خلال الاعتداء على قوات الأمن التونسي في محافظة القصرين على الحدود التونسية - الجزائرية، والتي أدت إلى مقتل أربعة عناصر من الأمن، تعرّض صحافيون تونسيون لاعتداءات من قبل قوى الأمن، أثناء تغطيتهم الحدث. تزامن ذلك مع موعد اللقاء مع نقيب الصحافيين التونسيين، ناجي البغوري... كان سيل المكالمات لا يتوقف من الصحافيين، وكان النقيب يجيب على كل المكالمات بهدوء ويحاول تهدئة الخواطر رغم قناعته بأن "ما يتعرض له الصحافيون غير مقبول رغم تفهمه دقة اللحظة وصعوبتها"، كما قال لـ "العربي الجديد". وعن رأيه في التغطية الإعلامية التونسية للعمليات الإرهابية، قال: "لا حياد مع الإرهاب، فهذا الأخير ليس وجهة نظر".
[إقرأ أيضاً:تونسيون "يهزّئون" توفيق عكاشة: على الأقل جيشنا لا يقتلنا]
نقيب الصحافيين التونسيين كان هادئًا على غير عادته. فالرجل كان صعب المراس في الدفاع عن حرية الصحافة والصحافيين أيام نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. هذا، كلّفه الكثير من المضايقات والتتبعات الأمنية حتى الإطاحة به من منصب النقيب. لكنه عاد بعد انتصار الثورة وبعد اختياره في مؤتمر للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بعد الثورة، في أبريل/نيسان 2014.
تخوّف على حرية الصحافة؟
اعتبر البغوري أنّ وضع الإعلام التونسي غير مسبوق من ناحية حرية الرأي والتعبير. وأضاف: "هذه الحقيقة لا تحجب تخوفنا من محاولة التحكم في المشهد الإعلامي من قبل قوى سياسية حاكمة أو من قوى اقتصادية مالية أو من أحزاب سياسية، كما نسجل بعض انتهاكات واعتداءات على الصحافيين من حين إلى آخر من قبل رجال الأمن أو من قوى سياسية أو مالية، فالطبقة السياسية في تونس لم تهضم بعد حرية الصحافة، ولكن مع ذلك فنحن فخورون بما وصل إليه الإعلام التونسي بعد الثورة، وما يتمتع به من حرية يقلّ وجودها في محيطنا المغاربي أو العربي".
"يجب المحافظة عليها والبحث عن السبل الكفيلة بتحصينها من كل الخروقات"، كما قال. تحصين يرى نقيب الصحافيين التونسيين أن مصدره الأساسي "حسن تأطير الصحافيين وتكوينهم في مجال الدفاع عن حقوقهم، فذلك أفضل سلاح لخلق صحافة حرة وذات جودة عالية وتحترم المواثيق المهنية وأخلاقيات العمل الصحافي".
لكنّ الصحافي التونسي مع التكوين والتأطير له مطالب اجتماعية وحقوق اقتصادية على النقابة أن تعمل على تحقيقها خاصة أمام تراجع المقدرة الشرائية للإعلامي التونسي، كما أنه يعاني منافسة مما يسميهم الدخلاء على المهنة الإعلامية من مدونين وناشطين إلكترونيين. في هذا المجال، قال البغوري إنّه يتفهم ذلك، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ "توليه المهمة لم يمرّ عليه أكثر من سنة، ومع ذلك دخل في مفاوضات مع الحكومة التونسية التي استجابت لبعض مطالب النقابة، ومنها تحقيق مشروع سكني للصحافيين التونسيين".
وأضاف: "حماية الصحافي من الانتهاكات الجسدية ومن الانتهاكات الاقتصادية مجال عملنا الذي نؤديه بكل تفانٍ، كما أننا لم نجعل من المطالب المادية هدفنا الأول، فالإعلاميون التونسيون هم القطاع الوحيد في تونس ما بعد الثورة الذي لم يقم بإضرابات من أجل مطالب مادية، رغم أننا قمنا بإضرابين تاريخيين من أجل حرية الصحافة والتعبير".
