05 نوفمبر 2019
نتنياهو والمحاولة الأخيرة
يزيد تسارع الأحداث في الحلبة السياسية الإسرائيلية، المشهد تعقيدا وضبابية، فما أن يصدر تصريح لطرفٍ حتى يُسارع الطرف الآخر إلى انتقاده أو تفنيده ودحضه، وما من خطوة أو موقف يتبنّاه طرف، إلا ويُقابل بموقف موازِ من الطرف الآخر لإبطال مفعوله، وكأن الجميع في حالة صراع مع الزمن، لاستباق الأحداث والتهرّب من مسؤولية الفشل المحتمل في تشكيل الحكومة للمرة الثانية، وإمكانية العودة إلى الانتخابات للمرة الثالثة، فمعسكر اليمين، بزعامة رئيس "الليكود"، نتنياهو، يسعى بكل قوة إلى إنقاذ مكانته، والحفاظ على منصب رئاسة الحكومة ومزاياه. أما معسكر الوسط الذي يتزعمه حزب أزرق أبيض، فيبذل قصارى جهده لاستغلال الفرصة التاريخية لانتزاع رئاسة الحكومة من معسكر اليمين، بعد أن تفرّد بها سنوات. وما بين تمسّك معسكر اليمين وإصرار معسكر الوسط تتضاءل احتمالات تشكيل الحكومة الجديدة، خصوصا بعد فشل اللقاء بين نتنياهو ورئيس "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، أو بمعنى آخر، بعد استنفاد نتنياهو أساليب الخداع التي تمرّس فيها، وفشل محاولات التخويف والإغراء تارة، والإقناع والإيقاع تارة أخرى، ما قد يضطرّه إلى إعادة كتاب التكليف لرئيس الدولة اعترافا ضمنيا بفشله في المهمة. ولكن نتنياهو، وكما عهدناه، لن يُقدِم على مثل هذه الخطوة، قبل أن يوصد جميع الأبواب أمام منافسه، الجنرال بيني غانتس، ويتأكد من سد الثغرات التي قد يستغلها لإنجاح مهمته في تشكيل الحكومة، وهو ما يُفسر إسراعه في تشكيل كتلة مانعة، ومطالبته من أحزاب اليمين التوقيع على تعهّد يقضي بإعادة ترشيحه للمنصب، بعد الفشل المتوقع لمنافسه في المهمة، فضلا عن المناورة التي قام بها، حينما لمّح عن نيته إجراء انتخابات خاطفة داخل حزب الليكود، لإحباط أي محاولة لإزاحته عن زعامة الحزب، بعد ظهور مؤشرات دالة وتحرّكات من مؤيدي منافسه داخل الحزب، جدعون ساعر.
وفي حال فشله في استغلال الفرصة الأخيرة التي يمنحها رئيس الدولة لأعضاء الكنيست،
للتوصل إلى صيغة توافقية، وترشيح أحد أعضائها، لتولّي مهمة تشكيل الحكومة، فذلك يعني أن البرلمان (الكنيست) حل نفسه بنفسه طبقا للقانون، ما يُمهد الطريق إلى إجراء الانتخابات للمرة الثالثة، من دون أن يتحمّل المسؤولية المباشرة عن إعادتها، وعن التداعيات السلبية لاستمرار الفراغ السياسي. وربما ستكون محاولته الأخيرة توحيد أحزاب اليمين، أو غالبيتها، بما فيها أتباع كاهانا، في إطار واحد، لخوض الانتخابات القادمة في قائمة مشتركة "قائمة فنية"، يتم تفكيكها بعد الانتهاء من الانتخابات مباشرة، كما حدث مع القائمة التي ضمت أحزاب اليمين القومي أخيرا.
