تترقب عائلة أبو فائز، موسم الكمأ السنوي لتجني منه أرباحا تعوّض ما خسرته خلال فترة نزوحها خارج محافظة الأنبار، واستبشرت العائلة والعوائل التي تعمل معها خيرا هذا الموسم بسبب غزارة الأمطار، والذي يعني وفرة الإنتاج.
يخرج أبو فائز باكرا صباح كل يوم إلى صحراء الأنبار مع أبنائه، ليعود في المساء بكمية من الكمأ التي يبيعها في السوق المحلية، ثم يرجع إلى عائلته المكونة من 6 أشخاص بمبلغ من المال، لكن الظروف التي يعيشها العراق لم تترك شيئا على حاله، فقد منع أبو فائز من جني الكمأ لأسباب أمنية، بحسب قوله لـ"العربي الجديد".
وأضاف بحسرة: "لم يتبق لنا شيء. هجرنا من مناطقنا لسنوات، وهدمت بيوتنا وتركت خرابا، واليوم يقطع الأمن عنا أسباب الرزق. في كل عام أستغل أنا وأولادي موسم الكمأ لنتكسب من خلاله، وفرحنا هذا الموسم عندما هطلت أمطار غزيرة تؤشر إلى محصول وفير، لكن للأسف خلايا داعش المنتشرة في عمق الصحراء قطعت رزقنا. أصبح الأمر مخيفا لمن يعمل بجمع الكمأ، حتى أننّي منعت أولادي وبدأت أذهب لجنيه لوحدي متحملا المخاطر، حتى منعتنا القوات الأمنية من ذلك".
والكمأ أكلة مفضلة للعوائل العراقية خلال هذا الوقت من كل عام، لكنّ مخاطر جنيه جعلت منه شحيحا ومرتفع السعر، قياسا بالمواسم السابقة. يقول أبو هيثم، من أهالي بغداد، لـ"العربي الجديد": "هذا الموسم فقير بالنسبة للكمأ. كانت مائدتنا كل عام لا تخلو منه يوميا حتى ينتهي الموسم. حرمنا منه هذا الموسم بسبب الإجراءات الأمنية، وأصبح غاليا لا نستطيع شراءه".
وجاء قرار منع جني الكمأ بعدما قتلت خلايا التنظيم ثلاثة أشخاص في الصحراء الغربية للأنبار، وقالت قيادة عمليات الجزيرة (التشكيل العسكري المسؤول عن أمن غرب الأنبار)، في بيان صحافي، إنّ "قائد العمليات أصدر أمرا للقوات الموجودة في قاطع المسؤولية، بمنع المواطنين من دخول المناطق الصحراوية للبحث عن الكمأ. القرار جاء حفاظا على حياة المواطنين من العناصر الإرهابية".
ويمثل موسم الكمأ موسما مزدهرا لمئات العوائل العراقية، إذ إنّ أسعاره التي تصل إلى 15 دولارا للكيلوغرام الواحد، تعد مغرية للعاطلين عن العمل والنازحين الذين عادوا إلى مناطقهم، خصوصا المناطق الغربية التي تشتهر بانتشار هذا النبات الذي يزيد وجوده بعد الأمطار.