التحق عبد الرؤوف الوسلاتي بدار نشر بريل الهولندية سنة 2012، ليدير مشروع الإصدار الثالث لموسوعة الإسلام الشهيرة، بعد أن عمل لديها سنوات مستشارًا لبعض المشاريع الخاصة بالتعاون بين الدار الهولندية وبلده تونس.
وتكاد الموسوعة الإسلامية أن تكون صنوًا للدار من حيث الشهرة والانتشار، نظرًا إلى مستواها العلمي الرفيع، فكان لا بدّ من السؤال.
- الناظر في تاريخ دار بريل الهولندية العريقة، يجد أنها نشأت في القرن السابع عشر في ظلّ جو ثقافي منفتح يبجّل العلم، فمنذ بداياتها مالت الدار إلى الكتب العلمية التي تقدّم المعرفة إلى النخبة القادرة على قيادة المجتمع، هل من الممكن أن تحدثنا عن الأمر؟
تاريخ إنشاء دار نشر بريل مرتبطٌ إلى حدّ كبير بتاريخ جامعة ليدن، التي أسسها وليام الصامت في سنة 1575، وكانت بمثابة هدية لمدينة ليدن لمقاومتها الاحتلال الإسباني للمدينة. كان الهدف الرئيس للجامعة تدريب رجال دين بروتستانتيين وتأهليهم وتخريجهم، وذلك لأن أحد عوامل تمرّد البلاد الهولندية على الحكم الإسباني الكاثوليكي، كان انتماؤها للطائفة البروتستانتية. شيئًا فشيئًا تمّ تطوير الجامعة، وبدأ الاهتمام بعلوم أخرى إلى جانب علم اللاهوت المسيحي. ومن خلال ممارسة العلم ظهرت الحاجة إلى دار نشر للدراسات العلمية. فنشأت دار بريل كدار نشر تخدم أساسًا جامعة ليدن. ومع مرور الزمن أضحت الدار دارًا عالمية للنشر ناشطة في كل أنحاء العالم.
الدار مختصّة في العلوم الإنسانية، وتنشر كتبًا وأبحاثاً في عدّة مجالات منها؛ الدراسات الشرق - أوسطية، والدراسات الإسلامية، والدين الإسلامي وقارة إفريقيا، فضلًا عن علوم اللغات واللسانيات والتاريخ والعلوم الاجتماعية والعلوم الكلاسيكية وعلم الآثار وعلم القانون. هدف الدار ورغبتها أن تكون رائدة على الصعيد الدولي في مجالات العلوم الإنسانية والقانون الدولي. ولذا فإن النمو المستمر للدار كـ "شركة" ضروري لتحقيق مهمتها. والاختصاص الأساس للشركة، إن شئتِ- توفير خدمات للمؤلّفين والقرّاء ولكل الأشخاص المرتبطين بدائرة البحث العلمي، ومن هذا المنظور فإن الدار تخدم سوق البحث العلمي الأكاديمي، عبر توفيرها مجموعة واسعة وعالية الجودة من المؤلّفات التي عادة ما تقتنيها المكتبات الكبيرة والمختصّة والجامعية وبالطبع الأكاديميين. أرغب في الإشارة أيضًا إلى أن الطلب على المؤلّفات بالنسخة الإلكترونية ضمن السوق التي تنشط بريل فيها، أي سوق البحث العلمي، في تزايد مستمر. وتؤمن بريل العديد من قنوات التوزيع الإلكترونية للوصول إلى الزبائن. إذ إن سياسة النشر لدى بريل تعتمد على وسائل متعددة، فيمكن الحصول على المؤلّفات، إمّا بالنسخة الورقية أو الإلكترونية أو الاثنتين معًا.
- في الإطار نفسه نجد مشروع موسوعة الإسلام الشهيرة، اهتمت الدار باكرًا بالدين الإسلامي وخصّته بهذه الموسوعة، هل تخبرنا عن اهتمام الدار بالدين، وعن تاريخ إصدارات الموسوعة والباحثين المشاركين في كتابتها؟
تمّ تعيين أوّل أستاذ في الدراسات العربية في جامعة ليدن في سنة 1613 أي قبل أربعمائة عام ونيّف. لهولندا تاريخٌ طويلٌ في دراسة اللغة العربية والدين الإسلامي. وإن دل هذا الأمر على شيء، فإنما يدلّ على مدى الاهتمام باللغة العربية والإسلام، وهذا الاهتمام لم يكن جامدًا، بل تغيّرت أهدافه خلال تلك الأعوام الطويلة. ففي البدء كان الهدف من دراسة اللغة والثقافة العربيتين الحصول على فهم أفضل للكتاب المقدّس والتوراة على وجه الخصوص. إذ كان "الرأي السائد" وقتذاك يقول إن المجتمعات العربية لا تزال تعيش كما كانت الناس تعيش في زمن المسيح، ولذا فإن دراسة المجتمعات العربية قد تؤدّي إلى فهم أفضل للمجتمعات الموصوفة في الكتاب المقدّس. وعلاوة على ذلك، فإن اللغة العربية تشبه اللغة العبرية، باعتبارهما من اللغات السامية، وقد تساعد اللغة العربية في فهم المقاطع الغامضة والمتشابهة بالعبرية. وبعد ذاك، تغيّرت أهداف الاهتمام باللغة العربية والإسلام، لتخدم مصالح الدولة الهولندية في التجارة العالمية وطموحاتها الاستعمارية، ورافق ذلك، كما هو معروف، نشاط تبشيري. حين استعمرت هولندا جزءًا كبيرًا من الأرخبيل الإندونيسي غدت أكبر إمبراطورية من حيث عدد الرعايا المسلمين.