المدونون على الساحة
أما عن منافسة المدونين والناشطين الإلكترونيين للإعلاميين في مجال عملهم، رغم عدم تمتعهم بالصفة الصحافية، قال البغوري: "القطاع السمعي البصري تمّ تنظيمه في تونس من خلال بعث الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، وسنعمل على تنظيم قطاع الصحافة المكتوبة والإلكترونية، من خلال بعث مجلس أعلى للصحافة يجمع في تركيبته بين الصحافيين وأصحاب المؤسسات الإعلامية وممثلين عن الجمهور، من خلال جمعيات المجتمع المدني وسيكون دوره الأساسي تنظيم القطاع والعمل على احترام مواثيق الشرف المهنية، وإدارة الإشهار العمومي حتى نساعد قطاع الصحافة المكتوبة على الخروج من الأزمة التي يعانيها والتي تهدد مؤسسات عدة، وحتى نحدّ من الفوضى التي يعيشها... فكل من يقوم بالثلب أو ينشر أخبارا زائفة يحرم من حقة في هذا الإشهار العمومي".
[إقرأ أيضاً: تونس: الصحافة إلى زوال؟]
وبخصوص الصحافة الإلكترونية، أوضح أنّ "النقابة لا تمنح صفة الصحافي إلا لمن كانت 90 في المائة من موارده المالية تأتي من عمله الإعلامي، كما لا تمنح صفة الصحافي إلا لمن يعملون داخل مؤسسات لها وجود قانوني وتصدر صحفا إلكترونية. أما من يدونون أو ينشطون إلكترونيًا فلهم الحق في ذلك ونحترم الأدوار التي لعبوها في نجاح الثورة التونسية، لكن دون التمتع بصفة الصحافي حرصًا منا على خلق صحافة ذات جودة ونوعية تليق بتونس ما بعد الثورة".
النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ليست النقابة الوحيدة في هذا المجال، باعتبار وجود النقابة العامة للإعلام المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل. وعن العلاقة بين النقابتين، قال البغوري: "كانت علاقة سيئة جدًّا وصلت إلى حد التقاضي في المحاكم التونسية حول من يمثل الصحافيين التونسيين، لكنها الآن جيدة بعد مسار تفاوضي توصلنا من خلاله إلى أن النقابة تمثل الصحافيين. والنقابة العامة للإعلام تمثل التقنيين والعاملين في القطاع الإعلامي، وهم جزء مهم من العملية الإعلامية ككل لا يمكن الاستغناء عنه".
علاقة متوترة
لكن لم تكن العلاقة بين النقابة الوطنية للصحافيين والنقيب شخصيًا، مع النقابة العامة للإعلام سيئة فقط. بل اتهموا بأنهم يساريون إقصائيون وخاصة للإعلاميين ذوي التوجه الإسلامي والإعلاميين الذين عملوا مع النظام السابق. وكان ناجي البغوري حاسمًا في هذه النقطة، فقال: "نحن لم نقصِ أحدًا والدليل أن بعض الصحافيين المحسوبين على التيار الإسلامي ترشحوا إلى عضوية هذا المكتب لكنهم فشلوا. وهذا ليس ذنبي. أما الصحافيون الذين عملوا مع النظام السابق فنحن من دافع عنهم لاعتقادنا بأن هؤلاء مارسوا مهنتهم دون تحزب في سوق شغل محدودة جدًا... ومع كل ذلك فنحن شعارنا كان وسيظل وحدة الصف الصحافي بعيدًا عن التلوينات السياسية أو الفكرية".
وعن وضع الزميلين سفيان الشورابي ونذير القطاري المخطوفين منذ خمسة أشهر في ليبيا، واللذان زين مقر النقابة الخارجي بصورة كبيرة لهما، فقد جمع البغوري في الحديث عنهما بين التفاؤل والتشاؤم. وقال: "نحن لا نعلم حتى الآن الجهة المسؤولة عن خطفهما ومطالبها رغم وجود مسارين للبحث والتقصي. واحد رسمي يتمثل في خلية الأزمة التي شكلتها الحكومة التونسية، وآخر غير رسمي نتعاون فيه مع فعاليات من المجتمع المدني التونسي والليبي ومع منظمات دولية". وأضاف: "لكن المؤكد أن خبر إعدامهما لا أساس له من الصحة، لكن في الآن ذاته لا يمكننا التأكيد هل هما على قيد الحياة أم لا. هناك غموض في هذه المسألة سنعمل على إزالته في الأيام المقبلة، من خلال بذل كل الجهود الممكنة للإفراج عنهما وهو ما نرجوه في أسرع وقت".
