وفي عملية إعادة بناء الحزب، ينشط الرئيس الأسبق للحزب ولرئاسة الجمهورية فرانسوا هولاند، لفرض أحد أوفيائه، وهو ما يعترض عليه شباب الحزب، خصوصاً الأربعينيّين الذين يقترحون مرشحة من بينهم، هي وزيرة التربية الوطنية السابقة نجاة فالو بلقاسم.
فهذه القيادية المغربية الأصل التي تعلن أن "التيار الاجتماعي الديمقراطي" لم يَمُت بعد، تحاول أن تعود شيئاً فشيئاً إلى الأضواء بعد هزيمة قاسية.
ويعتبر الاشتراكيون، بعد انتخاب حزب "الجمهوريون" رئيسهم، لحدّ الساعة، الوحيدين الذين لم يتخلصوا من مرحلة ما بعد الانتخابات التي تستوجب انتخاب قيادة جديدة.
وكانت بلقاسم، التي لم تستطع الفوز بمقعد برلماني في آخر انتخابات تشريعية، قد دخلت في صمت طويل ولم يصدر عنها أيّ موقف في كثير من القضايا التي تهم التعليم والتربية والسياسة والشأن الحزبي الداخلي، وفضلت أن تخرج من صمتها في نصّ، سيبصر النور في 18 من هذا الشهر، تنشره "المجلة الأدبية الجديدة".
وفي المقال، الذي سيصدر في العدد الأول من المجلة التي يديرها رافائيل غلوكسمان، نجل الفيلسوف الراحل، أندريه غلوكسمان، تدافع الوزيرة السابقة عن الخط السياسي التقليدي للحزب الاشتراكي، بشكل خاص التيار الاجتماعي الديمقراطي الذي حمل فرانسوا هولاند للسلطة قبل أكثر من خمس سنوات، وتحاول إنجاز قراءة شخصية للانهيار الكبير الذي تعرض له الحزب.
وإذا كان الاشتراكيون الذين اجتمع مجلسهم الوطني يوم 9 ديسمبر/كانون الأول حددوا رسمياً، انعقاد مؤتمرهم في إبريل/نيسان المقبل بحضور نجاة فالو بلقاسم، إلا أنها ارتأت ألا تتناول الكلمة، مفضّلة أن تترك الأمر لتصريحات قياديين آخرين لا يريدون ترشّحها، وعلى رأسهم سيتفان لوفول، وزير الزراعة في حكومة فرانسوا هولاند، والذي يحظى بدعمه لإدارة الحزب.
ويرى بعض قياديي الحزب الاشتراكي، أنّ النص الذي سيطّلع عليه، بعد أيام قليلة، مناضلو الحزب الاشتراكي خصوصاً، يندرج في إطار تقديم مساهمة سياسية ونظرية للنقاش، وبالتالي يمكن أن يكون فاتحة لترشح نجاة فالو بلقاسم للأمانة العامة للحزب.
وعلى الرغم من أن الوقت لا يزال متاحاً لتقرر بلقاسم الترشح، أي قبل 27 يناير/كانون الثاني 2018، إلاّ أن الأربعينيين (في العقد الرابع من أعمارهم)، ومن بينهم أوليفيي فور وديلفين باثو، وكارول ديلغا وماثياس فيكل وغيوم باشلي، ما فتئوا يعبّرون بشكل ملحّ بعد هزيمة الحزب الاشتراكي في الانتخابات الأخيرة، عن رغبتهم العلنية في "التحرر من وصاية فرانسوا هولاند"، وهو تحرُّر يتمّ عبر ترشيح شخصية منهم.
وعلى الرغم من أن نجاة بلقاسم التي لا تمارس أي مسؤولية سياسية وحزبية في الوقت الراهن، لا تبدي معارضتها لهذا الاقتراح، إلا أنّ مصادر مقرّبة منها تتحدث عن شروط مسبقة لقبول الأمر، ومنها أن تُمنَح دائرةً انتخابية مضمونة للفوز في الانتخابات المقبلة.
لكن ترشح نجاة فالو بلقاسم المحتمل لا يضمن فوزَها، لأن الحزب الاشتراكي ملغم بالتيارات التي تغير ولاءاتها بسرعة، ولأنّ هولاند لا يزال يتحكم بالخيوط عن بعد.
كما أن كثيرين لم ينسوا دعم بلقاسم لـ"الخائن" مانويل فالس، في الدورة الأولى من انتخابات الاشتراكيين الفرعية، رغم بُعد هذا الاجتماعي الليبرالي عن أطروحات بلقاسم الاجتماعية الديمقراطية.