موريتانيا والقمة العربية: انتشار أمني وهدنة سياسية

23 يوليو 2016
"هدنة" سياسية غير معلنة وترحيب بالقمة (العربي الجديد)
+ الخط -

مع بدء الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية في موريتانيا، كثفت السلطات الرسمية من إجراءاتها الأمنية، وأغلقت عدداً من الأسواق الرئيسية القريبة من مقرات عقد القمة، فيما تسيطر على الأجواء السياسية والإعلامية حالة "هدنة" غير معلنة، تجلت في ترحيب القوى السياسية المعارضة بالقمة العربية وإنجاحها.

إجراءات أمنية مشددة

تشهد نواكشوط إجراءات أمنية غير مسبوقة في تاريخها، حيث أغلقت الشوارع الرئيسية في غالبية ولاية نواكشوط الغربية. وأبلغت السلطات المحلية أصحاب المحال التجارية في ثلاث أسواق رئيسية أنها بصدد إغلاقها بشكل كامل خلال أيام القمة. فيما شرعت فعلياً في إغلاقها بشكل جزئي عبر الحواجز الأمنية التي تقطع العاصمة. كما وزعت الأجهزة الأمنية "بطاقات" على سكان بعض الأحياء منعاً لدخولها من غير سكانها، فضلاً عن منع ركن السيارات في الشوارع الرئيسية في منطقة نواكشوط الغربية، وقرب السوق المركزية في العاصمة.

وأكدت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد أن وحدات من الجيش الموريتاني ستشرف على تأمين الرؤساء والملوك العرب، فيما تشرف قوات من الدرك والحرس والشرطة على تأمين بقية الوفود من وزراء وسفراء وكبار المسؤولين.

وبحسب المصادر نفسها، فإن الدولة الموريتانية سخرت كافة إمكانياتها لإنجاح القمة، ووضعت جميع أجهزتها الأمنية والإدارية تحت تصرف اللجنة التحضيرية للقمة، التي يرأسها الأمين العام لرئاسة الجمهورية، مولاي ولد محمد لغظف، وتضم في عضويتها عدداً من الوزراء والمسؤولين، إضافة إلى قائد الجيش ومدير الأمن الوطني.

تعبئة شاملة وهدنة

وشملت تحضيرات موريتانيا للقمة إنشاء مركز إعلامي لتوفير الخدمات الإعلامية لمراسلي وسائل الإعلام الوطنية والدولية، إضافة إلى إطلاق موسم ثقافي كبير يشارك فيه عدد كبير من الأدباء والشعراء والفنانين طيلة أيام القمة، فضلاً عن معارض للتراث الموريتاني.

وسجلت حالة من الارتباك بعد الأمطار التي شهدتها العاصمة، الخميس الماضي، والتي أدت إلى إغلاق بعض الشوارع الرئيسية، وانتشار المستنقعات، قبل أن تتمكن فرق الصرف الصحي، بمساعدة بعض النشطاء المتطوعين، من شفط المياه وفتح الشوارع المهمة.

كما عقدت العديد من مراكز الدراسات والأبحاث ندوات تناقش العلاقة بين موريتانيا والعالم العربي، وما يمكن أن تسفر عنه قمة نواكشوط من قرارات وإجراءات.

وقد دخلت الأحزاب السياسية الموريتانية، خصوصاً أحزب المعارضة، فيما يشبه حالة الهدنة السياسية والإعلامية مع النظام، بحيث مثلت مواقف المعارضة من القمة العربية حدثاً فارقاً، وفق بعض المراقبين، "ليس على صعيد التماهي مع الموقف الرسمي المشغول بإنجاح القمة مهما كان الثمن، وإنما لأن غالبية هذه الأحزاب تنتقد المشروع الرسمي العربي، وترفض كافة أطروحاته وهياكله وشخوصه".

واتفقت أحزاب المعارضة الرئيسية، وهي حزب "تكتل القوى الديمقراطية" و"حزب تواصل" الإسلامي، وحزب "اتحاد قوى التقدم" اليساري على الترحيب بعقد القمة فى موريتانيا، وبالقادة العرب المشاركين فيها، واختلفت في بعض المضامين والعناوين.


من جهتها، دخلت أحزاب الغالبية في حملة التعبئة الرسمية للقمة، ونظمت عدداً من الأنشطة والفعاليات التي تشيد بما تعتبره "نجاحات سياسية ودبلوماسية للنظام الحاكم، توجت بنجاحه في عقد القمة العربية فى موريتانيا لأول مرة منذ انضمامها رسمياً للجامعة العربية عام 1973".

وعلق الباحث السياسي، إسماعيل والشيخ سيديا، على مواقف أحزاب المعارضة الموريتانية من القمة العربية: "ردود أفعال الأحزاب الموريتانية كانت متماهية مع الغالبية. وقد سعت إلى المهادنة المشوبة بالفتور"، قبل أن يوضح، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أحزاب المعارضة لم تعبء مناضليها، وقد أصدر الإسلاميون واليساريون بيانات، ومجمل القول، إن الفتور الذي طبع تعاطي الأحزاب الموريتانية المعارضة مع حدث القمة هو انعكاس للقطيعة التي تطبع الساحة السياسية بين أغلبية متفردة بالسلطة ومعارضة ترفض شرعية البرلمان".