هذه لمحة وجيزة عن المناخ الذي ولّد فكرة صياغة موسوعة للدين الإسلامي. كان المشروع في بدايته مشروعًا استشراقيًا بامتياز، وشارك فيه مستشرقون معروفون منهم: مارتن ثيودورهاوتسما، وأرنت يان وينسيك، وهاملتون غيب، وكريستيان سنوك هورخرونيي، إيفاريست ليفي بروفينسال. لكن مع مرور الزمن ازداد عدد المشاركين في المشروع من أكاديميين من العالم الإسلامي، الأمر الذي جعل الموسوعة عملًا أكثر موضوعية. ثمة "حلقة" إن جاز التعبير في سلسلة هذا المشروع الطويل، تشرح لنا الطابع الاستشراقي للبحث العلمي الغربي في بداية القرن العشرين؛ حادثة طرد المستشرق الهولندي وأستاذ الدراسات اللغات السامية بجامعة ليدن آريند يان وانسينك (Arent Jan Wensinck) من مجمع اللغة العربية في القاهرة عام 1933. ففي ذلك العام، أمر الملك فؤاد الأوّل بتأسيس مجمع لغوي يضمّ عشرين عضوًا على أن يكون نصفهم من المصريين والنصف الآخر من العرب والمستشرقين. تمّ اختيار وانسينك كأحد المستشرقين بسبب مكانته المحترمة ومنصبه الرفيع في جامعة ليدن ذات التاريخ العريق في الدراسات العربية. تزامن ترشّحه مع نشر الإصدار الأوّل لموسوعة الإسلام، وكان وانسينك أحد محرريها، حيث ساهم فيها ببعض المقالات مثل "إبراهيم" و"الكعبة". فور الإعلان عن خبر ترشّحه لعضوية مجمع اللغة العربية، شنّت الصحافة المصرية حملةً ضدّه، وظهر في الصفحة الأولى لجريدة الأهرام مقالٌ بعنوان "المستشرقون والإسلام – فنسنك عضو المجمع اللغوي يسخر من الإسلام"، وفيه اتهام لوانسينك بالعداء للإسلام والإساءة إليه. استمرّت الحملة الإعلامية ضدّ وانسينك في وسائل إعلامية أخرى أيضًا، مثل جريدة الجهاد التابعة لحزب الوفد المصري، وهكذا إلى أن تمّ إلغاء تعيينه من قبل السلطات المصرية. وكتب الأستاذ بجامعة "أوتريخة" الدكتور عمرو رياض مقالًا قيّما حول هذه الحادثة.
هذه الحادثة وقعت في زمن كان فيه عالم المستشرقين منفصلًا نوعًا ما عن العالم الإسلامي. الأمور اختلفت منذ ذلك الوقت، فقد تمّ بعض التقارب، وبُنيت بعض الجسور، وأصبح هناك تواصل أكبر وتفاهم متبادل أكثر، بل وحتّى يمكننا القول بوجود انسجام لا بأس به بين الباحثين الغربيين والعالم الإسلامي، حيث نلاحظ أن الإصدار الثالث لموسوعة الإسلام هو مشروع مشترك بين المختصّين الغربيين والأكاديميين من العالم الإسلامي على حدّ سواء.