[إقرأ أيضاً:تونسيون "يهزّئون" توفيق عكاشة: على الأقل جيشنا لا يقتلنا]
نقيب الصحافيين التونسيين كان هادئًا على غير عادته. فالرجل كان صعب المراس في الدفاع عن حرية الصحافة والصحافيين أيام نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. هذا، كلّفه الكثير من المضايقات والتتبعات الأمنية حتى الإطاحة به من منصب النقيب. لكنه عاد بعد انتصار الثورة وبعد اختياره في مؤتمر للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بعد الثورة، في أبريل/نيسان 2014.
تخوّف على حرية الصحافة؟
اعتبر البغوري أنّ وضع الإعلام التونسي غير مسبوق من ناحية حرية الرأي والتعبير. وأضاف: "هذه الحقيقة لا تحجب تخوفنا من محاولة التحكم في المشهد الإعلامي من قبل قوى سياسية حاكمة أو من قوى اقتصادية مالية أو من أحزاب سياسية، كما نسجل بعض انتهاكات واعتداءات على الصحافيين من حين إلى آخر من قبل رجال الأمن أو من قوى سياسية أو مالية، فالطبقة السياسية في تونس لم تهضم بعد حرية الصحافة، ولكن مع ذلك فنحن فخورون بما وصل إليه الإعلام التونسي بعد الثورة، وما يتمتع به من حرية يقلّ وجودها في محيطنا المغاربي أو العربي".
"يجب المحافظة عليها والبحث عن السبل الكفيلة بتحصينها من كل الخروقات"، كما قال. تحصين يرى نقيب الصحافيين التونسيين أن مصدره الأساسي "حسن تأطير الصحافيين وتكوينهم في مجال الدفاع عن حقوقهم، فذلك أفضل سلاح لخلق صحافة حرة وذات جودة عالية وتحترم المواثيق المهنية وأخلاقيات العمل الصحافي".
لكنّ الصحافي التونسي مع التكوين والتأطير له مطالب اجتماعية وحقوق اقتصادية على النقابة أن تعمل على تحقيقها خاصة أمام تراجع المقدرة الشرائية للإعلامي التونسي، كما أنه يعاني منافسة مما يسميهم الدخلاء على المهنة الإعلامية من مدونين وناشطين إلكترونيين. في هذا المجال، قال البغوري إنّه يتفهم ذلك، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ "توليه المهمة لم يمرّ عليه أكثر من سنة، ومع ذلك دخل في مفاوضات مع الحكومة التونسية التي استجابت لبعض مطالب النقابة، ومنها تحقيق مشروع سكني للصحافيين التونسيين".
وأضاف: "حماية الصحافي من الانتهاكات الجسدية ومن الانتهاكات الاقتصادية مجال عملنا الذي نؤديه بكل تفانٍ، كما أننا لم نجعل من المطالب المادية هدفنا الأول، فالإعلاميون التونسيون هم القطاع الوحيد في تونس ما بعد الثورة الذي لم يقم بإضرابات من أجل مطالب مادية، رغم أننا قمنا بإضرابين تاريخيين من أجل حرية الصحافة والتعبير".
