كان يوماً استثنائياً في حياة الناشط على الحسني، عندما تعثر في العام 2012 أثناء بحثه على الإنترنت بمدونة "ناس نيويورك" التي يروي فيها المصور الأميركي براندون ستانتون قصص سكان مدينته مرفقة بالصور التي يلتقطها لهم. من يومها أصبح ستانتون ملهماً ومعلماً للحسني الذي قرر أن ينقل التجربة إلى مدينته، مطلقاً عبر موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" صفحة "ناس عمّان".
يتحدث الحسني عن ملهمه بحماسة كبيرة وإعجاب واضحين "ستانتون بدأ من الصفر بمشروعه، كان يصور الناس في نيويورك فقط، بعدها أصبح يتحدث معهم وينقل للناس قصصهم وليس صورهم فقط، يمكن القول إن ما كان يقوم به عمل عادي، لكنه اليوم شخص غير عادي لما لاقته مدونته من شهرة وكذلك كتابه الذي أصدره تحت الاسم نفسه".
يتذكر الحسني بدايته مع "ناس عمّان"، حين كان وحيداً في المشروع: "كانت البداية متواضعة، كنت أصور بكاميرا الموبايل، قبل أن أحصل على كاميرا خاصة (..) كنت أنجح أحياناً وأفشل أحياناً أخرى".
كان يكتفي بنشر الصور التي يلتقطها لناس عمّان بغض النظر عن مواصفاتها الفنية ودون أي قصص أو تعريف لهوية من يظهرون في الصور، لكن مع تكرار المحاولة التي تخللها تطوير مهارته في التقاط الصور، أصبح الحسني انتقائيا يحرص على نشر صور احترافية للناس. وكملهمه، أصبح يروي مع الصورة قصص من يصورهم، كان ذلك منتصف العام 2013 والذي يعتبره نقطة تحول في تاريخ "ناس عمّان"، إذ يقول "منذ ذلك التاريخ بدأ العمل أكثر جدية".
اقرأ أيضاً: مقتل مغني الراب تشينكس بالرصاص في نيويورك
زيادة عدد المعجبين بالصفحة سهّلت مهمة الحسني من ناحية، ومن ناحية أخرى جعلته أمام تحدّ أكبر. السهولة تمثلت في تطوع مجموعة من الناشطين لمشاركته التجربة، فلم يعد وحيداً بل أصبح يمتلك فريقاً يتراوح بين 20 إلى 25 متطوعاً يتوزع العمل بينهم.
ويقول "يوجد في الفريق مصورون محترفون ومترجمون يترجمون قصص الناس إلى الإنجليزية، ويوجد مسؤولون عن رفع الصور على الصفحات الخاصة بناس عمّان على الفيسبوك وإنستغرام، كما يوجد أشخاص يقومون بتسويق الصفحات على الإنترنت لضمان أكبر قدر من الانتشار". أما التحدي فهو بالنسبة للحسني "تزويد المحتوى بشكل مستمر بمادة احترافية".
توثق "ناس عمّان" عشرات القصص والصور للمهمشين والمنسيين في عمّان، والذين غالباً ما يعبر الناس من أمامهم حيث يعملون أو يتواجدون دون أن يشعروا بوجودهم أو يلتفتوا لهم، يقول الحسني "يحاول ناس عمّان أن يلفت الأنظار لسكان المدينة والتعريف بقصصهم والتجارب الإيجابية أو السلبية التي أثرت فيهم"، معتقداً أنه بذلك يقرب سكان المدينة من بعضهم البعض، ويقدم عمّان على حقيقتها للسياح الراغبين بزيارتها، ويوثق لتاريخ المدينة من خلال ناسها الذين يصنعون إيقاعها ومزاجها العام.
اقرأ أيضاً: شركة أردنية تقاضي الفنان المغربي سعد لمجرد
ينتقد الحسني عدم الاهتمام بتصوير الشارع الذي أصبح يحترفه، والذي يوثق حياة المدينة اليومية دون تظاهر أو ترتيب مسبق، ويقدمها على طبيعتها دون تجميل أو أجندات خاصة، يقول "المصورون في الأردن يتجهون إلى تصوير الموديل والمناظر الطبيعية، وهو ما أصبح يبعث على الملل".
اليوم يخوض الحسني بناس عمّان تجربة جديدة، فهو على غرار ملهمة ستانتون، والذي أصدر في العام 2013 كتاب "ناس نيويورك" الذي حجز موقعاً ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعاً لفترة طويلة، يستعد الحسني لإصدار كتاب "ناس عمّان". ويقول "زادت حماستي للمشروع عندما تابعت ما حققه كتاب ناس نيويورك".
لكن الحسني لا يكتفي اليوم بكتاب "ناس عمّان" المنتظر صدوره قريباً، بل يتجه بمشروعه ليكون منظمة اجتماعية تقرب سكان المدينة أكثر وتعزز التكافل الاجتماعي في ما بينهم، من خلال استخدام الصفحة لعرض طموحات سكان في المدينة ومشاكلهم ليشارك الجميع في حلها من خلال المساعدة المالية أو المعنوية التي يحتاجون إليها، ومن أجل ذلك أسس الحسني وفريقه مقراً أطلقوا عليه "مساحة فنية حرة" ستكون أبوابه مفتوحاً أمام أي راغب بعرض صورة أو إبداعاته، كما سيكون مفتوحاً أمام سكان المدينة للالتقاء والتعارف فيما بينهم.
حديثاً بدأ الحسني وفريقه جولات في المدن الأردنية خارج العاصمة لتوثيق حياة الناس فيها وطرازها المعماري ومعالمها البارزة، لكنهم يطمحون إلى ما هو أكثر. يقول الحسني "نتمنى أن نسافر إلى مدن العالم ونوثق حياتها بالصورة والكلمة".
اقرأ أيضاً: بلدية عمّان جعلت حيّ بن يقظان "صحابياً" للنبي