- أصدرت دار بريل في عقد السبعينيات من القرن المنصرم سلسلة كتب خاصّة بالأدب العربي، وأشرف على السلسلة الراحل الدكتور محمّد مصطفى بدوي، وكان الكتاب الأوّل في هذه السلسلة كتاب الناقدة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي: الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث. ما أهمية هذه السلسلة، أين موقع إصداراتها من إصدارات الدار، ومن يشرف عليها اليوم؟
لا تزال تلك السلسلة موجودة إلى يومنا هذا، ولا نزال ننشر فيها كتبا جديدة بانتظام. تمّت إعادة تسمية السلسلة إلى "دراسات بريل في الأدب الشرق - أوسطي"، كي تشمل أيضًا دراسات أدبية للغات أخرى. لهذه السلسلة مكانة مهمّة لدى دار بريل، فهي سلسلة عريقة وتحظى بشهرة واسعة واحترام كبير. اليوم تشرف عليها سوزان ستاتكيفيتش، الأستاذة المتقاعدة من جامعة إنديانا في الولايات المتحدة الأميركية والمختصّة بالشعر العربي. تهدف هذه السلسلة إلى نشر الدراسات النقدية الأدبية والتاريخية التي تشمل طيفًا واسعًا من الآداب الكلاسيكية والحديثة، المكتوبة والشفاهية، الشّعر والنثر. وفي السلسلة ثمّة الترجمات العلمية للأعمال الأدبية الكبرى. وهناك أيضًا مجال للدراسات التي تسعى إلى دمج آداب الشرق الأوسط بخطابات أوسع من العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية، إلى جانب أعمال ذات طابع أكثر تقنية ومتخصصة. نشرت في هذه السلسلة مثلًا الأستاذة في جامعة كارولاينا الشمالية نادية يعقوب ذات الأصل الفلسطيني، دراسةً عن الشعر الشفاهي في الأعراس الفلسطينية. وفيها نشر أيضًا الأستاذ العراقي في جامعة دارتموث الأميركية الدكتور حسين كاظم، دراسته حول الكفاح ضدّ الاستعمار في القصيدة العربية.
-هل تعتمد دار بريل في ما يخصّ نشر كتب الثقافة العربية على آراء كتاب وباحثين عرب؟ وما معايير اختيارهم، هل هم دائمًا من الأكاديميين؟
نعم، بطبيعة الحال نهتمّ بآراء الباحثين والكتّاب العرب في ما يخصّ الكتب عن الثقافة العربية. نحن نريد دائمًا أن تكون منشوراتنا بأعلى مستوى من الجودة، ولذا فإننا نريد التعامل مع أفضل المختصّين في المجال. وبما أننا دار نشر علمية، فإننا ننشر فقط الأعمال التي تلبي معايير البحث العلمي. لذلك يجب أن تخضع كل منشوراتنا لعملية مراجعة من قبل مختصّين كي يحظى كل ما ننشره بصدقيّة عالية في العالم الأكاديمي.
في الأصل، نحن لا ننظر إلى جنسية الباحث أو انتمائه الديني أو العرقي. ففي عملي أوّلا وقبل كل شيء، ننظر إلى ما إذا كان العمل المعني يناسب أحد مجالات النشر المختلفة التي نضمّها. ثمّ بعد ذلك ننظر إلى الجودة العلمية للعمل. ومن البدهي أنه في مجال الدراسات الشرق أوسطية والدراسات الإسلامية، يوجد مؤلّفون عرب ومسلمون كثيرون. وقد شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا كبيرًا في أعدادهم بسبب "السدّ التدريجي" للاختلافات الثقافية واللغوية بين عالمين؛ الشرق والغرب، كانا منفصلين عن بعضهما سابقًا، وأتوقع أن الأمور ستتواصل في اتجاه هذا الازدياد.
- تبدو دار بريل مواكبة لمتطلبات السوق، فهي مستمرة منذ أكثر من 330 عامًا، بتزويد "سوق البحث العلمي" إن صحّ التعبير بحاجاته المختلفة، توحي بعض الكتب الصادرة عنها بجرأة في نشر كتب قد لا تجد من يشتريها، خاصّة أن كتب بريل مرتفعة الثمن، كيف تتعامل الدار مع "السوق"؟
بريل بطبيعة الحال شركة خاصّة، وليست في غنى عن السوق. نحن نعمل في مجال متخصّص جدًا، وبالتالي فإن عدد النسخ التي نبيعها محدودة. لكن زبائننا الرئيسيين هم المكتبات والمؤسسات، لا الأفراد، لذا فإن أسعار منشوراتنا قد تكون مرتفعة بعض الشيء للأفراد. ومن أجل هذا الأمر بالذات، قمنا مؤخرًا بإنشاء برنامج خاصّ لبيع الكتب بأسعار مناسبة جدّا للأفراد.
فإن كان لدى المؤسسة أو المكتبة، اشتراك عندنا، فبإمكان الأفراد العاملين فيها اقتناء كتبنا بسعر ثابت €25/$25. لدينا أيضًا عروض خاصّة للأفراد من أجل الاشتراك في منشوراتنا الإلكترونية.
