نزهة باردة
في الشتاء القادم
لا حاجة لك بالحطب
لا حاجة لك بسقف
سأوقد أصابعي العشر
سيعلو الدفء صالات كثيرة
فقط هذا الشتاء
أحتاج أصابعي العشر
لغزو الغابة
لخربشة السليلوز
لأبقى
حياً
حتى الشتاء القادم.
في نزهة التيه
خذي نفساً
بعيداً عن أحلامك
ارميه بعيداً
واجمعيه قبضة تلو الأخرى
كصياد مستميت
اجمعي أنفاسك من خياشيمها
ورتبيها للمرسى البعيد
ستصلين
بلا تيه
بلا نزهة رعب.
■ ■ ■
بناء
ليس سيئاً ولا قبيحاً
أن تترك الحصى الثقيل الصغير
يحتك في الخلاطات
يزمجر بصوت شاهق
لا آذان تطاول سمعه
لن تحتاج أي إضافات
الحصى يوجد رمله
يشحن إسمنته
ويذرف ماءه
ليس سيئاً ولا قبيحاً
أن تعيد شهقة البناء
أن يسيل من نافذتيك
سقف المجاز
وما قد يكون أسوأ
من أن تترك قلبك يغرق
■ ■ ■
زوايا
(منظر علوي)
بومة تربعت على قصر البحر
(منظر سطحي)
مصلوبة سيدتي على باب الشعبة
(منظر بحري)
لنورس حزين
قالت الموجة الشاردة
هيت لك نرحل.. هيت لك.
رويدك قال، يا أم الطحالب
بعد غد نرحل.
(منظر بعيد)
غداً أو بعد غد..
لست أدري.
(منظر عام)
مشرعة عيون الشباك
مثقلة عيون البلاد
والنوارس جياع.
■ ■ ■
بوسايدون
لست محظوظا يا ربيب البحر
أنت صفيّ
ومنذور للعاصفة بلا غرق
أصخ السمع
دع متلاشياتي جانباً
القواقع التي تردد لا شيء
الصخور التي تلوثونها
من أجل صلواتكم
الرمال التي تخنقونها بالإسمنت
ألواح الحبار التي فرت من المهاد
أصخ السمع أيها الصفيّ الصغير
في ليال قريبة
-أزمان بما تعدّون-
كنت سيد الأرض
لا أرض كانت
إلا غريقة
تحت وشاحي وأمواجي
سئمت من الزرقة
وأشفقت على الطير لا تستريح
حتى تزفر الحيتان
أخرجت تراباً من جبّتي
علّيته بالكبريت
وقسّيته بالنار
غطيته بالسراخس
وجعلتها مرتعاً للديدان
جدتك الأولى
أيها الصفيّ الصغير
برياحي العليا طافت البذور
برياحي العميقة
جرت خيرات من محيط لبحر
ومن بحر لمحيط
في محرابي تخشّع الصفيّ كوستو
تأملني الشرگي من ناصية مقهى
وترنّم بي الشعراء من نيبون إلى فينيسيا
كيف صيّرتم البلل حرائق
تفرّون من يابسة لبر
محترقين
وتصفون جلالتي بالقاتل
كيف أفسدتم البر الذي
أخرجت لكم من إزاري
صنعتم الفلك من قصب وأخشاب
ومما قسيتم من تراب
ثم خرجتم
باسم الفضول
تعلنون الخراب
■ ■ ■
شموع في خاصرة الحزن
حين أسافر
لا أحمل معي حقائب كثيرة
جيوبي ملأى
ومدججة
كما يليق بتاجر الألماس
حين أنزل فكرة
تطير العصافير من جيب
ويسقط الشجن
من جيب آخر
جواربي
تصبح سريراً ووسادة
سترتي
تفضح الشواء
وتنضح السفرجل المقطّر
تدلق نديمات
كل حجب الذكرى
من حذائي
كيف أقامر
بهذا الحزن
في لعبة واحدة
لأعلن الإفلاس
كيف يدق قلبي
شموعاً
في خاصرة الليل
بابتسامة
وحزمة ورق.
■ ■ ■
عبور
كنت رجلاً يصعد تلة
سهام كثيرة
أخطأت القلب
وسكنت ظهري
ربما كنتِ الوحيدة
التي صوّبت
بدقة صياد غاضب
كان رمحك كافياً
قبل عقد
ليتلف حبلي الشوكي
كل السهام لم تسقطني
رمحك أيضاً
لم يفعل
اتكأت عليه
لأبقي ظهري مستقيماً
وكل السهام الأخرى
صيّرتني
قنفذاً يصعد تلة
لم تتعبني الطريق
أتعبني الوصول البعيد
لم تتعبني الكلمات
أتعبتني الجمل المبنية للامعنى
كان الليل طويلاً
لم يكن طويلا جداً
لكنه كان بقمم وأودية
كيف أعبر سالماً
كل هذه الفخاخ
بلا صورة في جيبي السري
كيف أبدأ الطريق
وأنا منك
لم أستيقظ بعد
وأنا أعبر النهر
لم أتوقع
كل تلك العوالم
تعبرني بلا أن تتبلل
لم أتوقعني نسخة معدلة
من سحنتي السابقة
حين أصل الشط
كم سيعبرني النهر من مرة
وكم نسخة منك هناك
ستمدّ لي
طوق النجاة
■ ■ ■
وحدة
وحيداً في قاعة مكتظة
و غريباً
مثل حبة شوفان
في مطبخ مرتب بفظاظة
ماذا أفعل في كيس الطحين
و أنا لم أنضج بعد
لأغادر الحقل
لأصل البيدر
لأدخل شوال المحصول
لأصل هذا المطبخ المرتب بفظاظة
وحيداً مثل كتاب منسي في قبو
أو أباجورة مرمية في علية
■ ■ ■
ساحة الحرب
لا ظلام في ساحة الحرب
و لا شموع
لا وقت لتوزيع اللعنات
و لا حتى للبحث عن قداحة
أنا الجندي المنسي هنا
في حقل شاسع من الأحجار
الأحجار التي كانت قبل الحرب
دار سينما
وربما ملجأ للأيتام
تحولت
أو تبقى منها
نصف جدار
كان أيضاً، في ما مضى،
يسند ثكنة عامرة.
لأقتل الوقت الذي لم تشربه سجائري
أرمي حقل الأحجار بالرمان
وألمّع حذائي الأعرج
بجورب لطخته أحلام كثيرة
عن الأبيض والألوان
ورائحة الزعتر
المتبقي في رف ما أسفل الذاكرة
لا معركة ولا حملة إنقاذ
كل هذا الصخب
كحفلة شواء في القلب
هو صوتي وأنا أرتب الأسلحة
كل حرف طرد من الرسائل
كل فاصلة مشط من الألم
كل نقطة متكأ لراجمة ورود
وماذا يفعل جندي منسي
في حقل من حجر
حيث لا ظلام ولا ولاعة
فقط ذكرى ملجأ للأيتام
وأفلام طويلة من عرق
■ ■ ■
كسل
الأصيص الكسلان على حافة النافذة
لا يعبأ بخيوط الشمس
الهر النائم جنب الأصيص
لا يحفل بالعصفورين على حبل الغسيل
و أنت هناك
تحملين سلة الغسيل
تسبين العصافير الثرثارة
تسبين القط الكسلان
تسبين الشمس الذابلة
وتتأوهين
منذ متى لم أسق الأصيص.
* شاعر من المغرب