وقد تأتي هذه المحاولة بناء على المعطيات التي تشير إلى انزياح المجتمع الإسرائيلي بشكل واضح نحو اليمين، ورغبة غالبيته في تشكيل حكومة مستقرّة للتخلص من دوامة الانتخابات، كما أنه سيسعى، من خلالها، إلى احتكار تمثيل جمهور اليمين وقطع الطريق أمام منافسه للاقتراب من جمهوره التقليدي، أو كسب بعض أصواته، لا سيما وأن الأخير سيجد صعوبة في مواجهة ادعاءات نتنياهو، أو تشكيل معسكر موازٍ، لأنه سيضطر حينها إلى ضم أحزاب يسارية، كحزبي ميرتس والعمل، ما يسهّل اتهامه باليسارية، وما تحمله من مدلولاتٍ سلبية في الصورة النمطية لأذهان غالبية المجتمع الإسرائيلي. كما ستضمن له هذه الفرصة عدم ضياع أصوات اليمين، والتي قُدّرت بعشرات الآلاف خلال الانتخابات الماضية، بسبب عدم قدرة بعض أحزابه على تجاوز نسبة الحسم. وسيعمل، في المقابل، على استعادة المتفلتين من حزب الليكود، ورص صفوفه من جديد، على أمل أن يتمكّن من تحقيق مراده، والحصول على عدد كافٍ من المقاعد، تؤهله لتشكيل الحكومة مع شركائه التقليديين من الأحزاب الحريدية والدينية القومية، فهل ستكون هذه المحاولة بمثابة طوق النجاة، أم وسيلة للغرق والدخول في متاهاتٍ أخرى، تزيد المشهد تعقيدا، كما حدث خلال الانتخابات الماضية، حينما ظن أن ضمّه حزبي كولانو وزهوت سيمكنه من تشكيل الحكومة من دون الحاجة لمشاركة أحزاب الوسط، أو الخضوع لابتزاز الأحزاب الصغيرة، كحزب ليبرمان.
وقد تأتي هذه المحاولة بناء على المعطيات التي تشير إلى انزياح المجتمع الإسرائيلي بشكل واضح نحو اليمين، ورغبة غالبيته في تشكيل حكومة مستقرّة للتخلص من دوامة الانتخابات، كما أنه سيسعى، من خلالها، إلى احتكار تمثيل جمهور اليمين وقطع الطريق أمام منافسه للاقتراب من جمهوره التقليدي، أو كسب بعض أصواته، لا سيما وأن الأخير سيجد صعوبة في مواجهة ادعاءات نتنياهو، أو تشكيل معسكر موازٍ، لأنه سيضطر حينها إلى ضم أحزاب يسارية، كحزبي ميرتس والعمل، ما يسهّل اتهامه باليسارية، وما تحمله من مدلولاتٍ سلبية في الصورة النمطية لأذهان غالبية المجتمع الإسرائيلي. كما ستضمن له هذه الفرصة عدم ضياع أصوات اليمين، والتي قُدّرت بعشرات الآلاف خلال الانتخابات الماضية، بسبب عدم قدرة بعض أحزابه على تجاوز نسبة الحسم. وسيعمل، في المقابل، على استعادة المتفلتين من حزب الليكود، ورص صفوفه من جديد، على أمل أن يتمكّن من تحقيق مراده، والحصول على عدد كافٍ من المقاعد، تؤهله لتشكيل الحكومة مع شركائه التقليديين من الأحزاب الحريدية والدينية القومية، فهل ستكون هذه المحاولة بمثابة طوق النجاة، أم وسيلة للغرق والدخول في متاهاتٍ أخرى، تزيد المشهد تعقيدا، كما حدث خلال الانتخابات الماضية، حينما ظن أن ضمّه حزبي كولانو وزهوت سيمكنه من تشكيل الحكومة من دون الحاجة لمشاركة أحزاب الوسط، أو الخضوع لابتزاز الأحزاب الصغيرة، كحزب ليبرمان.
دلالات
مقالات أخرى
30 سبتمبر 2019