تأسّست بريل منذ البداية كشركة خاصّة، وكانت تريد تلبية احتياجات النشر لجامعة ليدن، لكنها لم تكن أبدًا جزءًا من الجامعة، ولم تكن في أي وقت من الأوقات مؤسسة عامّة. في البداية كانت الدار/ الشركة عبارة عن غرفة لإعداد المؤلفات وتهيئتها وطباعتها، بالإضافة إلى مكتبة تجارية، أما اليوم فـ "بقي" لدينا دار نشر مزدهرة. منذ زمن طويل كانت بريل ناشرًا دوليًا مهمّا. ففي أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، قدِم مؤلّفون ومحررون ومحقّقون من كافة أرجاء المعمورة كي يعملوا لدى الشركة في ليدن. وخلال السنوات الخمسين الماضية بنينا علاقات عمل قوية مع أهمّ مراكز البحث العلمي في العالم.
- أيضا بريل تواكب النشر الإلكتروني، تقريبا يتوفر لكل كتاب ودورية نسختين ورقية وإلكترونية، كما لو أن الصراع – الشعار الذي يطرح بقوة عن أفضلية الإلكتروني على الورقي، لا يؤثر في قرار الدار باستمرار النشر بطريقتين، كيف تنظر الدار إلى هاتين الطريقتين؟ هل تحابي الإلكتروني مثلا أم الورقي، وهل سوف تستمر بالنشر وفق الطريقتين إلى أن يسود الإلكتروني مثلا؟
العبرة في محتوى المنشورات، فالجزء الكبير من العمل يرتكز على إعداد المحتوى. النشر في نهاية المطاف، يتمّ وفقًا لمتطلبات السوق. للمنشورات الإلكترونية بعض المزايا، إذ من الممكن مثلًا البحث في محتواها بسهولة. لكن الكثير من الناس لا يزالون يفضلون النسخ الورقية بسبب ميزتها في تقديم قراءة مريحة. في الفترة الأخيرة، لاحظنا وجود تطوّرات مهمّة في النشر الورقي، أدّت إلى وجود ما يسمّى الطباعة وفقًا للطلب، وذلك من أجل تفادي النسخ المكدّسة والمخزّنة. نحاول باستمرار مواكبة متطلبات السوق والاستجابة لها. ولكن حسب تقديري الخاص، فإن الكتاب الورقي لن يختفي في المدى القريب.
- ما عدد الدوريات العلمية المحكمة التي تنشرها بريل؟ وهل تتدخل الدار في اختيار هيئة تحرير الدوريات العلمية، مثلا اليوم الدكتور العراقي محسن جاسم الموسوي هو رئيس تحرير دورية جورنال أوف أرابيك ليتيراتور.
ننشر حاليًا حوالي مئتي دورية علمية محكّمة في شتّى المجالات. في بعض الأحيان، تبادر بريل لإنشاء دورية، وفي أحيان أخرى تأتي المبادرة من واحد أو أكثر من الأكاديميين. وثمّة أيضًا طرق أخرى للحصول على الدوريات، مثل اقتنائها من دور نشر أخرى، أو من خلال اقتناء دور نشر تملك حقوق نشرها. المهم بالنسبة لنا، أن تكون لجنة الإشراف على الدورية، مؤلّفة من أكاديميين لهم وزنهم في مجالهم العلمي ويحظون بالاحترام. عندما تبادر بريل لإنشاء دورية، فإنها تبادر أيضًا في اختيار بعض أعضاء هيئة التحرير. ومن طبيعة الأمور، أن يتغيّر أعضاء اللجان المشرفة على الدوريّات ومحرريها، فهناك من يتقاعد وهناك من يفارق الحياة أو قد يرغب المحررون أحيانًا في توسيع لجنة التحرير لينضمّ إليها مزيد من المختصّين. حينها يتمّ البحث عن أساتذة مختصّين جدّد لينضموا إلى لجنة التحرير، وقد يكونوا عربًا حسب اختصاصهم وثقلهم العلمي. ولاحظنا في السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في أعداد الباحثين العرب من المحررين والمؤلفين.
- توحي الأمور بأن لدى الدار باحثين أو مستشارين يتابعون الأكاديميات والجامعات والمنشورات، كيف علاقة الدار بالأكاديمية والجامعة عامة؟
علاقاتنا مع العالم الأكاديمي ممتازة، نحن نعمل بشكل حصري مع الباحثين الأكاديميين والجامعيين. الأكاديميون هم من يؤلّف لنا، وهم من يشرف على مشاريعنا وهم من نلجأ إليهم ونستشيرهم. في نهاية الأمر، فإن المؤسسات الأكاديمية مثل المكتبات الجامعية ومعاهد البحث والدراسات، هي الجهات التي تقتني "منتوجاتنا". نتعامل مع العالم الأكاديمي بصورة مستمرة لا تتوقف. لقد اشتغلنا على بناء علاقات ممتازة مع العالم الأكاديمي والجامعات ومعاهد الدراسات لمئات السنين منذ أن وُجدت الشركة، ونحن نحاول المحافظة على هذه العلاقات وتعزيزها توسيعها.
