نريد مدرسة بدلاً من علب السردين

02 ديسمبر 2015
بحاجة إلى رفع دعوى إثبات نسب لتسجيلها (حسين بيضون)
+ الخط -
تتجنب النساء العربيات الحديث عن تعرضهن لأشكال العنف العائلي عادة للكثير من الأسباب. يرتبط معظمها بالخوف من مواجهة عنف أكبر، ودائماً في إطار خضوعهن لسطوة المجتمع الذكوري. ومع تحول مخيمات اللاجئين السوريين في بلدان اللجوء إلى مجتمعات قائمة بذاتها، تطرح المؤسسات الأهلية في لبنان تساؤلاً حول آثار اللجوء في رفع مستوى العنف في تلك المخيمات، في محاولة للحد من آثار اللجوء على اللاجئين السوريين ومن بينهم النساء.

يأتي ذلك في إطار حملة الـ 16 يوماً العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة، شاركت فيه مؤسسات نسوية لبنانية في مشروع يحمل اسم "إشراك المجتمعات المحلية والقادة المحليين في الوقاية من العنف ضد المرأة"، سلط الضوء على المشاكل التي تعاني منها اللاجئات السوريات خصوصاً.
شمل المشروع فيلماً وثائقياً عرض شهادة 5 لاجئات سوريات في لبنان من مختلف الفئات العمرية والانتماءات الإثنية والمستويات التعليمية. تحدثن بشكل صريح عن أبرز المشاكل التي يعانين منها في المخيمات.

تقول الناشطة نوال مدللي لـ"العربي الجديد" إنّ "المشكلة الأولى التي تعاني منها اللاجئات السوريات في لبنان هي الخوف من الحديث عن تعرضهن للعنف أصلاً، وهو أمر طبيعي في ظل البيئة القاسية التي يعشن فيها ويتعرضن فيها للعنف من الزوج ومسؤول المخيم إلى جانب ساعات العمل الطويلة والقاسية وضعف الرعاية الطبية".

لذلك أطلقت عدة جمعيات مشاريع خاصة تهدف لمناهضة العنف الجندري، وطورت تقنيات الاستماع الى السيدات السوريات. تعلق مدللي: "حتى أنّ إحدى السيدات التي شاركت معنا في المشروع حولت خيمتها الى ما يشبه مركز اجتماعي للاستماع الى السيدات المعنفات محاولة تقديم المساعدة".

ترفض الطفلة مريم "التحول إلى حمّالة أو عاملة في الحقل، بل أريد العودة إلى المدرسة بعد عامين من التوقف عن الدراسة". اصطدم حلم مريم بالتخصص في الطب يوماً ما بقسوة الحياة في مخيم للجوء "وعدم القدرة على تأمين البدل المالي للمواصلات من والى المدرسة وشراء الكتب"، لكن دفاعها عن هذا الحلم لم يتوقف، بعد. تقول الطفلة في الوثائقي: "افتحوا لنا مدرسة بدل إرسال علب الطون (تونا) والسردين".

في شهادتها تعرض نسرين مجموعة صعوبات واجهتها كزوجة وأم وباحثة عن عمل. تتحدث عن طفلتها البالغة سنة وثلاثة أشهر: "حالت الإجراءات المعقدة والمسافات البعيدة دون تسجيل ابنتي في السفارة السورية عند ولادتها، وبعد تجاوزها العام أصبحنا بحاجة إلى رفع دعوى إثبات نسب لتسجيلها". لدى محاولة نسرين البحث عن عمل تم رفضها: "بسبب قدرتي المحدودة على استخدام الكومبيوتر، وضعف لغتي الإنجليزية.. كما تتعرض سيدات سوريات للتحرش في العمل، ويتلقين رواتب أقل من زملائهن من جنسيات مختلفة". بقيت في المنزل الصغير المستأجر "إلى أن ترك أهل زوجي سورية وأقاموا معنا فبدأت الخلافات بيني وبين زوجي".

من جهتها، تتحدث لاجئة صغيرة السن عن معاناتها من العنف الأسري في بلدتها السورية، وفي مخيم اللجوء في شرق لبنان. أجبرها والدها على الزواج في عمر مبكر: "كان عمري 11 عاماً فقط. لم أدرك أنّ حياتي ستتغير بأكملها بعد أن أخلع فستاني الأبيض لأجد نفسي أمام رجل ومسؤولية. كنت فرحة بالفستان الأبيض فقط". مع بدء الأزمة انتقلت مع زوجها إلى لبنان لتستمر فصول المعاناة: "كنت حاملاً ولم أزر الطبيب سوى مرة واحدة بسبب الألم الشديد، وقدّر الله أن تكون الولادة بلا مشاكل".

شمس عمرها 27 عاماً، لكن التجاعيد والتعب على وجهها يبيّناها بعمر أكبر. تعمل من الصباح حتى المساء لتُعيل أسرتها منفردة: "أربح عشرين ألف ليرة في اليوم (13 دولاراً أميركياً) وبالكاد أؤمن مصروف زوجي العاطل عن العمل وستة أطفال".

إقرأ أيضاً: لاجئات سوريات يتقنّ أعمالاً يدوية بحاجة للدعم
المساهمون