يعيش العراقيون حالة من القلق، مع انتشار وثائق تشير إلى أن الشهر الوظيفي في المؤسسات والإدارات الحكومية أصبح 40 يوماً، بحيث لا يتلقون راتبهم بعد 30 يوماً، كما هو متعارف عليه. وتلفت الوثائق التي يتناقلها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع إعلامية عدة، أن الموظف العراقي في الإدارات العامة، سيتلقى هذا العام 9 رواتب، بدلاً من 12 راتباً، مع تراجع السيولة الناتجة عن تراجع أسعار النفط وارتفاع نسبة العجز في الموازنة.
خوف من تنفيذ القرار
ولم تنف الحكومة أو تؤكد رسمياً هذه المعلومات حتى اليوم. إذ لم يصدر عن الحكومة العراقية، سوى بيان عن مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي مفاده "أنها لن تلجأ إلى صرف رواتب الموظفين كل 40 يوماً إلا في حال الضرورة القصوى كإجراء احترازي، وفي حال تطبيقه فإن الأيام العشرة الإضافية ستكون محسوبة للموظفين، وهذا الإجراء جاء من أجل توفير موارد مالية للدولة".
وقد بدأ أبو وسام، وهو مدرس مادة التاريخ في إحدى مدارس العاصمة بغداد، بالبحث عن وظيفة ثانية خوفاً من تنفيذ الحكومة العراقية قرارها. ويقول أبو وسام لـ "العربي الجديد"، "بدأت اتصل بالأصدقاء بحثاً عن فرصة عمل، فكيف سيكون الحال عند تنفيذ الدولة قرارها بشأن تأخير الرواتب، وأنا مثقل بالديون من أقساط البيت والسيارة وبعض أثاث المنزل، فضلاً عن مصاريف أطفالي المدرسية كل ذلك كان معتمدا على الراتب، وفي حال تأخره عشرة أيام ستكون هناك مشكلة كبيرة". ويضيف: "أبحث الآن عن عمل بعد الظهر، بدخل شهري أو يومي بالرغم من أنني في حالة صحية ليست جيدة".
مأزق مالي
أما الموظفة في وزارة البلديات، رتيبة الجادرجي، فتقول لـ "العربي الجديد"، "هناك حالة من الهلع والخوف أصابت موظفي الدولة العراقية بسبب قرارها الأخير وهم لا يعرفون كيف يتصرفون، فنحن لم نتوقع يوماً، أن نحصل على الراتب كل 40 يوماً". وتُحمّل الجادرجي الدولة مسؤولية المأزق المالي الذي سيقع به الموظف.
ويشير الخبير القانوني صلاح الولي لـ "العربي الجديد"، إلى أن "قرار الحكومة بصرف الرواتب كل 40 يوماً يحتاج
إلى تعديل تشريعي؛ لأن مجلس النواب العراقي وعند إقراره موازنة العام 2015 ، أكد في المادة 24 منه أن الراتب الحكومي مقسم على 30 يوماً، وفي حال أرادت الحكومة تعديل هذه المادة عليها العودة إلى مجلس النواب، وتطلب التصويت على التعديل".
من جهتها، تؤكد عضوة اللجنة المالية البرلمانية ماجدة التميمي لـ "العربي الجديد"، أنها لم تتسلم أي طلب من الحكومة العراقية بشأن دفع رواتب موظفي الدولة كل 40 يوماً، متوقعة أن يكون سبب توجه الحكومة إلى ذلك هو خوفها من عدم قدرتها على توفير السيولة النقدية مستقبلاً والإيفاء بالتزاماتها تجاه الموظفين، بعد هبوط سعر بيع النفط الخام الذي كانت تعتمد عليه بنسبة 95% في إيرادات الموازنات.
وتشير التميمي إلى أن الحكومة، على الأقل خلال هذا العام، لن تلجأ إلى هذا القرار بسبب توفر السيولة في المصارف الحكومية، فضلاً عن تعهد المصرف المركزي العراقي بمساعدتها بنحو ستة ترليونات دينار.
من جهته، يعتبر الخبير في الشؤون الاقتصادية مؤمل الحسيني لـ "العربي الجديد"، أنه يتطلب من الدولة اتخاذ إجراءات أخرى، بدلاً من تحميل الموظف الحكومي مسؤولية أخطائها كالاقتراض من الصندوق والبنك الدوليين.
ويتهم الحسيني حكومات العراق، تعمدها هدر المال العام، متسائلاً: "أين ذهبت أموال الموازنات، ولماذا أفرغت الخزينة منها بين ليلة وضحاها؟". ويستغرب إبقاء رواتب ومخصصات الموظفين في الدرجات العليا، على حالها، برغم أنها تشكل نسبة 20% من مجمل الموازنة التشغيلية.
وكان رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، قد أعلن في منتصف الشهر الماضي، عن عدم قدرة الحكومة العراقية الوفاء بتعهداتها المالية إزاء الإقليم، بسبب نقص السيولة.
إقرأ أيضاً: ما هو "العرض والطلب"؟