دار نشر بريل معروفة جدًا في الأوساط الأكاديمية في مجال العلوم الإنسانية، وتحظى بالكثير من الاحترام، الأمر الذي نريد أن نحافظ عليه. ندرك جيدًا أن وجودنا يتعلّق بعلاقاتنا بالأوساط الأكاديمية والجامعية.
تاريخ إنشاء دار نشر بريل مرتبطٌ إلى حدّ كبير بتاريخ جامعة ليدن، التي أسسها وليام الصامت في سنة 1575، وكانت بمثابة هدية لمدينة ليدن لمقاومتها الاحتلال الإسباني للمدينة. كان الهدف الرئيس للجامعة تدريب رجال دين بروتستانتيين وتأهليهم وتخريجهم، وذلك لأن أحد عوامل تمرّد البلاد الهولندية على الحكم الإسباني الكاثوليكي، كان انتماؤها للطائفة البروتستانتية. شيئًا فشيئًا تمّ تطوير الجامعة، وبدأ الاهتمام بعلوم أخرى إلى جانب علم اللاهوت المسيحي. ومن خلال ممارسة العلم ظهرت الحاجة إلى دار نشر للدراسات العلمية. فنشأت دار بريل كدار نشر تخدم أساسًا جامعة ليدن. ومع مرور الزمن أضحت الدار دارًا عالمية للنشر ناشطة في كل أنحاء العالم.
الدار مختصّة في العلوم الإنسانية، وتنشر كتبًا وأبحاثاً في عدّة مجالات منها؛ الدراسات الشرق - أوسطية، والدراسات الإسلامية، والدين الإسلامي وقارة إفريقيا، فضلًا عن علوم اللغات واللسانيات والتاريخ والعلوم الاجتماعية والعلوم الكلاسيكية وعلم الآثار وعلم القانون. هدف الدار ورغبتها أن تكون رائدة على الصعيد الدولي في مجالات العلوم الإنسانية والقانون الدولي. ولذا فإن النمو المستمر للدار كـ "شركة" ضروري لتحقيق مهمتها. والاختصاص الأساس للشركة، إن شئتِ- توفير خدمات للمؤلّفين والقرّاء ولكل الأشخاص المرتبطين بدائرة البحث العلمي، ومن هذا المنظور فإن الدار تخدم سوق البحث العلمي الأكاديمي، عبر توفيرها مجموعة واسعة وعالية الجودة من المؤلّفات التي عادة ما تقتنيها المكتبات الكبيرة والمختصّة والجامعية وبالطبع الأكاديميين. أرغب في الإشارة أيضًا إلى أن الطلب على المؤلّفات بالنسخة الإلكترونية ضمن السوق التي تنشط بريل فيها، أي سوق البحث العلمي، في تزايد مستمر. وتؤمن بريل العديد من قنوات التوزيع الإلكترونية للوصول إلى الزبائن. إذ إن سياسة النشر لدى بريل تعتمد على وسائل متعددة، فيمكن الحصول على المؤلّفات، إمّا بالنسخة الورقية أو الإلكترونية أو الاثنتين معًا.
- في الإطار نفسه نجد مشروع موسوعة الإسلام الشهيرة، اهتمت الدار باكرًا بالدين الإسلامي وخصّته بهذه الموسوعة، هل تخبرنا عن اهتمام الدار بالدين، وعن تاريخ إصدارات الموسوعة والباحثين المشاركين في كتابتها؟
تمّ تعيين أوّل أستاذ في الدراسات العربية في جامعة ليدن في سنة 1613 أي قبل أربعمائة عام ونيّف. لهولندا تاريخٌ طويلٌ في دراسة اللغة العربية والدين الإسلامي. وإن دل هذا الأمر على شيء، فإنما يدلّ على مدى الاهتمام باللغة العربية والإسلام، وهذا الاهتمام لم يكن جامدًا، بل تغيّرت أهدافه خلال تلك الأعوام الطويلة. ففي البدء كان الهدف من دراسة اللغة والثقافة العربيتين الحصول على فهم أفضل للكتاب المقدّس والتوراة على وجه الخصوص. إذ كان "الرأي السائد" وقتذاك يقول إن المجتمعات العربية لا تزال تعيش كما كانت الناس تعيش في زمن المسيح، ولذا فإن دراسة المجتمعات العربية قد تؤدّي إلى فهم أفضل للمجتمعات الموصوفة في الكتاب المقدّس. وعلاوة على ذلك، فإن اللغة العربية تشبه اللغة العبرية، باعتبارهما من اللغات السامية، وقد تساعد اللغة العربية في فهم المقاطع الغامضة والمتشابهة بالعبرية. وبعد ذاك، تغيّرت أهداف الاهتمام باللغة العربية والإسلام، لتخدم مصالح الدولة الهولندية في التجارة العالمية وطموحاتها الاستعمارية، ورافق ذلك، كما هو معروف، نشاط تبشيري. حين استعمرت هولندا جزءًا كبيرًا من الأرخبيل الإندونيسي غدت أكبر إمبراطورية من حيث عدد الرعايا المسلمين.
