صعّد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يواجه شبهات بالفساد وتلقّي رشاوى، من حربه ضد اليسار، وضد مؤسسات فرض القانون؛ وعلى رأسها المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية.
واتهم نتنياهو، اليسار الإسرائيلي بأنّه يمارس، منذ سنوات، "تحريضاً وإرهاباً على المستشار القضائي للحكومة الحالية أفيحاي مندلبليت"، (الذي كان نتنياهو نفسه من عيّنه في منصبه) لحثهّ بحسب ادعاء نتنياهو، على تقديم لوائح اتهام ضد رئيس الحكومة، حتى بدون أي سبب، في محاولة لقلب نظام الحكم في إسرائيل، عبر قرار قضائي وليس من خلال صندوق الانتخابات.
وجاء تصعيد نتنياهو، أمس الخميس، في شريط بثه عبر شبكات التواصل الاجتماعي، على أثر تأكيد مندلبليت أنّ التداول في توصيات النيابة العامة بشأن ملفات الفساد المنسوبة لرئيس الحكومة، لن يتأثر بالضجة المثارة في الحلبة السياسية، وهو ما دفع نتنياهو إلى بث الشريط المذكور.
ومندلبليت الذي يتعرّض، مؤخراً، لحملات تحريض، بلغت أوجها خلال هذا الأسبوع، مع خط شعارات على امتداد سور عند طريق البحر الواصل بين تل أبيب وحيفا، جاء فيه أنّ مندلبليت هو "عميل" ( بمعنى لقوى اليسار المناهضة لنتنياهو)، قال إنّ "ما يحدث لن يغيّر شيئاً، فنحن نعمل بمهنية، وسنتخذ القرار الأكثر مهنية، وما يهم هو الأدلة. سنحاول العمل بأكبر سرعة ممكنة، ولكن ليس على حساب المهنية".
وتشكّل تصريحات مندلبليت هذه، مصدر قلق لنتنياهو الذي كان يراهن على عامل الوقت وعدم قدرة المستشار القضائي للحكومة، على الوصول لقرار بشأن توصيات النيابة العامة في ثلاثة ملفات فساد يواجهها نتنياهو، قبل موعد الانتخابات العامة المقرر في التاسع من إبريل/نيسان المقبل.
وبدأ التغيير في لهجة نتنياهو وفي حدة تصريحاته، منذ أعلن النائب العام شاي نيتسان، الأسبوع الماضي، أنّ المستشار القضائي يتبنّى توصية بتوجيه تهمة "خيانة الأمانة العامة" لنتنياهو في ملف الهدايا، من جهة، وشبه إجماع لدى الجهات الختصة بأنّ القرارات بشأن الملفين الآخريْن، سيصدر حتى قبل الانتخابات، بإلزام نتنياهو بالمثول أمام لجان استماع، قبل إعلان قرار تقديم لوائح اتهام من عدمه.
وعلى هذا الأساس، صرّح نتنياهو، من البرازيل، هذا الأسبوع، بأنّه حتى إذا وجهت له لوائح اتهام فإنّه لن يستقيل من منصبه، قبل صدور قرار حكم نهائي (بمعنى قرار قضائي يشمل أيضاً قراراً في استئنافات للهيئات القاضية العليا على قرار أولي).
وعمد نتنياهو مع عودته إلى إسرائيل، إلى تعزيز هجومه على اليسار أولاً، متهماً إياه بممارسة الضغوط على المستشار القضائي للحكومة، ومن ثم انتقل، الأربعاء والخميس، إلى الطعن بصدقية قرار بإلزامه بجلسات استماع قبل قرار تقديم لوائح اتهام، بزعم أنّه لا يمكن استدعاؤه لبدء إجراءات جلسات الاستماع، ما دام الجدول الزمني لا يتيح إنهاء هذا الإجراء قبل الانتخابات، لأنّ ذلك، بحسب ادعاء نتنياهو، يضرّ بالإجراء الديمقراطي ويجعله غير نزيه، لأنّ الادعاءات ضد نتنياهو معلنة بينما لا يعرف الجمهور موقفه.
ويحاول نتنياهو في ظل ثبات قوته في الاستطلاعات العامة، ترسيخ مقولة أنّ ما يجري هو بالأساس نتاج وثمار سنوات من التحريض ضده وضد حكم اليمين، وأنّ المسار القانوني والقضائي يجب أن ينتظر إلى ما بعد الانتخابات.
في غضون ذلك، وعلى أثر التطورات الداخلية في معسكر اليسار، وقرار زعيم حزب "العمل" آفي غباي، فكّ الشراكة مع حزب "هتنوعاه" الذي تقوده تسيبي ليفني، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الجمعة، أنّ حركة تمرّد داخلية تجري في داخل حزب "العمل"، وأنّ عدداً من أعضاء الحزب في الكنيست، بدأت تحركات وخطوات فعلية للإطاحة بغباي من رئاسة الحزب، عبر الدعوة إلى إقرار انتخابات داخلية جديدة لرئاسة الحزب، ومرشحه في الانتخابات القادمة.
وجاءت هذه التطورات، بعد أن بيّنت استطلاعات الرأي العام، أمس الخميس، أنّ خطوة حزب "العمل" فكّ الشراكة مع ليفني وحزبها أدت إلى نتائج عكسية، وعمقت من تراجع مكانة حزب العمل إلى حد المرتبة السابعة ضمن قائمة الأحزاب الإسرائيلية، ومع تمثيل متوقع في الكنيست لا يصل حتى لـ9 مقاعد من أصل 24 مقعداً كان يملكها الحزب مع حركة ليفني تحت مسمى "المعسكر الصهيوني".