجن.
وفي تصريح لـ "العربي الجديد" تعقيبا على شهادته، قال مورو إن "الوضع تغير وأصبح بإمكان ضحايا الانتهاكات والشهود الإدلاء بشهاداتهم دون خوف من الاعتقال"، مبينا أن "العدالة الانتقالية هي للمصارحة والمصالحة لكي تفضي الجلسات إلى العدالة المرجوة".
لكنه أشار إلى أن ما يقلقه في المسار أن "الآليات المتوفرة حاليا قد لا تفضي إلى المقاصد الأساسية للعدالة الانتقالية"، مشدداً على أن "لا مصارحة ولا مصالحة طالما هناك تنافر وخوف من كشف الحقيقة في حين أن العدالة الانتقالية ليست انتقاما بل من أجل رد الأمور إلى نصابها، ومن اعتدى وظلم فيجب أن يتحمل مسؤوليته بشجاعة، ومن تضرر يمكنه أن يطوي الصفحة لآخر مرة".
وأكد مورو أن هناك تغييرات بعد الثورة التونسية، مضيفا أن "المناخ السياسي تغير والعلاقة بين الأمني والمواطن لم تعد مثل السابق إذ لم يعد مسموحا لأي طرف بانتهاك كرامة الطرف الآخر بل يجب تطبيق القانون".
من جهته، أكد العقيد المتقاعد من الجيش الوطني، محمد صالح الحيدري، في تصريح لـ "العربي الجديد " أنه سجن في الزنزانة نفسها مع الفقيد العريبي وبقي معه إلى اللحظات الأخيرة قبل وفاته حتى لم يعد قادرا على تناول أي طعام ولا حتى الدواء.
ولفت إلى أن تذكر الماضي يعمق أحيانا الجراح والآلام، مشيرا إلى أن ما يؤلمه أكثر أن الذين مارسوا الانتهاكات ما زالوا ينكرون ما اقترفوه من جرائم، ويصرون على عدم مصارحة عائلات الضحايا بالجرائم الشنيعة التي اقترفوها، وإلا فإن هذه المحاكمات لن تكون إيجابية وربما تتعمق جراح الضحايا.
وبين الحيدري أنه قضى 8 أيام مع الراحل العريبي يباشره ويتابع حالته وكان قريبا منه خاصة في اليومين الأخيرين قبل وفاته، مؤكدا أن الفقيد وجراء التعذيب لم يعد قادرا على الحراك والكلام، وأنهم عجزوا عن النوم من فرط الأنين والصراخ وقد حصل نزيف داخلي للضحية.
وأوضح أن ما يؤلمه أن الطبيب المباشر وعند اطلاعه على تدهور الوضع الصحي للضحية اعتبر ما يحصل مبالغة وتظاهرا بالألم.
وأكد القيادي في حركة "النهضة"، النائب السابق نجيب مراد، في تصريح لـ "العربي الجديد" أن جلسات أمس تناولت ملفات هامة واستمرت إلى ساعة متأخرة، ومنها ملف استشهاد العريبي والاختفاء القسري وتعذيب الراحل فتحي الخياري، وهي القضية عدد 13 وأحداث انتفاضة الخبز في العام 1984. وأوضح أن في القضية عدد 13 حضر عدد من المنسوب إليهم الانتهاك ومن بينهم أمنيون وقيادات ومسؤولون في نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.