المدونون على الساحة
أما عن منافسة المدونين والناشطين الإلكترونيين للإعلاميين في مجال عملهم، رغم عدم تمتعهم بالصفة الصحافية، قال البغوري: "القطاع السمعي البصري تمّ تنظيمه في تونس من خلال بعث الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، وسنعمل على تنظيم قطاع الصحافة المكتوبة والإلكترونية، من خلال بعث مجلس أعلى للصحافة يجمع في تركيبته بين الصحافيين وأصحاب المؤسسات الإعلامية وممثلين عن الجمهور، من خلال جمعيات المجتمع المدني وسيكون دوره الأساسي تنظيم القطاع والعمل على احترام مواثيق الشرف المهنية، وإدارة الإشهار العمومي حتى نساعد قطاع الصحافة المكتوبة على الخروج من الأزمة التي يعانيها والتي تهدد مؤسسات عدة، وحتى نحدّ من الفوضى التي يعيشها... فكل من يقوم بالثلب أو ينشر أخبارا زائفة يحرم من حقة في هذا الإشهار العمومي".
[إقرأ أيضاً: تونس: الصحافة إلى زوال؟]
وبخصوص الصحافة الإلكترونية، أوضح أنّ "النقابة لا تمنح صفة الصحافي إلا لمن كانت 90 في المائة من موارده المالية تأتي من عمله الإعلامي، كما لا تمنح صفة الصحافي إلا لمن يعملون داخل مؤسسات لها وجود قانوني وتصدر صحفا إلكترونية. أما من يدونون أو ينشطون إلكترونيًا فلهم الحق في ذلك ونحترم الأدوار التي لعبوها في نجاح الثورة التونسية، لكن دون التمتع بصفة الصحافي حرصًا منا على خلق صحافة ذات جودة ونوعية تليق بتونس ما بعد الثورة".
النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ليست النقابة الوحيدة في هذا المجال، باعتبار وجود النقابة العامة للإعلام المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل. وعن العلاقة بين النقابتين، قال البغوري: "كانت علاقة سيئة جدًّا وصلت إلى حد التقاضي في المحاكم التونسية حول من يمثل الصحافيين التونسيين، لكنها الآن جيدة بعد مسار تفاوضي توصلنا من خلاله إلى أن النقابة تمثل الصحافيين. والنقابة العامة للإعلام تمثل التقنيين والعاملين في القطاع الإعلامي، وهم جزء مهم من العملية الإعلامية ككل لا يمكن الاستغناء عنه".
علاقة متوترة
لكن لم تكن العلاقة بين النقابة الوطنية للصحافيين والنقيب شخصيًا، مع النقابة العامة للإعلام سيئة فقط. بل اتهموا بأنهم يساريون إقصائيون وخاصة للإعلاميين ذوي التوجه الإسلامي والإعلاميين الذين عملوا مع النظام السابق. وكان ناجي البغوري حاسمًا في هذه النقطة، فقال: "نحن لم نقصِ أحدًا والدليل أن بعض الصحافيين المحسوبين على التيار الإسلامي ترشحوا إلى عضوية هذا المكتب لكنهم فشلوا. وهذا ليس ذنبي. أما الصحافيون الذين عملوا مع النظام السابق فنحن من دافع عنهم لاعتقادنا بأن هؤلاء مارسوا مهنتهم دون تحزب في سوق شغل محدودة جدًا... ومع كل ذلك فنحن شعارنا كان وسيظل وحدة الصف الصحافي بعيدًا عن التلوينات السياسية أو الفكرية".
وعن وضع الزميلين سفيان الشورابي ونذير القطاري المخطوفين منذ خمسة أشهر في ليبيا، واللذان زين مقر النقابة الخارجي بصورة كبيرة لهما، فقد جمع البغوري في الحديث عنهما بين التفاؤل والتشاؤم. وقال: "نحن لا نعلم حتى الآن الجهة المسؤولة عن خطفهما ومطالبها رغم وجود مسارين للبحث والتقصي. واحد رسمي يتمثل في خلية الأزمة التي شكلتها الحكومة التونسية، وآخر غير رسمي نتعاون فيه مع فعاليات من المجتمع المدني التونسي والليبي ومع منظمات دولية". وأضاف: "لكن المؤكد أن خبر إعدامهما لا أساس له من الصحة، لكن في الآن ذاته لا يمكننا التأكيد هل هما على قيد الحياة أم لا. هناك غموض في هذه المسألة سنعمل على إزالته في الأيام المقبلة، من خلال بذل كل الجهود الممكنة للإفراج عنهما وهو ما نرجوه في أسرع وقت".