هذه لمحة وجيزة عن المناخ الذي ولّد فكرة صياغة موسوعة للدين الإسلامي. كان المشروع في بدايته مشروعًا استشراقيًا بامتياز، وشارك فيه مستشرقون معروفون منهم: مارتن ثيودورهاوتسما، وأرنت يان وينسيك، وهاملتون غيب، وكريستيان سنوك هورخرونيي، إيفاريست ليفي بروفينسال. لكن مع مرور الزمن ازداد عدد المشاركين في المشروع من أكاديميين من العالم الإسلامي، الأمر الذي جعل الموسوعة عملًا أكثر موضوعية. ثمة "حلقة" إن جاز التعبير في سلسلة هذا المشروع الطويل، تشرح لنا الطابع الاستشراقي للبحث العلمي الغربي في بداية القرن العشرين؛ حادثة طرد المستشرق الهولندي وأستاذ الدراسات اللغات السامية بجامعة ليدن آريند يان وانسينك (Arent Jan Wensinck) من مجمع اللغة العربية في القاهرة عام 1933. ففي ذلك العام، أمر الملك فؤاد الأوّل بتأسيس مجمع لغوي يضمّ عشرين عضوًا على أن يكون نصفهم من المصريين والنصف الآخر من العرب والمستشرقين. تمّ اختيار وانسينك كأحد المستشرقين بسبب مكانته المحترمة ومنصبه الرفيع في جامعة ليدن ذات التاريخ العريق في الدراسات العربية. تزامن ترشّحه مع نشر الإصدار الأوّل لموسوعة الإسلام، وكان وانسينك أحد محرريها، حيث ساهم فيها ببعض المقالات مثل "إبراهيم" و"الكعبة". فور الإعلان عن خبر ترشّحه لعضوية مجمع اللغة العربية، شنّت الصحافة المصرية حملةً ضدّه، وظهر في الصفحة الأولى لجريدة الأهرام مقالٌ بعنوان "المستشرقون والإسلام – فنسنك عضو المجمع اللغوي يسخر من الإسلام"، وفيه اتهام لوانسينك بالعداء للإسلام والإساءة إليه. استمرّت الحملة الإعلامية ضدّ وانسينك في وسائل إعلامية أخرى أيضًا، مثل جريدة الجهاد التابعة لحزب الوفد المصري، وهكذا إلى أن تمّ إلغاء تعيينه من قبل السلطات المصرية. وكتب الأستاذ بجامعة "أوتريخة" الدكتور عمرو رياض مقالًا قيّما حول هذه الحادثة.
هذه الحادثة وقعت في زمن كان فيه عالم المستشرقين منفصلًا نوعًا ما عن العالم الإسلامي. الأمور اختلفت منذ ذلك الوقت، فقد تمّ بعض التقارب، وبُنيت بعض الجسور، وأصبح هناك تواصل أكبر وتفاهم متبادل أكثر، بل وحتّى يمكننا القول بوجود انسجام لا بأس به بين الباحثين الغربيين والعالم الإسلامي، حيث نلاحظ أن الإصدار الثالث لموسوعة الإسلام هو مشروع مشترك بين المختصّين الغربيين والأكاديميين من العالم الإسلامي على حدّ سواء.
- أصدرت دار بريل في عقد السبعينيات من القرن المنصرم سلسلة كتب خاصّة بالأدب العربي، وأشرف على السلسلة الراحل الدكتور محمّد مصطفى بدوي، وكان الكتاب الأوّل في هذه السلسلة كتاب الناقدة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي: الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث. ما أهمية هذه السلسلة، أين موقع إصداراتها من إصدارات الدار، ومن يشرف عليها اليوم؟
لا تزال تلك السلسلة موجودة إلى يومنا هذا، ولا نزال ننشر فيها كتبا جديدة بانتظام. تمّت إعادة تسمية السلسلة إلى "دراسات بريل في الأدب الشرق - أوسطي"، كي تشمل أيضًا دراسات أدبية للغات أخرى. لهذه السلسلة مكانة مهمّة لدى دار بريل، فهي سلسلة عريقة وتحظى بشهرة واسعة واحترام كبير. اليوم تشرف عليها سوزان ستاتكيفيتش، الأستاذة المتقاعدة من جامعة إنديانا في الولايات المتحدة الأميركية والمختصّة بالشعر العربي. تهدف هذه السلسلة إلى نشر الدراسات النقدية الأدبية والتاريخية التي تشمل طيفًا واسعًا من الآداب الكلاسيكية والحديثة، المكتوبة والشفاهية، الشّعر والنثر. وفي السلسلة ثمّة الترجمات العلمية للأعمال الأدبية الكبرى. وهناك أيضًا مجال للدراسات التي تسعى إلى دمج آداب الشرق الأوسط بخطابات أوسع من العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية، إلى جانب أعمال ذات طابع أكثر تقنية ومتخصصة. نشرت في هذه السلسلة مثلًا الأستاذة في جامعة كارولاينا الشمالية نادية يعقوب ذات الأصل الفلسطيني، دراسةً عن الشعر الشفاهي في الأعراس الفلسطينية. وفيها نشر أيضًا الأستاذ العراقي في جامعة دارتموث الأميركية الدكتور حسين كاظم، دراسته حول الكفاح ضدّ الاستعمار في القصيدة العربية.
