ما زالت المجزرة الكيميائية التي تعرضت لها مدينة دوما في الغوطة الشرقية، مساء السبت، غير واضحة الأبعاد والنتائج، كما لم يحسم بعد العدد النهائي لضحاياها جراء اكتشاف ملاجئ جديدة كان يحتمي بها المدنيون؛ وذلك بسبب تواصل القصف العنيف على المدينة وانقطاع الكهرباء ووسائل الاتصال عنها.
ورغم ذلك، استطاع "العربي الجديد" التواصل مع بعض الناجين من مجزرة الكيميائي الجديدة، التي استهدفت بشكل خاص منطقة المساكن بجانب النقطة الطبية المركزية، التي تعرضت للقصف أيضاً.
يروي أحد المواطنين، ويُدعى محمود لـ"العربي الجديد"، تفاصيل القصف بالغازات السامة، قائلاً إنّه "كان مع عائلته في أحد الأبنية حين بدأ القصف على المنطقة"، مضيفاً "القصف كان بداية بالأسلحة التقليدية، قبل أن تبدأ أعراض الإصابة تظهر على بعض القاطنين في البناء، إثر براميل محملة بالغازات السامة ألقتها إحدى مروحيات النظام في مكان قريب".
بدوره يقول أبو محمود إنّ "السكان حاولوا مساعدة بعضهم برش المياه أو وضع قطعة قماش مبللة بالمياه على وجه المصابين، الذين كانوا يعانون صعوبة في التنفس، ويخرج من فم بعضهم الزبد قبل أن يصل إليهم عناصر الدفاع المدني، ويقدموا بعض المساعدة والنصائح للسكان".
Facebook Post |
وتابع أن "الكثير من السكان توفوا أو يعانون من الإصابة في منازلهم"، لافتاً إلى أنّ "عناصر الدفاع المدني لم تتمكن من سحب جثثهم بسبب قوة الروائح وعدم توفر الكمامات الواقية".
بدوره، قال الناشط الصحافي، قيس الحسن، الموجود في مدينة دوما، إنه "خرج مع عائلته من تحت الأنقاض، بعد تعرض البناء الذي يختبئون فيه للقصف".
ولفت الحسن، في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أنّ كثيرا من الإصابات تقع نتيجة الاختناق حتى من دون استخدام سلاح كيميائي، إذ يقيم نحو 150 شخصاً في كل قبو لا تتجاوز مساحته 150 مترا مربعا"، موضحاً أنّ "سقوط قذيفة عادية قريبة من القبو كفيلة بتعريض حياة قاطنيه للموت أو الاختناق نتيجة الغبار وكثافة رائحة البارود والدخان الناتج عن دمار المنازل، الذي يسببه سقوط القذائف مع عدم وجود منافذ للتنفس".
وعن مجزرة أمس، قال الناشط الصحافي إنّ "القصف بالسلاح الكيميائي بدأ حوالي الساعة التاسعة، مساء أمس، باستهداف منطقة المساكن بالغاز السام"، مضيفاً في "البداية السكان لم يعلموا ماذا يحدث نتيجة انقطاع الاتصالات، وعدم قدرة أحد على المشي في الشارع أو مغادرة المكان الذي هو فيه".
وتابع أنّ "إدراك ما حدث بدأ مع بدء إصابة البعض بالدوار وضيق في التنفس، قبل أن يبدؤوا بالتساقط الواحد تلو الآخر"، مبيناً أنّه "مع طلوع صباح هذا اليوم اتضح أن نحو 150 شخصاً توفوا نتيجة هذه الضربات بالسلاح الكيميائي"، مشيراً إلى أنّ "منطقتين على الأقل تعرضتا للقصف الكيميائي في دوما".
Facebook Post |
وحول الأعراض التي ظهرت على المصابين، قال الحسن، إنّها "تتمثل أساساً في ظهور زبد حول الفم مع ميل بشرة الوجه نحو الازرقاق"، لافتاً إلى أنّ "الأهالي حاولوا مساعدة المصابين بوسائل بسيطة مثل أخذ قطعة قماش مبلولة بالماء أو الخل ومسح وجوه المصابين بها أو وضعها على الأنف والفم".
وأردف أنّ "الدفاع المدني والنقاط الطبية كانوا لوقت طويل في حالة شلل تام نتيجة القصف العنيف، وانقطاع التواصل مما جعلهم غير مطلعين على الأماكن، التي تعرضت للقصف سواء بالكيميائي أو القصف العادي".
إلى ذلك، قال الحسن إنّ "القصف توقف نسبياً منذ حوالي الساعة نتيجة لوجود مفاوضات بين وفد المدينة وروسيا، على ما يبدو"، متوقعاً أن "تكون هذه المرة الأخيرة التي يتحدث فيها من دوما، لأن خيار التهجير بات يلوح في الأفق".