في وقت تتزايد فيه فاتورة الحرب في اليمن، والإنفاق العسكري للرياض، وتهرّب الاستثمارات من السعودية بسبب المخاطر الجيوسياسية التي تحاصر البلاد، يتراجع النمو الاقتصادي للمملكة، في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي، وذلك حسب البيانات الرسمية الحكومية التي نشرتها وكالة رويترز، اليوم الأحد.
ويقترب نمو الربع الأول من العام 2019 مثلي المعدل المحقق في الفترة ذاتها قبل عام، لكنه تباطؤ كبير عن الربع السابق، عندما نما القطاع النفطي نحو ستة بالمائة على أساس سنوي.
وحسب الأرقام الرسمية الصادرة اليوم، فقد نما الاقتصاد السعودي بنسبة 1.66 بالمائة في الربع الأول من العام، في تحسّن متواضع كان متوقعاً مع تأثير ارتفاع الأسعار النفطية، بسبب خفض الإنتاج الذي أقرته منظمة "أوبك" مع روسيا.
كما أظهرت البيانات الحكومية نمو القطاع النفطي السعودي واحداً بالمائة فقط في الربع الأول من 2019. ويلاحظ أن أسعار النفط ارتفعت في الأسواق العالمية، بسبب التوتر الجاري بين إيران وأميركا، وما صحب ذلك من هجمات على الحاويات النفطية السعودية.
غير أن محللين يرون أن الدخل الصافي السعودي من مبيعات النفط سوف يتأثر سلباً، خلال الربع الثاني وطوال هذا العام، بسبب ارتفاع كلف التأمين على الناقلات النفطية وكلف التأمين على شحنات الخامات نفسها.
يذكر أن مؤسسة "لويدز العالمية للتأمين" كانت قد رفعت، الشهر الماضي، من سعر التأمين على السفن العابرة لخليج هرمز، على خلفية التوتر بين واشنطن وطهران.
ومن المتوقع أن ينال هذا الخفض من نمو القطاع النفطي السعودي هذا العام، في حين من المرجح أن يتسارع نمو القطاع غير النفطي قليلاً، على خلفية تعزز الإنفاق الحكومي.
ويبلغ نمو القطاع غير النفطي في الربع الأول 2.13 بالمائة، متماشيا بدرجة كبيرة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، ومتسارعاً من 1.8 بالمائة في الربع الأخير من العام الماضي.
ويعاني الاقتصاد السعودي في السنوات الأخيرة من كلف الحرب في اليمن، والاضطرابات الجيوسياسية في منطقة الخليج، وكذلك بسبب تراجع أسعار النفط، وإجراءات التقشف التي ضربت الإنفاق.
وبسبب السرية السعودية في نشر البيانات الرسمية حول كلف الحرب التي تتزايد بعجلة متسارعة خلال العام الجاري مع تكثيف مليشيا الحوثي هجماتهم على المملكة، فإن البيانات جاءت متضاربة.
وفي 2017، انكمش الاقتصاد للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية قبل نحو عشر سنوات، لكنه نما بنسبة 2.21 بالمائة العام الماضي، مدعوماً بنمو أسعار النفط.
لكن صندوق النقد الدولي لاحظ في تقريره العام الماضي انكماش القطاع غير النفطي، وهو ما يعني ضربة قوية لخطة تنويع مصادر الدخل التي استهدفها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.