-هل تعتمد دار بريل في ما يخصّ نشر كتب الثقافة العربية على آراء كتاب وباحثين عرب؟ وما معايير اختيارهم، هل هم دائمًا من الأكاديميين؟
نعم، بطبيعة الحال نهتمّ بآراء الباحثين والكتّاب العرب في ما يخصّ الكتب عن الثقافة العربية. نحن نريد دائمًا أن تكون منشوراتنا بأعلى مستوى من الجودة، ولذا فإننا نريد التعامل مع أفضل المختصّين في المجال. وبما أننا دار نشر علمية، فإننا ننشر فقط الأعمال التي تلبي معايير البحث العلمي. لذلك يجب أن تخضع كل منشوراتنا لعملية مراجعة من قبل مختصّين كي يحظى كل ما ننشره بصدقيّة عالية في العالم الأكاديمي.
في الأصل، نحن لا ننظر إلى جنسية الباحث أو انتمائه الديني أو العرقي. ففي عملي أوّلا وقبل كل شيء، ننظر إلى ما إذا كان العمل المعني يناسب أحد مجالات النشر المختلفة التي نضمّها. ثمّ بعد ذلك ننظر إلى الجودة العلمية للعمل. ومن البدهي أنه في مجال الدراسات الشرق أوسطية والدراسات الإسلامية، يوجد مؤلّفون عرب ومسلمون كثيرون. وقد شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا كبيرًا في أعدادهم بسبب "السدّ التدريجي" للاختلافات الثقافية واللغوية بين عالمين؛ الشرق والغرب، كانا منفصلين عن بعضهما سابقًا، وأتوقع أن الأمور ستتواصل في اتجاه هذا الازدياد.
- تبدو دار بريل مواكبة لمتطلبات السوق، فهي مستمرة منذ أكثر من 330 عامًا، بتزويد "سوق البحث العلمي" إن صحّ التعبير بحاجاته المختلفة، توحي بعض الكتب الصادرة عنها بجرأة في نشر كتب قد لا تجد من يشتريها، خاصّة أن كتب بريل مرتفعة الثمن، كيف تتعامل الدار مع "السوق"؟
بريل بطبيعة الحال شركة خاصّة، وليست في غنى عن السوق. نحن نعمل في مجال متخصّص جدًا، وبالتالي فإن عدد النسخ التي نبيعها محدودة. لكن زبائننا الرئيسيين هم المكتبات والمؤسسات، لا الأفراد، لذا فإن أسعار منشوراتنا قد تكون مرتفعة بعض الشيء للأفراد. ومن أجل هذا الأمر بالذات، قمنا مؤخرًا بإنشاء برنامج خاصّ لبيع الكتب بأسعار مناسبة جدّا للأفراد.
فإن كان لدى المؤسسة أو المكتبة، اشتراك عندنا، فبإمكان الأفراد العاملين فيها اقتناء كتبنا بسعر ثابت €25/$25. لدينا أيضًا عروض خاصّة للأفراد من أجل الاشتراك في منشوراتنا الإلكترونية.
تأسّست بريل منذ البداية كشركة خاصّة، وكانت تريد تلبية احتياجات النشر لجامعة ليدن، لكنها لم تكن أبدًا جزءًا من الجامعة، ولم تكن في أي وقت من الأوقات مؤسسة عامّة. في البداية كانت الدار/ الشركة عبارة عن غرفة لإعداد المؤلفات وتهيئتها وطباعتها، بالإضافة إلى مكتبة تجارية، أما اليوم فـ "بقي" لدينا دار نشر مزدهرة. منذ زمن طويل كانت بريل ناشرًا دوليًا مهمّا. ففي أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، قدِم مؤلّفون ومحررون ومحقّقون من كافة أرجاء المعمورة كي يعملوا لدى الشركة في ليدن. وخلال السنوات الخمسين الماضية بنينا علاقات عمل قوية مع أهمّ مراكز البحث العلمي في العالم.
