للشهر الثاني على التوالي، يستمر ارتفاع ألسنة اللهب والدخان من آبار النفط العراقية جنوب مدينة الموصل، وسط عجز واضح لحكومة بغداد عن إخمادها، واعتذار شركات نفط عالمية عن الدخول إلى مواقع الحرائق وإخمادها، بسبب خطورة الوضع هناك وتصاعد حدة المعارك. في وقت قدر مسؤولون وخبراء نفط عراقيون خسارة البلاد اليوم بنحو 3 ملايين دولار جراء استمرار الحرائق.
ويقول متابعون للملف إن الحرائق تتركز في حقلي القيارة والنجمة النفطيين في جنوب وجنوب غرب الموصل، بعد إشعال تنظيم داعش النار فيهما، عقب انسحابه منها بفعل المعارك الدائرة.
وهو أسلوب عرفه التنظيم منذ نحو عام ونصف بعد عمل مماثل قام خلاله بإشعال النار في حقول عجيل وعلاس بصلاح الدين وحقل باي حسن في كركوك وقبلهما حقل عكاز في الأنبار.
وكان تنظيم داعش ينتج النفط في هذه الحقول ويبيعه في الأسواق بعد سيطرته على نينوى وكانت حقول القيارة والنجمة تنتج يوميا نحو 50 ألف برميل من النفط، ويصدر عبر ميناء جيهان التركي إلى الأسواق الآسيوية.
وقال رئيس مجلس مدينة القيارة (60 كم جنوب الموصل) صالح الجبوري لـ "العربي الجديد" إن "استمرار احتراق الآبار حول نهار المنطقة إلى ليل مظلم إضافة إلى الأضرار البيئية والإصابات".
وأضاف أن" هناك مجموعة يصل عددها إلى سبع آبار نفطية تمكنت فرق الإطفاء في وزارة النفط وشركة نفط الشمال من السيطرة عليها في وقت سابق، ولكن ما زالت النيران تشتعل في بقية الآبار النفطية. ولا نعلم لماذا لا تتعاقد النفط مع شركات أجنبية تساعد على سرعة السيطرة على هذه الحرائق واستغلال وتصدير النفط المتدفق منه".
وقال مصدر في شركة تسويق النفط العراقية "سومو" في تصريح إلى "العربي الجديد"، إن "وزارة النفط تتابع بشكل فعلي موضوع احتراق الآبار النفطية في حقول القيارة والنجمة النفطية جنوب نينوى وتقدر الخسائر الناجمة عن احتراق هذه الآبار بنحو ثلاثة ملايين دولار، وتعمل وزارة النفط مع شركة نفط الشمال على إطفاء وإخماد الحرائق"، مبيناً أن "عدد الآبار المشتعلة أكثر من 15 بئراً حيث امتدت الحرائق عبر الأنابيب إلى آبار أخرى صباح الأحد الماضي".
من جهته قال أحد العاملين في السيطرة على الحرائق بشركة نفط الشمال، ويدعى حسين العبيدي في تصريح لـ "العربي الجديد" إن "الخسائر المتوقعة تقدر بملايين الدولارات وإحراق الآبار يحتاج إلى تدخل شركات نفطية مختصة للسيطرة عليها، ويجب ألا نكرر مأساة حقول كركوك وصلاح الدين التي كبدت البلاد خسائر كبيرة وظلت مشتعلة أكثر من ثلاثة أشهر قبل إخمادها".
وأكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الموصل يونس البجاري في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن "فقدان عناصر داعش للمواقع النفطية يعني تجفيف غالبية مصادر تمويله في العراق".
واعتبر أن" استمرار حرائق الآبار النفطية يولد خسائر بعشرات الملايين من الدولارات شهرياً، وعلى وزارة النفط التعاقد مع شركات أجنبية تعمل مع فرق عراقية للإسراع في السيطرة على هذه الحرائق وتقليل الخسائر وإضافة النفط المحروق إلى معدلات الإنتاج والتصدير".