- أيضا بريل تواكب النشر الإلكتروني، تقريبا يتوفر لكل كتاب ودورية نسختين ورقية وإلكترونية، كما لو أن الصراع – الشعار الذي يطرح بقوة عن أفضلية الإلكتروني على الورقي، لا يؤثر في قرار الدار باستمرار النشر بطريقتين، كيف تنظر الدار إلى هاتين الطريقتين؟ هل تحابي الإلكتروني مثلا أم الورقي، وهل سوف تستمر بالنشر وفق الطريقتين إلى أن يسود الإلكتروني مثلا؟
العبرة في محتوى المنشورات، فالجزء الكبير من العمل يرتكز على إعداد المحتوى. النشر في نهاية المطاف، يتمّ وفقًا لمتطلبات السوق. للمنشورات الإلكترونية بعض المزايا، إذ من الممكن مثلًا البحث في محتواها بسهولة. لكن الكثير من الناس لا يزالون يفضلون النسخ الورقية بسبب ميزتها في تقديم قراءة مريحة. في الفترة الأخيرة، لاحظنا وجود تطوّرات مهمّة في النشر الورقي، أدّت إلى وجود ما يسمّى الطباعة وفقًا للطلب، وذلك من أجل تفادي النسخ المكدّسة والمخزّنة. نحاول باستمرار مواكبة متطلبات السوق والاستجابة لها. ولكن حسب تقديري الخاص، فإن الكتاب الورقي لن يختفي في المدى القريب.
- ما عدد الدوريات العلمية المحكمة التي تنشرها بريل؟ وهل تتدخل الدار في اختيار هيئة تحرير الدوريات العلمية، مثلا اليوم الدكتور العراقي محسن جاسم الموسوي هو رئيس تحرير دورية جورنال أوف أرابيك ليتيراتور.
ننشر حاليًا حوالي مئتي دورية علمية محكّمة في شتّى المجالات. في بعض الأحيان، تبادر بريل لإنشاء دورية، وفي أحيان أخرى تأتي المبادرة من واحد أو أكثر من الأكاديميين. وثمّة أيضًا طرق أخرى للحصول على الدوريات، مثل اقتنائها من دور نشر أخرى، أو من خلال اقتناء دور نشر تملك حقوق نشرها. المهم بالنسبة لنا، أن تكون لجنة الإشراف على الدورية، مؤلّفة من أكاديميين لهم وزنهم في مجالهم العلمي ويحظون بالاحترام. عندما تبادر بريل لإنشاء دورية، فإنها تبادر أيضًا في اختيار بعض أعضاء هيئة التحرير. ومن طبيعة الأمور، أن يتغيّر أعضاء اللجان المشرفة على الدوريّات ومحرريها، فهناك من يتقاعد وهناك من يفارق الحياة أو قد يرغب المحررون أحيانًا في توسيع لجنة التحرير لينضمّ إليها مزيد من المختصّين. حينها يتمّ البحث عن أساتذة مختصّين جدّد لينضموا إلى لجنة التحرير، وقد يكونوا عربًا حسب اختصاصهم وثقلهم العلمي. ولاحظنا في السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في أعداد الباحثين العرب من المحررين والمؤلفين.
- توحي الأمور بأن لدى الدار باحثين أو مستشارين يتابعون الأكاديميات والجامعات والمنشورات، كيف علاقة الدار بالأكاديمية والجامعة عامة؟
علاقاتنا مع العالم الأكاديمي ممتازة، نحن نعمل بشكل حصري مع الباحثين الأكاديميين والجامعيين. الأكاديميون هم من يؤلّف لنا، وهم من يشرف على مشاريعنا وهم من نلجأ إليهم ونستشيرهم. في نهاية الأمر، فإن المؤسسات الأكاديمية مثل المكتبات الجامعية ومعاهد البحث والدراسات، هي الجهات التي تقتني "منتوجاتنا". نتعامل مع العالم الأكاديمي بصورة مستمرة لا تتوقف. لقد اشتغلنا على بناء علاقات ممتازة مع العالم الأكاديمي والجامعات ومعاهد الدراسات لمئات السنين منذ أن وُجدت الشركة، ونحن نحاول المحافظة على هذه العلاقات وتعزيزها توسيعها.
دار نشر بريل معروفة جدًا في الأوساط الأكاديمية في مجال العلوم الإنسانية، وتحظى بالكثير من الاحترام، الأمر الذي نريد أن نحافظ عليه. ندرك جيدًا أن وجودنا يتعلّق بعلاقاتنا بالأوساط الأكاديمية والجامعية.